“راحوا” لا شيء سوى السّواد والدّموع… والحبكة المفقودة
استنسخ جريمة اسطنبول الإرهابيّة وتبرّأ منها
دموع، نحيب، ولا شيء سوى السّواد في مسلسل “راحوا” الذي افتتحت به محطة MTV الماراثون الدرامي الرمضاني باكراً.
أطلقت المحطّة المسلسل مساء الأربعاء الماضي، عرضت منه حلقتين في ليلة واحدة لتضمن ولاء مشاهد سيكون ابتداءً من الليلة أمام كمٍ لا يعدّ ولا يحصى من المسلسلات.
انطلقت الأحداث من ملهى ليلي حيث يقوم إرهابي بقتل عددٍ من الساهرين، في استعادة لأحداث ملهى “لارينا” في اسطنبول، حيث قتل إرهابي في الساعات الأولى من العام 2017، مجموعة من الساهرين كان بينهم ضحايا لبنانيون.
ورغم إعلان كاتبة المسلسل كلوديا مرشليان أنّ هذا الأخير “لا يعالج قصص ضحايا الحادث المأساوي الذي حصل في اسطنبول” وأنّه “يطرح فكرة الإرهاب” وهو “مستوحى من كل الحوادث الارهابية التي حصلت في العالم كله، وأحداثه تجري في لبنان وشخصياته من وحي خيال الكاتبة ولا تمت للواقع بصلة”، فقد بدت الحبكة نسخة طبق الأصل عمّا حصل في تركيا، وما خلّفه من قصصٍ مأساوية لا تزال تداعياتها تطال عائلات الضّحايا.
أسبوع كامل، والمسلسل يدور في حلقة مفرغة، دموع أهالي الضحايا، ومأساة عائلة المجرم، التي استفاقت على خبر انخراط ابنها في عملية إرهابيّة لم تعرف مسبّباتها.
يتقاذف والدا المجرم الاتهامات، وفي خضم شجاراتهما وحواراتهما المكرّرة، يتلقّيان السّهام من الجيران والمقرّبين، عائلة الإرهابي لا مكان لها في الحي حيث تقيم منذ سنوات. تبدو للوهلة الأولى واحدة من العائلات البسيطة، ليس ثمّة ما يشير إلى أنّ من هذا المنزل خرج إرهابي. ليس ثمّة إضاءة على الرّواسب التي تدفع بشابٍ في مقتبل العمر إلى حضن الإجرام، فيقتل بدمٍ بارد. فقط شجارات لا تنتهي بين الأم والأب.
على الجّانب الآخر، فتاة أقلّت الشاب إلى الملهى ليرتكب جريمة، عاشت قصّة حبٍ معه ولم تكتشف إلا من خلال نشرات الأخبار أنّه مجرم. معالجة عائلة الفتاة لتداعيات الجريمة بدت هزيلة، خصوصاً بعد خضوعها للتحقيق، والإفراج عنها بكفالة.
أما عن أهالي الضحايا فتبدأ الدموع ولا تنتهي، كارين رزق الله في واحد من أدوارها المتوقّعة، لا جديد، فنانة بدأت كوميديّة ثم انقلبت على الكوميديا رغبةً منها في إثبات موهبتها في مكانٍ آخر، فأغرقت نفسها والشّاشة بالدموع.
تجمعها للمرّة الخامسة ثنائية مع بديع أبو شقرا، بدأت في رمضان 2016 بمسلسل “مش أنا”، ثم “لآخر نفس” في رمضان 2017، و”مشيت” في رمضان 2018، ثم جمعهما مسلسل “بردانة أنا” الذي عرض في رمضان 2020، ليعودا اليوم ويجتمعان في “راحوا”.
لا جديد في ثنائيّة كارين وبديع، ولا معنى لكل هذا التكرار، رغم أنّ العمل يضمّ عدداً لا يستهان به من نجوم الشاشة الصغيرة في لبنان.
ينطلق العمل ويستمر غارقاً في دموعه، انتهى تصويره قبل ثورة 17 تشرين، يومها كانت ظروف البلد والمواطن مختلفة، تأخّر عرضه لأسباب إنتاجية، وعندما عرض، كان المشاهد مرهقاً بمزاج سيء لا يحتمل كل هذه البكائيات على الشاشة، في شهر تعرض فيه أهم الإنتاجات عبر محطات عربية، تجعل من اختيار قصص مآسٍ خياراً مازوشياً.
حتّى الآن لا جديد في المسلسل سوى تكرار لمشاهد وحوارات تقع فيها معظم مسلسلات الـ30 حلقة، لكن ليس في الحلقات الأولى حيث زبدة الموضوع، والإيقاع التصاعدي قبل أن يستوي خطّ الأحداث البياني عند نقطة معيّنة ثم يعود ويرتفع في الحلقات الأخيرة، أما في “راحوا”، فذروة الأحداث كانت في الحلقة الأولى، بعدها أصبحت المشاهد والحوارات متوقّعة، وتنتهي حلقة كاملة دون قفلة تثير الفضول بانتظار حلقة جديدة.
“راحوا” بطولة كارين رزق الله، بديع أبو شقرا، برناديت حديب، مجدي مشموشي، مارينال سركيس، ختام اللحام وغيرهم. كتابة كلوديا مرشليان وإخراج نديم مهنا. يعرض على شاشة MTV طيلة شهر رمضان المبارك في الساعة الـ8 ونصف.