سياسة

ترسيم الحدود البحرية… العودة إلى الخطوط الأولى

العودة للخط 29 دون التخلي عن خط "قانا"! .. واجتماع للوفد المفاوض لتثبيت الحقوق

بعد 4 أشهر من التوقف، شغلها الداخل اللّبناني  بالتجاذب حول “تعديل المرسوم 6433” من الجانب اللّبناني، وفي مقابلها “الخطّ الأحمر” أو “الخطّ 310” من قبل الإسرائيليّين، تستعدّ النّاقورة لاستئناف جلسات المفاوضات غير المباشرة بين الوفدين اللّبناني  والإسرائيليّ حول ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلّة يوم الثلاثاء.

إذًا المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي ستستأنف الثلاثاء في 4 أيار الجاري بحضور الوسيط الأميركي جون ديروشير من دون أي تعديل على مبدأ التفاوض الذي انطلق منه الوفد العسكري التقني اللّبناني  باعتبار أنّ من حق لبنان الترسيم على أساس الخط 29، علمًا أن موقف الوفد اللّبناني في ما يتصل بمساحة الحدود على حاله من دون أي تغيير.

أعضاء الوفد المفاوض عقدوا اجتماعًا تحضيريًا في عطلة الأسبوع، ووفق معلومات “أحوال” فإنّ النقاش قارب كل السيناريوهات، التي يمكن أن يضعها الوفد الإسرائيلي على الطاولة وكيفية الرد عليها. وثبّت الاجتماع التمسّك بالخط 29 كخط تفاوضي لتحصيل حقّ لبنان بما يتجاوز الـ 860 كلم مربعًا.

الوفد اللّبناني  لديه كل الخرائط والمحاضر والمعطيات العلمية التي تضمن حق لبنان. وبحسب المصادر، إن شؤون التفاوض ستعود إلى حيث توقفت، يبقى أن تقاعس لبنان عن القيام بتسجيل الاعتراض رسميًا على التنقيب الإسرائيلي، وذهابه إلى التناحر الداخلي بين الصلاحيات القانونية والدستورية وتسجيل النقاط على خلفية المرسوم 6433 الذي لم يوقع.

الوفد الحالي العسكري التقني برئاسة العميد بسام ياسين، والأعضاء العقيد البحري مازن بصبوص، ورئيس هيئة قطاع البترول وسام شباط، والخبير نجيب مسيحي، يستمر في مهمته الوطنية الشائكة إذًا، بحسب مصادر مطلعة. ويحمل الوفد إلى طاولة الناقورة الخرائط والإحداثيات التي تنطلق من الخط 29، دون إدخال أي تعديل عليه.

السير وفق الخطة المرسومة ضمن اتفاق الإطار، الذي حدّده الرئيس نبيه بري، والتزام وفد الاحتلال المفاوض بحق لبنان في البلوك 9 و10 المحتويان على ثروة حقيقية من النفط والغاز بعدما جاءت نتيجة الحفر في البلوك رقم 4 مخيبة للآمال، هي جلّ ما يتمناه عضو كتلة التنمية والتحرير النيابية محمد خواجة. خواجة الذي يعتبر أن “أمامنا سنوات كي نستفيد من ثروتنا النفطية. من هنا “وجب الإسراع في عملية ترسيم والاستفادة من البلوكات 9 و10، لأنّ ما يحتويانه من ثروات نفط وغاز تنتشل لبنان من أزمته الاقتصادية”، يقول خواجة مبديًا “ثقة تامة في الوفد العسكري المفاوض الذي أثبت قدرة عالية في إدارة الجولة الأولى من المفاوضات”.

الأميركيّون، من خلال الزيارة الأخيرة لوكيل الخارجيّة الأميركيّة للشؤون السّياسيّة ديفيد هيل، رسموا خط مضامين جلسات التفاوض المنتظرة، سواء التي تنعقد يوم الثلاثاء أو ما يليها. والخط العريض للجلسة هي الالتزام بعدم تعديل المرسوم 6433 بشكلٍ رسميّ، فيما يتخلّى الوفد الإسرائيلي عن “الخط الأحمر” الممتد شمالًا، الذي أخرجته منذ أسبوع وزارة الطاقة الإسرائيلية ردًا على الجانب اللّبناني.

العدول عن توقيع التعديل، هو “الموقف المرن”، الذي بنى الجانب الأميركي برنامج العودة إلى طاولة المفاوضات.

ترغب الولايات المتحدة في حلّ النزاع، بعد دخول سباق النفط والغاز مراحل حامية، واستثمار روسيا في الحقول السورية على الحدود الشمالية للبنان، وأيضًا تلبيةً لرغبة إسرائيل في إنجاز عمليات التنقيب التي بدأت في قسم منها أصلًا.

ومن عوامل الدفع لإنجاز ملف ترسيم الحدود هو، خشية واشنطن من دخول روسيا إلى استثمار الحقول اللّبنانية لتكون امتدادًا لعملها في الحقول الغازية السورية سرّع من رغبتها باستئناف المفاوضات بحسب مراقبين. ويبدو أنّ طلب رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري خلال زيارته موسكو قد تضمنت طلب مساعدات اقتصادية من بينها مسألة التنقيب عن الغاز واستثمار الشركات الروسية، قد وصلت مسامع واشنطن.

يبقى الانقسام الداخلي الكبير، الذي شغل اللّبنانيين في الفترة الفاصلة، بشأن ملف الترسيم، خاصة في ما يتعلّق بتوقيع المرسوم 6433 الذي يثبّت حق لبنان بمساحة 1430 كيلومترًا مربعًا إضافية عن المنطقة المتنازع عليها (860 كيلومترًا مربعًا)، واستخدامه في التجاذبات السياسية، كانت الورقة الصلبة التي تقوي الموقف اللّبناني. لكنّها ضاعت أو وضعت في الأدراج، ورغم التوقيع عليها من قبل الوزراء المعنيين بالملف، الدفاع والأشغال ورئيس الحكومة حسان دياب، رفض الرئيس عون توقيعه بشكل مشترطًا ربطها باشتراط الوزراء موافقة مجلس الوزراء مجتمعًا.

ترفض مصادر مقربة من بعبدا تفسير موقف رئيس الجمهورية، بوضعه في “بازار الابتزاز مع الأميركي لمكاسب فئوية” بل يأتي حصرًا في إطار “مراعاة الأصول القانونية والدستورية”.

وعليه يلتقي رئيس الجمهورية الوفد المفاوض، اليوم الاثنين، قبل ساعات من انعقاد جلسة التفاوض الجديدة للتأكيد على موقف لبنان من نيل حقوقه كاملة.

وهو سيؤكد للوفد، الذي كان يطلب توقيع عون على تعديل المرسوم 6433، أن مسألة توقيعه لم يفت أوانها بعد ولكن بعد توافر التوافق الوطني على اجتماع السلطة التنفيذية أي مجلس الوزراء.

بين تأكيد الرئيس بعد التخلي عن شبر واحد من المياه، ولا حتى كأس ماء. والضغوط الأميركية للتخلي عن مطالب إضافية: هل تخلّى لبنان عما سُميّ بخط “قانا” نسبة إلى المكمن النفطي المُحتمل الذي اُطلق عليه هذه التسمية والذي يؤمن حصول لبنان على 1300 كلم مربع من حقوقه المشروعة التي تصل إلى النقطة 29، كما أثبتها الفريق التقني التابع للجيش اللّبناني  على أنها من حقّ لبنان الواضح والمشروع؟ سؤال يستدرج أسئلة معلّقة على ما ستُسفر عنه جلسات التفاوض….

 

رانيا برو

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى