منوعات

هذه هي السيناريوهات المتاحة للأكثرية النيابية خلال الاستشارات الملزمة

هل تكون الثالثة ثابتة؟

عام 2011، تمكّن فريق 8 آذار الذي كان أقلية يومها في المجلس النيابي من تسمية نجيب ميقاتي رئيسا لحكومة “الفريق الواحد” بعد انقلاب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط على فريق 14 آذار، فكانت تجربة فاشلة بكل المقاييس، اذ اتضّح يومها أن ميقاتي حريص على مصالح قوى 14 آذار أكثر من حرص الأخيرة على مصالحها، فلم يتّخذ قرارا واحدا يلبّي مشروع “8 آذار”، وكان تمسكه بالتمديد للواء أشرف ريفي السبب الرئيسي لاستقالته، ولكن هذا الفشل لم يمنع هذا الفريق من تكرار التجربة عام 2020 بحكومة حسان دياب.
مرّة جديدة تمكّن فريق 8 آذار لوحده من تسمية رئيس للحكومة، والإتيان بتشكيلة خالية بشكل عام من مشاركة قوى 14 آذار، ورغم ذلك لم تتمكن الحكومة من تحقيق مشروع “التوجه شرقا”، ولم تتمكن من التواصل مع الدول العربية والغربية، فوقعت في عزلة، أدت الى توجه رئيسها، بناء على رأي مستشاره الوزير، الى تبنّي المطلب السياسي الأبرز لقوى 14 آذار، وهو الانتخابات النيابية المبكرة، فأسقطت.
اليوم نحن أمام امتحان استشارات نيابية ملزمة جديدة، ولا يوجد أي توافق بين الأطراف السياسية على إسم الرئيس المكلف، ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري أعلن انسحابه من السباق، ما يجعل الأكثرية النيابية أمام السيناريوهات التالية بحسب مصادر سياسية بارزة:
السيناريو الأول هو الإلتزام بتسمية من تختاره كتلة “المستقبل” في الإستشارات النيابية الملزمة، إلا أن ذلك يفترض عدم تكرار كتلة الحريري لموقفها خلال الإستشارات السابقة، بالامتناع عن التسمية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: “ماذا لو كان الإسم المقترح لا يحظى بموافقة هذه القوى، كالسفير السابق نواف سلام؟”، بالإضافة إلى ذلك من الضروري البحث حول ما إذا كان يكفي فقط الإتفاق على إسم رئيس الحكومة من دون برنامج العمل.
السيناريو الثاني هو الذهاب إلى تسمية شخصية سنية يتم الإتفاق عليها بين قوى 8 آذار و”التيار الوطني الحر” من دون الإتفاق مع الحريري، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام تكرار تجربة حكومة نجيب ميقاتي الثانية 2011 وحكومة حسان دياب في العام 2020، في حين أن الظروف الحالية في البلاد قد لا تسمح بذلك، لا سيما مع دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته الماضية إلى بيروت، إلى الذهاب إلى ما يشبه حكومة الوحدة الوطنية أو لمّ الشمل، وبالتالي سيكون هذا السيناريو بمثابة ضربة قاضية لمشروع قوى 8 آذار، لأن حكومة يقودها هذا الفريق لوحده لن تنال الرضى الدولي المطلوب، وبالتالي سيكون مصيرها مشابها لمصير من سبقها.
السيناريو الثالث هو الذهاب إلى تسمية رئيس حكومة مكلف يحظى بثقة هذا الفريق، دون أن ينتمي إليه أو حتى يكون مقرّبا منه، وأن يُترك له هامشا واسعا من الحريّة في إختيار تركيبته الحكومية، لتكون حكومة جديدة بالشكل والمضمون، ويمكن أن تنال الغطاء الداخلي والخارجي، أي تكرار تجربة حسان دياب في التسمية مع الإبتعاد عن تكرار تجربة التأليف التي حصلت معه، حين برز الصراع على الحصص بين أفرقاء هذا الفريق، إلا أن هذا السيناريو أيضاً تواجهه بعض العوائق، أبرزها هو أن قوى الثامن من آذار غير متحسمة لتكرار تجربة التكنوقراط بشكل كامل، وتفضل حكومة تكنوسياسية.
هذه السيناريوهات المطروحة على طاولة بحث الأكثرية النيابية، بحال أُجريت الاستشارات قبل عودة ماكرون الى لبنان، خصوصا أن هناك من ينصح الرئيس ميشال عون بالتريث لما بعد زيارة الرئيس الفرنسي علّها تحمل حلّا ما للمعضلة الحكومية.

محمد علوش

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى