المحكمة الدولية الخاصة تنطق اليوم والشارع طوع الأمر
فهل تفلح خطابات اللّحظات الأخيرة في التهدئة؟
بالتزامن مع جلسة المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، تشخص العيون اليوم إلى الشارع اللّبناني، الذي وبالمناسبة لا يختلف كثيرًا عن مادة نيترات الأمونيوم، لناحية سرعة الاشتعال وشدّة الانفجار. فالاستحقاق يثير حساسية خاصة لدى جمهور التيار الأزرق ويعكس تداعياته على جمهور الراية الصفراء، فهل تكون الجلسة العلنية للنطق بالحكم في قضية عياش وآخرين هي المُفرقعة التي تفجّر الشارع في لبنان؟.
تبدأ الجلسة التي تمّ تأجيلُها منذ أسبوعين بسبب انفجار المرفأ عند الساعة 12 ظهراً بتوقيت بيروت ليصدر الحكم الساعة السادسة مساءً، وما بين البداية والنهاية يترقب اللّبنانيون الشارعين السنّي والشيعي، واللّذَين رغم تلامس المسافة بينهما مناطقيًا تفرقهما مسافات شاسعة في السياسة.
استنفار عام في الأجهزة الأمنية
تحسبًا ورغم خطابات التهدئة والتطمينات السياسية، تعلن الأجهزة الأمنية استنفارًا عامًا، بحيث يتم استدعاء كل العناصر والضباط للتأهب، كما ستنتشر العناصر في مناطق خطوط التماس.
وتكشف مصادر أمنية خاصة لـ “أحوال” أنّه من المتوقع أن يتم قطع بعض الطرقات وحرق الدواليب في بيروت وربما خارجها، ما يثير القلق من تفلت الشارع ووقوع بعض المشاكل عند صدور الحكم.
وينشر الأمن العام وأمن الدولة عناصرهما في المناطق حيث يتجاور الفريقان متل قصقص وبربور وطريق الجديدة ورأس النبع ومحيط الخندق الغميق.
بعد طول شحن هل تفلح التهدئة في اللّحظات الأخيرة؟
وفي حين يعمل تيار المستقبل على التهدئة، يؤكد النائب السابق مصطفى علوش أنّ لا تجمعات اليوم بسبب كورونا وانفجار المرفأ والوضع الاقتصادي، ويقول لـ “أحوال” إنّ التعليمات هي بعدم التصرف إلّا بشكل حضاري واحترام تام للعدالة، مشيرًا إلى أنّه “وإذا حدث أيّ شغب في الشارع سيتم التصرف على أساسه والقوى الأمنية هي المناطة بالتصرف”.
بدوره يستبعد الكاتب السياسي المقرّب من هذا الفريق راشد الفايد أن يشهد الشارع أعمال شغب، مؤكدًا أنّ التحركات ستقتصر على بعض التجمعات السلمية والمحدودة.
ويقول الفايد لـ “أحوال”: اتهام عياش وآخرين كُشف منذ سنوات وبالتالي الرد الشعبي لو أنّه سيحصل كان ليحصل آنذاك، أمّا الآن وبعد أن تعوّد الرأي العام على أسماء المتّهمين لن يستفزّه الأمر.
ومن المتوقع أن يتجمّع “أنصار تيار المستقبل على ضريح الحريري لقراءة الفاتحة.
ويؤكد الفايد أنّه لا أحد يروّج لحشد الناس، لا رئيس الحكومة سعد الحريري ولا أخيه بهاء ولا المقربين منهما، ويقول: “في حال تجمّع البعض ستكون الأعداد ضئيلة”.
في المقابل يتجاهل حزب الله المحكمة واتهاماتها، فيقول أمينه العام السيد حسن نصر الله في 26 آب 2018 إنّ “المحكمة الدّولية لا تعني لنا شيئًا على الإطلاق ولا قيمة شرعية لها، ولا أي شيء سيصدر عنها سواء إدانة أو تبرئة”.
ويعلّق علوش “ما من مجرم بالأساس تعنيه المحكمة”، مشيرًا إلى أنّ “النطق بالحكم يعني أنّ مسألة الإفلات من العقاب أصبحت خلفنا، حتى لو لم يتم القبض على المجرمين، الذين هم منفذون في منظومة كبيرة من طهران مرورًا بدمشق وصولًا إلى بيروت”.
فتح باب الحوار والتلاقي
إذًا الكل يطمئن، ولكن ماذا يمكن أن تفعل خطابات التهدئة في اللّحظات الأخيرة، بعد أن تمّ حقن النفوس لسنوات خلت بالشحن الطائفي، ورمي الاتهامات السياسية والاستثمار في جريمة الاغتيال واستغلالها لاقتصاص فريق من الفريق الخصم.
ويقول الإعلامي والناشط الاجتماعي خليل رضى حمّود إنّه “ربما سيترافق النطق بالقرار مع بعض الأحداث الأمنية على الرغم من دعوات الجميع إلى التهدئة وعدم الانجرار إلى الفتنة وافتعال أحداث أمنية لا سيّما في العاصمة بيروت معقل الجمهور الأزرق”.
ويلفت في حديث مع ” أحوال” إلى أنّ “الأنظار تبقى موجهة إلى مضمون الكلمة التي سيلقيها الحريري بعد النطق بالقرار والتي يعوّل عليها الجميع لفتح باب الحوار والتلاقي وفتح صفحة جديدة عنوانها السلم الأهلي والحفاظ على الوحدة الداخلية ومنع الفتنة والتعالي على الجراح والتفكير بحلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يغرق فيها البلد والتي ترهق كاهل المواطن”.
وعلى الرغم من تكرار الحريري سابقًا بأنه مهما كان القرار النهائي للمحكمة لن يستغل في بث الفتنة الداخلية بين السنة والشيعة، لكنّ أقوال السعد هذه لا تتواءم بكثير من الأحيان مع تصريحات المقربين من هذا الفريق وبالتالي فإن السؤال هنا ما هو الثمن الذي سيدفعه حزب الله داخليًا لمنع الفتنة التي يخطط لها البعض ويريد أن يستغلها ويشعل وقودها لغايات اصبحت مكشوفة .
نُهاد غنّام