أوساط التيار: استطلاعات الرأي ربما تفسّر مواقف القوات!
في مقاربتها لتاريخ العلاقة مع القوات اللبنانية،
وفي مقابل رواية الأخيرة القائلة بأن “الحروب العبثية للعماد ميشال عون هي التي أدّت الى الطائف عام 1989، وأن تنصّل رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من تفاهم معراب هو الذي أدّى الى تفجيره وضرب الوحدة المسيحية من جديد سنة 2018، تعود أوساط التيار الوطني الحر ثلاثة وثلاثين عاما الى الوراء، وتحديدا الى ليل 22-23 ايلول 1988، الذي افضى الى قيام الرئيس امين الجميل بتعيين قائد الجيش اللبناني آنذاك العماد عون رئيسا لحكومة انتقالية ريثما يتم انهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية، بعد تعذر انتخاب رئيس جديد لظروف معروفة.
يومها، خرج قائد القوات الغاضب ضمنيا من خطوة الجميل تلك، ليعلن أنّ حكومة عون هي “حكومة استقلال واكثر”، علما انه كان وجه الى الرئيس المنتهية ولايته كلاما قاسيا، قبل ان يدفعه في الايام اللاحقة الى مغادرة لبنان.
غير ان الكلام الجميل في حق حكومة عون اقترن بأفعال معاكسة، حيث شهدت مرحلة سنتي 1988-1990 مواجهتين عسكريتين بين الجيش والقوات، وخلافات سياسية ابرزها حول اتفاق الطائف، مرورا بمئات الاشكالات الفردية والتظاهرات والتظاهرات المضادة، لتكون النتيجة عملية 13 تشرين الاول 1990، حيث تتهم الحالة العونية عامة القوات بأنها سارت في الطائف وشاركت الجيش السوري وحلفاءه في العملية العسكرية بهدف التخلص من عون وتكريس احاديتها على الساحة المسيحية، وهذا ما يفسر بعض العمليات الامنية والخطوات السياسية السابقة لدخول جعجع الى السجن.
الخلاصة التي تصل اليها اوساط التيار ان سياسة جعجع لم تتغير: عام 1989 قال، ندخل في الطائف ثم ننقلب عليه من الداخل بعدما نكون تخلصنا من عون… فكانت النتيجة خمسة عشر عاما من الوصاية السورية وسجن جعجع احد عشر عاما.
اما عام 2016، وبعدما استشعر رئيس القوات ان الدفة الرئاسية ستميل في المحصلة الى عون، حيث ان حزب الله متمسك به، وسعد الحريري الذي رشح سليمان فرنجية، لا يستطيع ايصاله في ظل الموقف الرافض للحزب، حاول ان يقطف العملية سياسيا، فنظم احتفالية معراب، وصور نفسه ابا روحيا مسيحيا لانتخاب عون.
اما بعد اليوم الاول لانتخاب الرئيس، فبدأت “الحرتقة”، وفق اوساط التيار، التي تتحدث عن ضرب روح اتفاق معراب القائمة على دعم العهد في موازاة التفاهم على التفاصيل السياسية اليومية، فيما كانت القوات تتطلع الى التفاصيل وتهاجم العهد بشكل متدرج، وترى ان بامكانها حجز عون سياسيا في قصر بعبدا، لتحقق تمددا في الشارع على حساب العونيين، وهذا ما تبين للقوات انه مستحيل بوجود جبران باسيل.
وهكذا كانت علاقة التيار بالقوات في سنوات العهد الثلاثة الاولى: عند كل تعيين تعفف قواتي في العلن تحت شعار رفض المحاصصة، ومطالب تحاصصية في الكواليس، اما ملف الكهرباء فحول الى قميص عثمان سياسية، مع ان جعجع نفسه كان اعلن سابقا ان عدم تطبيق خطة الكهرباء ليس خطأ وزراء التيار، بل سببه آلية اتخاذ القرار في الدولة… مرورا بالمزايدات الدائمة في موضوع حزب الله تحت شعار المطالبة بالنأي بالنفس، والاهم تبني استقالة الحريري الملتبسة في السعودية، ثم رفض التحالف مع التيار في الانتخابات النيابية.
اما ثورة 17 تشرين فوجدتها القوات وفق اوساط التيار فرصة سانحة للانقضاض النهائي، ليس فقط على التيار، بل على سائر خصومها المسيحيين، وما السجالات المتكررة مع الكتائب الا خير دليل.
وما ان مرت اشهر على الثورة، حتى استشعرت القوات خطرا جديدا هو شعار “كلن يعني كلن” الذي حاولت الاستفادة منه سابقا لضرب التيار، واذ به يضربها في الصميم.
المؤشر- الصدمة كان انتخابات اليسوعية، تضيف اوساط التيار، وملخصها تقدم كبير للمستقلين والمؤيدين للحراك الشعبي، في وقت حافظ التيار على وجوده ولو بتراجع طفيف، فيما تبين ان القوات لم تحصد المتفلتين من التيار او “الثائرين”.
ومن هذه النقطة، عدنا الى سياسة التذكير الدائم بموضوع الشهداء بهدف الاستثمار السياسي، فضلا عن التحريض على شخصي ميشال عون وجبران باسيل لشد العصب.
وما السجال التلفزيوني الاخير بين مسؤول جهاز الاعلام والتواصل القواتي واحدى الناشطات، والذي انتشر على مواقع التواصل الا احد اشكال التعبير عما سبق.
في الخلاصة، يكشف احد خبراء استطلاع الرأي عن دراسة اولية اعدها حول دائرة بيروت الاولى، حيث بينت النتائج تقدم الكتائب اربع نقاط والقوات نقطة واحدة، فيما حافظ التيار على مواقعه مع تراجع طفيف ليس لمصلحة الكتائب ولا القوات، بل لمصلحة غير المقررين او المحايدين.
في السياسة، لهذه الارقام مدلولات كبيرة بعد كل الذي جرى ويجري، وهو ما قد يشرح الكثير من المواقف، ويفسر العديد من الخطوات السياسية التي يراها البعض غير مفهومة، او ربما غير منطقية، تروي اوساط التيار.