منوعات

لغز الخرائط اللبنانية في ملف ترسيم الحدود

هناك أسئلة كثيرة قانونية وسياسية ترتبط بقضية التواقيع على مرسوم ترسيم الحدود، ووجوب انعقاد حكومة تصريف الأعمال أو عدمه ودور المبعوث الأميركي دايفيد هيل وزيارته في هذا التوقيت. هذا كلّه فوق الطاولة، أمّا تحتها فثمة بحث متواصل، منذ تقديم الوفد اللبناني المفاوض لخرائطه، عن خلفية وآفاق تقديم هذه الخرائط بالذات. وتشير التفاصيل إلى نقطتين أساسيتين هنا:

  1. قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون يُعتبر من أكثر الشخصيات الموثوقة أميركياً، وكذلك رئيس الوفد العسكري المفاوض مع إسرائيل؛ في ظل حرص قيادة الجيش على أن يكون لها الكلمة الفصل في قرارات الوفد، عند تشكيله. وبالتالي، لماذا آثر قائد الجيش الدفع باتجاه هذه الخرائط المستفزة في الشكل حتى الآن لكل من إسرائيل والولايات المتحدة؟

علماً أنّ علاقة قائد الجيش مع الأميركيين لم تتراجع أو تتزعزع بعيد تقديم الوفد العسكري للخرائط اللبنانية، لا بل توطدت علاقة القائد والسفارة أكثر فأكثر خلال الشهور القليلة الماضية. ولم يبرز ما يظهر أنّ هناك أي إعادة نظر أميركية أو عتب “على قدر المحبة”.

  1. حتى ولو كان ثمة ضغوط لبنانية عليا، سواء من رئيس الجمهورية أو من حزب الله للسير بهذه الخرائط، فقد كان للوفد المرافق مخارج كثيرة لإبقاء القديم على قدمه.

بناء على ما سبق؛ لماذا قرر الوفد اللبناني سلوك هذا الطريق؟ إذا كانت الولايات المتحدة مستنفرة فعلاً ولا تريد هذه الخرائط، لكانت تمكنت من استباق الإعلان الرسميّ عنها بتدخلات عليا جدية، سواء مع قيادة الجيش أو الوفد المفاوض أو غيرهما، ولكانت غيّرت في تعاطيها معهم جميعهم في حال رفضهم الانصياع لرغباتها، لكن هذا لم يحصل.

البعض يؤكد أنّ قائد الجيش أراد بتبنيه هذه الخرائط أن يقول لحزب الله إن علاقته الوطيدة بالأميركيين لا تمنعه من تبني الخيارت الوطنية السيادية الأصعب، مهما كانت تبعاتها. والبعض يقول إنّ القائد أراد تحقيق إنجاز حدودي يحوّله إلى بطل شعبيّ.

إلا أن التدقيق يبيّن أنّ برودة حزب الله تجاه قائد الجيش بقيت هي نفسها، قبل وبعد خرائط الترسيم الجديدة، فيما اهتمامات الناس المعيشية تحول دون اكتراثهم بأية بطولات حدودية أو سيادية.

وعليه، كان يمكن للقائد أن يخسر الأميركيين دون أن يربح في المقابل الحزب والرأي العام. لكن لا هذا حصل ولا ذلك. والأهم أن خلفية الخطوة وآفاقها ما تزال مجهولة بالكامل في الأروقة المعنية، وهو ما يصعب على أكثر من مستوى اتخاذ الموقف المناسب بشأنها. مع العلم أن الحزب واضح وحاسم في قبوله بما يقرّره لبنان الرسميّ بهذا الشأن.

أحوال

 

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى