منوعات

هل يمسك الجيش قرار لبنان… ولماذا هذا الطرح الآن؟

توحي كلُّ المُعطيات الداخلية أنّ لبنان مقبلٌ على فوضى في الأشهر الآتية. لا يتعلق الأمر بقرار سياسي ستتّخذه قوى أو تكتلات أو أحزاب محلية، ولا عواصم خارجية، بل إنّ تلك الفوضى المُحتملة ستكون نتيجة تخبطٍ لبناني بسبب صعوبات معيشية واقتصادية تؤدي إلى وقف الدعم المالي عن البضائع والمواد الغذائية والحاجيات في الأسابيع المقبلة.

كان يُنتَظر تأليفُ حكومة تضع برنامج “الخلاص” عبر إجراءات وإصلاحات تجذب مؤازرة المجتمع الدولي لبيروت، لكنَّ التباينَ السياسي أطاح بأيّ مشروع تسووي داخلي، وخصوصًا ما كان طرحه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مبادرة لا غالب ولا مغلوب، كما نسف النزاعُ القائمُ المبادرةَ الفرنسية، فوقفت باريس عاجزة لا تقدر على دفعها ولا ترجمة بنودها، رغم كلّ التهديد أو الترغيب الذي تطلّ به بين فترة وأخرى.

ماذا لو تمّ اتّخاذُ قرارِ رفع الدعم بالكامل لعدم وجود أموال تكفي لتغطية المطلوب؟ هو عنوان مطروح حاليًا، وقد نصل إليه خلال بضعة أسابيع. عندها لن يستطيع المواطن اللّبناني أن يؤمّن أبسط متطلّبات الحياة: مثلًا، لن يقدر ربّ العائلة على شراء حاجات أطفاله الغذائية. ولن يستطيع سائق السيارة شراء صفيحة البنزين. ستتأثر كلّ دورة البلاد برفع الدعم، ويجد اللّبنانيون أنفسهم عاجزين ومحاصرين من دون تسجيل أيّ خطوة سياسية على طريق الخلاص. عندها، من يضمن أن يبقى البلد مستقرًّا؟ من يستطيع أن يفرض سيناريو ضبط الساحة اللّبنانية على مساحة الوطن؟.

لذا، أطلّ إقتراح أن يمسك الجيش زمام المبادرة، عبر حكومة عسكرية في فترة انتقالية. لم يأتِ طرح نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي من فراغ، بل سبقته مؤشرات اليأس المحلّي والدّولي من فرض حلول لبنانية.

 

لماذا الجيش؟

أوّلًا، لأنّ المؤسسة العسكرية قادرة على فرض الانضباط بقوّة الاحترام للجيش، والثقة بالقيادة الحالية، والتقدير للعسكريين.

ثانيًا، يطمئنّ اللّبنانيون بأنّ الجيش غير منحاز لفئة دون أخرى، ولا هو يمارس سياسة نكايات أو فرض مصالح خاصة، مما يُعطي المؤسسة العسكرية دفعًا وطنيًا لا يتوافر لأحد في هذه المرحلة.

ثالثًا، إذا كان الخيار بين الفوضى أو الجيش، سيختار كلّ اللّبنانيين المؤسسة العسكرية من دون أيّ نقاش.

رابعًا، تحظى قيادة الجيش بتقدير واحترام عواصم العالم القريبة والبعيدة، ممّا يعزّز من سيناريو الدعم الخارجي لعدم غرق لبنان.

خامسًا، إذا كان المتّهمون بانضباط الإقليم باركوا خطوات الجيش المصري بكلّ اتجاه، وأيّدوا خيار الجيش الأردني لإنهاء الفتنة في المملكة الهاشمية، ووجدوا في الحفاظ على الجيش السوري أولوية، ودعموا الجيش اللّبناني في كل مراحله، فهذا يعني أنّ تعزيز أدوار الجيوش يهدف لإمساكهم زمام الأمور وعدم ترك البلاد تتفلّت أمنيًا وتتخبط في أزماتها القاتلة.

من هنا، فإنّ طرح تدخّل الجيش لمنع الانهيار الكامل في لبنان هو خيار تردّد في عواصم معنية بلبنان، فهل يحصل بعد الفوضى المحتملة أم يستبق أيّ عبث قادم إلينا؟.

 

عباس ضاهر

عباس ضاهر

كاتب وصحافي لبناني. باحث متخصص بإدارة الأزمات والخطاب السياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى