منوعات

ثلاثة خيارات أميركية بعد توقيع مرسوم 6433

مرجع معني يكشف عبر "أحوال" حقيقة التلاعب بالحدود وإعادة تصويبها

لم يكُن محضُ صدفة أن يوقّع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزيرا الدفاع زينة عكر والأشغال العام والنقل ميشال نجار، مرسوم تعديل الحدود البحريّة مع فلسطين المحتلة 6433، عشيّة وصول مساعد وزير الخارجيّة الأميركي ديفيد هيل إلى بيروت.

هيل سعى لعرقلة توقيع المرسوم

فالمعلومات المسّتقاة من جهات مطلعة على الملف تكشف لـ”أحوال” أنّ “زيارة هيل إلى لبنان كانت محدّدة بين الأول والسابع عشر من أيار المقبل. لكنه سارع إلى تقديم زيارته إلى 13 نيسان في محاولة لعرقلة توقيع المسؤولين اللبنانيين على المرسوم، إذ لم يكن يتوقع هيل توقيع المرسوم بهذه السرعة”.
وتضيف المعلومات أنّ “هيل سيمارس الضغوط على بعض المسؤولين اللبنانيين لعدم إرسال المرسوم المعدّل إلى الأمم المتحدة، والضغط لتأليف حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري لكي تعمل على إلغاء المرسوم لاحقاً، كما سيعيد تحريك ملف التفاوض على على ترسيم الحدود”.
لذلك نُقِل عن الحريري امتعاضه الشديد من خطوة الحكومة بتصويب الخطأ في المرسوم 6433 الذي أسست له حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وثبّتتّه حكومة الحريري وترجمته إلى مرسوم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في العام 2007. أما الرئيس تمام سلام فلم يشترك بهذا الخطأ لكنه لم يسّتطع تصحيحه، إلا أنّ دياب فعل ذلك بعد 14 سنة.

الحكومة صوّبت مسار التفاوضّ

وتُشير أوساط متابعة لملف ترسيم الحدود لـ”أحوال” إلى أن “توقيع المرسوم صوّب مسار المفاوضات حول نقطتين:
*ثبّت مرجعية التفاوض المتمثّلة باتفاقية “بوليه–نيوكومب” وقانون البحار واتفاقية الهدنة عام 1949
* وسّع المساحة المتنازع عليها من 860 كلم مربع إلى 2290 بعدما أُضيف مساحة حوالي 1440 كلم

وفيما تكّشف الأوساط أن الخطوة المقبلة هي إرسال وزارة الخارجية المرسوم المعدل مدعماً بالوثائق والخرائط إلى الأمم المتحدة لتثبيت حق لبنان دولياً. يبدو أن المرسوم يشوبه خلل قانوني، إذ أعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية أنها أرسلت كتاباً للأمانة العامة لمجلس الوزراء “تضمن مشروع مرسوم تعديل مرسوم6433 الذي يحتاج إلى قرار الحكومة مجتمعة وفقاً لرأي هيئة التشريع والإستشارات حتى مع حكومة تصريف أعمال نظراً لأهميته وللنتائج المترتبة عليه”.

أما وبعد توقيع رئيس الجمهورية وإرساله إلى الأمم المتحدة فهناك ثلاثة خيارات:
*تسليم الأميركيّين ومعهم “إسرائيل” بالأمر الواقع وإعادة تحريك المفاوضات وفي هذه الحالة يذهب لبنان إلى الطاولة متسلّحاً بالمرسوم
* تجميد المفاوضات حتى إشعارٍ آخر وبالتالي بقاء الوضع على حاله في ظل معادلة الردع والتوازن الميداني في المنطقة الاقتصادية الخالصة
*تجاهل “إسرائيل” المرسوم والمضيّ في عملية التنقيب في المنطقة المتنازع عليها ما يستدعي تحركاً لبنانياً دبلوماسياً يليه تحرك ميداني إذا اقتضت الحاجة.

Photo credit: France 24

فضيحة العبثّ بحدود لبنان عبر تحريك النقطة 1

وينّقل أحد الخبراء العسكريّين والاستراتيجيّين عن مرجعٍ رئاسيّ سابق معني بهذا الملف لـ”أحوال”، حقيقة العبث بالحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة المثبتة لبنانياً ودولياً حتى قبل نشوء كيان الإحتلال الإسرائيلي.
ويكشف أن “النقطة رقم 1 في الناقورة هي نقطة الحدود بناءً على وثائق لبنانية ودراسات بريطانية. وخلال الإحتلال الإسرائيلي للبنان جرى تحريك هذه النقطة باتجاه الشمال 50 متراً ما أدى إلى خسارة لبنان مساحة بحرية كبيرة وبالتالي عشرات آلاف الأمتار المكعبة من النفط وبالتالي مليارات الدولار. لكن إبان مفاوضات ترسيم الخط الأزرق بعد تحرير الجنوب عام 2000 أعاد المفاوض اللبنانيّ آنذاك النقطة إلى مكانها. لكن الفضيحة حصلت بين العامين 2000 و2010 حيث أعيد تحريك النقطة في ظلّ صمت قوات اليونيفيل والحكومات اللبنانية آنذاك”. وتكشف أيضاً عن “فخٍ كانت إسرائيل تستدرج لبنان إليه، من خلال التفاوض على المساحة المتنازع عليها 860 كلم مربع لخلق مساحة نفطية متداخلة ومشتركة بين بلوك 9 اللبناني و72 المحاذي في فلسطين المحتلة ما يفرض الإستثمار المشترك ويكون ذلك الطريق البحري السريع للتطبيع”. لكن عقب انطلاق مفاوضات الترسيم الصيف الماضي يضيف الخبير: “بادر الخبراء ومديرية الشؤون الجغرافية في الجيش إلى دراسة الملف ورسم خط 29 انطلاقاً من النقطة 1 تمهيداً لتثبيت حق لبنان”.

وفي هذا السياق يؤكد خبراء في الملف لموقعنا، أن “إسرائيل لم تبدأ بالتنقيب في المنطقة المتنازع عليها القريبة من بلوك 9 اللبناني وبلوك 72 المحاذي في فلسطين المحتلة وكانت تخطط لذلك، وأهمية توقيع المرسوم أنه جاء قبل انطلاقها بالتنقيب”.

ويشدد الخبراء على أن “الشركات العالمية لا تلتزم التنقيب في المناطق المتنازع عليها لكي لا تتحمل خسائر مادية جراء أي توتر أو حرب قد تحصل”. ويوضحوا أن “لبنان لا يستطيع التنقيب في المساحة المتنازع عليها ويمكنه التنقيب على بعد 5 كلم من آخر نقطة حدود بحسب المرسوم أي 2290 كلم مربع”.

لكن هل ستؤدي الخطوة اللبنانية إلى حربٍ عسكرية بين لبنان وإسرائيل؟

“إسرائيل” تخشى الحرب وستعود إلى المفاوضات

حزب الله سبق وأعلن التزامه بالمساحة البحرية التي تحددها الدولة اللبنانية وبناءً عليه فإنه سيتصدى لأي قرصنة لحقوق لبنان إذا لم تستطع الوسائل الدبلوماسية حمايتها.

وفي ها السياق يؤكد الخبير الإستراتيجي الدكتور هشام جابر لـ”أحوال” أن “لبنان بتعديل المرسوم أجرى ربط نزاع مع إسرائيل التي ستعود مرغمة إلى طاولة التفاوض وليس لديها مصلحة بالحرب بسبب القوة الصاروخية التي يملُكها حزب الله (صواريخ دقيقة أرض جو وصواريخ ياخونت أرض بحر القادرة على تدمير منصات ومصافي النفط والغاز والبنى التحتية في كيان العدو). وهذا ما حذّرت منه مراكز الدراسات الرئيسيّة والخبراء العسكريّين في إسرائيل”. ويضيف العميد جابر: “الحرب العسكرية ستجّبِر شركات التنقيب على الرحيل وبالتالي تجميد عمليات التنقيب في البلوكات الشمالية. وكذلك الأمر لا مصلحة للبنان بالحرب في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يواجهها، ويتطلع إلى استثمار ثروته النفطية والغازية لخروجه من أزماته”. ويشير جابر إلى حاجة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إنهاء ملف ترسيم الحدود لفرض تهدئة على الحدود وإبعاد شبح الحرب لكي لا تؤثر على تفاوضه مع إيران حول ملفها النووي الذي يريد إنجازه لقطع الطريق على تحالف اقتصادي سياسي استراتيجي صيني – روسي – إيراني.

 

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى