منوعات

هل لدى الحريري خطّة لإنقاذ الوطن؟

يعيش لبنان مرحلة دقيقة جدًا، تحتّم على جميع القوى السياسية تقديم كل ما يلزم من أجل إنقاذ ما تبقى بعد الإنهيارات المتعدّدة على المستوى المالي، الإقتصادي والإجتماعي.

يسعى الرئيس المكلّف سعد الحريري اليوم إلى تشكيل حكومة لإنقاذ البلد، ولكن حقيقة الواقع تُشير إلى أن الحريري يسعى لتشكيل حكومة تتناسب فقط مع طروحاته، التي يبدو أنها تتضمّن أبعادًا متعدّدة على الشكل التالي:

أولًا: يسعى الرئيس المكلف إلى إرضاء أطراف خارجية بالرغم من تكراره مقولة “عدم سعيه لإرضاء أي طرف”، ولكن مجرّد وضعه أي شرط يتناسب مع أي طرح خارجي، فهذا يعني أن طروحاته باتت في مكانٍ آخر وأن كل الحجج غير المقنعة في عدم إرضائه لأي طرف خارجي تسقط مع مرور الزمن الذي يثبت عكس ما يقوله الرئيس المكلف.

ثانيًا: قدّم الرئيس المكلّف الكثير من الخطابات حول قدراته الإنقاذية، ولكن لم يقدّم حتى يومنا هذا أي خطة عمل إنقاذية متذرعًا بالدعم الخارجي، فمؤتمرات باريس برمّتها منذ العام 2001 حتى يومنا هذا، لم تقدّم للوطن سوى المزيد من الإفلاس بسبب عدم وجود خطط علمية.

ثالثًا: يدفع المواطن اللبناني ضريبة خلافات ضيّقة بين الرئيس المكلف من جهة و”التيار الوطني الحر” من جهة أخرى، وكأن المواطن اليوم بات رهينة “مزاجية” التأليف وعقد التوقيع الدستورية، ممزوجة بحقوق المسيحيين المزعومة لدى الأطراف المتناحرة.

رابعًا: تجربة لبنان مع “الحريرية السياسية” شبيهة جدًا بتجربة المواطن اللبناني مع قصص “التيار الوطني الحر” و”وزارة الطاقة” المقطوعة عن المواطن منذ عشرات السنين، فلا “الحريرية السياسية” قدّمت هنا ولا “التيار الوطني الحر” قدّم هناك، والمواطن اليوم يعيش بين صراعهما هنا وهناك.

اليوم، لو يعمل الرئيس المكلّف سعد الحريري على تقديم خطّة إنقاذية مباشرة على الهواء، يشرح من خلالها كيفية إنقاذه للواقع اللبناني، قد يحصل على زخمٍ وطنيّ أقوى لمواجهة أزماته مع رئاسة الجمهورية، فقبل تشكيله للحكومة عليه أن يُقدّم خطّة تتضمّن أجوبة علمية على النقاط التالية:

أولًا: ما هي خطّته التي سيعمل عليها مع حاكم مصرف لبنان نظرًا لإنهيار الليرة، خصوصًا أن انهيار الليرة مرتبط إقليميًا بالضغوطات الأمريكية على الدولار في الداخل اللبناني؟

ثانيًا: ما هو طرحه المنطقي والزمني لملف الكهرباء؟

ثالثًا: ما هي الحلول التي يمتلكها من أجل تثبيت الإستقرار الإجتماعي في ظلّ الإنهيار؟ وهل لديه خطّة عمّا يُطرح اليوم حول البطاقة التموينية؟ وما هي رؤيته لموضوع الدعم وكيفية ترشيده قبل الإنزلاق في المحظور؟

رابعًا: ما هي خطّته من أجل “رصّ صفوف” الإنهيار الذي ضرب معاشات المؤسّسات الأمنية؟

خامسًا: ما هي رؤيته لإعادة إعمار مرفأ بيروت؟ أو أنه سيأتي لنا بفريق إستثماري بالتوافق والتراضي من أجل بناء ثروة جديدة شبيهة بـ”سوليدير”؟

أسئلة جوهرية ومتعدّدة، على الرئيس المكلّف التفكير بها وتقديم أجوبتها للبنانيين في أسرع وقت ممكن، لأن الواقعية السياسية تُنذر بأن الحريري يسعى ليشكّل حكومته فقط، ولكنّ الإنقاذ غير ملموس ولا يمكن علميًا الإقتناع بأن الحريري هو من ينقذ الواقع اللبناني، فما ينقذه اليوم هي “الرؤية العلمية” وليس “الرؤية الشخصية”.

زكريا حمودان

زكريا حمودان

كاتب وباحث لبناني. يحمل شهادة الدكتوراه في الهندسة الصناعية من جامعة بلفور مونبليار للتكنولوجيا في فرنسا. مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والإحصاء. رئيس التجمع الوطني للتنمية ونشر الديمقراطية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى