حقوق

هل يتم عزل القاضية عون من منصبها؟

تتجه الأنظار إلى ما يحصل في أروقة القضاء اللّبناني بعد انتشار أخبار تتحدّث عن احتمال عزل النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون من منصبها، وذلك بعد قرار مجلس القضاء الأعلى الطلب من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ومن رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، اتخاذ الإجراءات بحق عون، وذلك ضمن اختصاص كل منهما.

قرار مجلس القضاء الأعلى بحق القاضية عون جاء بعد أن دُعيت إلى النيابة العامة التمييزية أكثر من مرة ولم تحضر، فضلاً عن تعدد الشكاوى في وجهها والمتعلقة بمجمل نطاق عملها القضائي، وآخرها دعوى القدح والذم المقدمة ضدها من قبل رئيس مجلس إدارة مصرف سوسيسته جنرال أنطون صحناوي، بالإضافة إلى عدّة قرارات مثيرة اتخذتها عون وأبرزها الادّعاء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بجرائم تبييض الأموال والإخلال الوظيفي والتحويلات المصرفية.

مصدر بارز في وزارة العدل يؤكد لـ”أحوال”، أن “ما تقوم به غادة عون يتطلب جرأة كبيرة قد لا نجدها في غالبية القضاة، فلم يسبق أن شهد القضاء اللّبناني قرارات جريئة كالتي اتخذتها عون في العديد من الملفات”.

يُذكر أنّ عدة أطراف سياسية تتهم عون بأنّها تقارب ملفاتها من منطلق انتماءاتها الحزبية، ومراعاة لمرجعيتها السياسية التي عينتها في هذا المنصب”، في هذا الإطار يعلّق المصدر: “ما من أحدٍ معصوم عن الخطأ، ومن لا يعمل لا يُخطأ، لكن لا يحق لها أن تنعي القضاء وتزعزع ثقة الناس به، بل عليها مواصلة العمل على ملفاتها دون اللّجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي”.

وعن قرار مجلس القضاء الأعلى باتخاذ إجراءات صارمة بحق عون بناءً على دعوى رئيس مجلس إدارة بنك “سوسيتيه جنرال” انطون صحناوي، يقول مرجع قضائي بارز لـ”أحوال”، أنه “سندًا لأحكام المادة 346 أ م ج، إذا أسندت الجنحة إلى أحد رؤساء غرف الاستئناف أو إلى النائب العام لدى محكمة الاستئناف أو النائب العام المالي أو مفوض الحكومة أو إلى أحد قضاة محكمة التمييز أو أحد أعضاء النيابة العامة لديها أو إلى قاضي التحقيق الأوّل فتلاحقه النيابة العامة التمييزية تلقائيًا، أو بناءً على شكوى المتضرر، وتقام الدعوى أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز”.

ويقول المصدر: “تنص المادة 352 أ م ج فقرة 2، أنّه لا يحق للمتضرر من فعل جرمي مستند إلى قاض أن يتقدم بادّعاء مباشر يحرك بموجبه دعوی الحق العام”.

ويضيف “يتبين من هذه النصوص أنّ المرجع الوحيد الصالح للنظر في جرائم القضاة (وهي بالتاکید غیر حاصلة في الدعوى الراهنة) هي الهيئة العامة لمحكمة التمييز سندًا للمادة 346 أ.م.ج بالنسبة للقضاة المعددين في هذه المادة، فالنائب العام التمييزي يتولى وظيفة الادّعاء العام واستعمال الدعوى العامة فقط، وبالتالي لا يسعه استدعاء قاض على خلفية شكوى تقدم بها مشتبه به لا يمكنه تحريك الدعوى العامة أصلاً، إنّما يمكنه في حال وجد أن هناك جرمًا أن يدّعي أمام الهيئة العامة لدى محكمة التمييز، وبالتالي فإنّ دعوى صحناوي مردودة شكلاً، فضلاً عن عدم وجود أيّ جرم في هذه الشكوى الافترائية، فالنائب العام لا يمكن أن يُلاحق من أيّ شخص خاصة اذا كان هذا الشخص مشتبه به، على خلفية قيامه بأبسط واجباته في الملاحقة وتعقب الجريمة”.

ويعتبر أن “ما يضعف القضاة ويُهددهم هو تطبيق المادة 95 من قانون تنظيم القضاء العدلي، والتي تسمح بطرد قاض من عمله من دون محاكمة، ومن دون مجال للطعن”.

ويلفت المرجع القضائي إلى أنّ “ما يُعزز مشاعر القلق لدى القضاة، هو أنّ الجهاز الذي يقرّر الطرد هو مجلس القضاء الأعلى المعين في غالبيته وفق قواعد المحسوبية، وهذا ما يسمح باستباحة القضاة ويؤدي إلى انهيار استقلاليتهم”.

من جهة أخرى، وتعليقًا على احتمال عزل القاضية غادة عون من منصبها، علّق نائب في تكتل “لبنان القوي” روجيه عازار بالقول: “ما حدا بيعزلها، طمنو بالكن”، مؤكدًا أن “عون تدفع ضريبة مواجهة المافيا المتحكمة بالبلاد، وكانت محقة حين نعت دولة القانون، بعد منعها من محاسبة الفاسدين والسارقين”.

 

محمد المدني

 

محمد مدني

صحافي لبناني. يحمل شهادة الإجازة في الصحافة من الجامعة اللبنانية الدولية. عمل في عدد من الصحف والمواقع الأخبارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى