صحة

مرضى السرطان يشتكون شحّ الدواء.. الحكومة والمركزي “مش عالسمع”!

لم تتوقع إليز الحجار أنّ “خبث” المنظومة الفاسدة التي حرمتها من الحصول على الأدوية الضرورية لمتابعة علاجها من مرض السرطان سيؤرقها أكثر من إصابتها بـ”الخبيث” نفسه منذ سنتين، خصوصاً وأن أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة لم تسلم من تبعات الانهيار الاقتصادي في لبنان.

وتتحدث إليز المصابة بسرطان المبيض عن معاناتها في رحلة البحث عن الدواء وهي نموذج لآلاف المرضى، قائلة: “أصبحت حياة المواطنين، وخصوصاً مرضى السرطان الذين يصارعون من أجل البقاء مهددة، لا سيما بعد انهيار الليرة اللبنانية ورفع الدعم الجزئي عن الأدوية وانقطاعها من الأسواق”، مضيفة: “فوق الوجع وجع، سلاحي الوحيد لمحاربة السرطان مفقود في لبنان، أعيش هاجس عودة “الخبيث” بعد أن انتصرت عليه في المعركة الأولى”.

وتضيف بحسرة: “حياتي وحياة كل مريض سرطان على المحك بانتظار توقيع، هم يتلاعبون بصحتنا من دون أن يرف لهم جفناً”.

وعلى وقع الأزمة الاقتصادية الأسوء في تاريخ لبنان، لم يبق قطاع بمنأى عن تداعيات الانهيار وبينها قطاع الاستشفاء والأدوية المستوردة، إذ يوضح رئيس لجنة الصّحة النائب د. عاصم عراجي أن القطاعين الاستشفائي والدوائي في لبنان ضُربا بفعل الأزمة المالية والاقتصادية المتمادية التي أصابت لبنان منذ حوالى السنتين، والتي تغذت من انهيار الليرة اللبنانية وانقطاع الأدوية بسبب الخلاف الحاصل بين مصرف لبنان وشركات استيراد الأدوية.

ويلفت عراجي إلى أنّ 70% من اللّبنانيين باتوا اليوم عاجزين عن شراء الدواء بعد رفع الدعم عنه، وارتفاع أسعاره بشكل كبير، لا بل وانقطاعه بسبب تمنع الشركات عن الاستيراد، متمنيا على وزير الصحة أن يسمي الأمور بأسمائها وفي حال لم تترجم وعود شركات الأدوية ومصرف لبنان الاخيرة بالنسبة لموضوع الدواء، فما عليه إلا عقد مؤتمرا صحفياً والكشف عن هوية المعرقلين، “ولا شيء أهم من صحة وسلامة المواطنين”.

ويشير عراجي إلى أن الموازنة الجديدة لوزارة الصحة خُفضت من 400 مليار دولار إلى 80 مليار دولاراَ، وهنا يتساءل “كيف سيعمل القطاع الصحي بهذه الموازنة”، لافتاً إلى أن “لجنة الصحة طلبت من الحكومة سابقاً مبلغ 50 مليون دولار بدل من 35 مليوناً لدعم الأدوية، إلا أن رئيس مجلس الوزراء رفض بحجة عدم وجود المال الكافي في البنك المركزي”.

وهنا يتسائل أيضاً: “يعني وقت بدن بصير في دولارات، ووقت ما بدن بتطير الدولارات؟”.

وكانت “الوكالة الدولية لأبحاث السرطان” التابعة لمنظمة الصحة العالمية أشارت سنة 2018 إلى أن لبنان احتل المرتبة الأولى بين دول غربي آسيا، بعدد الإصابات قياساً بعدد السكان، وأن هناك 242 مصابا بالسرطان، بين كل 100 ألف لبناني.

من جهته، يصف رئيس جمعية بربارة لدعم مرضى السرطان هاني نصار، وضع المرضى المصابين بالأمراض السرطانية في لبنان بـ «الأسوء» على الإطلاق، فهناك المئات من المصابين بالسرطان أوقفتهم الظروف إجبارياً عن تلقي العلاج بسبب كلفته الباهظة وشحّ الأدوية في الصيدليات أوانقطاعها، لا بل واعتماد مبدأ الاستنسابية في توزيعها إن توفرت في وزارة الصحة من خلال المراكز المعينة.

ويأسف لدخول المحسوبيّات والوساطة على خط الدواء، حيث تتوفر لبعض المرضى، فيما يتم حرمان الأخرين من الحصول عليها.

ويردف نصار: “الكثير من المرضى قلقون على مصيرهم المجهول، لا سيما وأن مصرف لبنان ووزارة الصحة يتقاذفان المسؤوليات، فبعد أن وصل مرضى السرطان إلى حائط مسدود وفقدوا الأمل من الوعود الواهية، سينزلون اليوم إلى الشارع وينفذون وعائلاتهم اعتصاماً في الاشرفية- ساحة ساسين، لرفع الصوت واطلاق صرخة ألم للحصول على حق العلاج بأسعار مقبولة، تحت شعار “بدنا دوا السرطان”، وهي ليست المرة الأولى التي يعتصم فيها المرضى.

ويختم بالاشارة الى ان “الحل يجب أن يكون جذرياً وحاسماً ونطالب الحكومة بتحويل الأموال إلى مصرف لبنان لاستيراد الأدوية بأسرع وقت و”حياة المرضى مش لعبة”.

وكان وزير الصحة العامة د. فراس الابيض أكد أنّ “مريض السرطان لا يستطيع انتظار الحلول، ونحاول مع جميع الافرقاء التسريع بعملية تأمين الادوية لهم ، فنحن بأزمة اقتصادية عميقة، وموازنة وزارة الصحة تقدر بحوالى 450 مليون دولار، اما موازنتها المطروحة اليوم هي اقل من 100 مليون دولار”.

وتابع الأبيض: “ابتداء من الاسبوع المقبل سنعمد الى إصدار لائحة باسماء الادوية التي تصل الى لبنان، وسياسة دعم ادوية الامراض السرطانية مستمرة”، مشيراَ الى ان “المشكلة الاساسية هي بتوفر الاموال لشراء الادوية”.

وأضاف: “عمدنا الى تفعيل الرقابة على المستشفيات التي تعالج المرضى مقابل الحصول على تكاليف مالية خيالية، والدواء متوفر في مراكز الرعاية الصحية، ولدينا 250 مركزا للرعاية الاولية و 200 مستوصفا يقدمون الدعم والخدمات وهناك خطة لزيادتهم”.

ناديا الحلاق

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى