منوعات

مصارحة بين التيار والحزب.. وبري منزعج من نائب في كتلته!

نفّذ التيار الوطني الحر في ذكرى توقيع وثيقة التفاهم مع حزب الله نوعا من إعادة الانتشار السياسي على خط ميرنا الشالوحي – الضاحية الجنوبية. خلع التيار البرتقالي قفازاته وخاطب حليفه الشيعي بصراحة، معتبرا ان التفاهم فشل في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون، ومحذرا من انتفاء الجدوى منه والحاجة اليه ما لم يتم تطويره، “وإذا لم ينجح الملتزمون به في معركة بناء الدولة وانتصار اللبنانيين الشرفاء على حلف الفاسدين المدمّر لأي مقاومة أو نضال”، وفق ما ورد في بيان المجلس السياسي.
يبدو واضحا ان التيار الحر الذي وُضع اسم رئيسه جبران باسيل على لائحة العقوبات الأميركية بسبب تحالفه مع الحزب، بات يشعر بان هذا التحالف سيصبح عبئا عليه، ما لم يصب في خانة تحقيق الإصلاح ومكافحة الفساد وفق المعايير او القواعد التي يقتنع بها التيار، وذلك حتى يصبح بالامكان تبربر مواصلة التمسك به أمام جمهوره ومناصريه.
وبهذا المعنى، يوحي التيار الحر وكأنه يُخير حزب الله بين بقاء تفاهمهما وبين تعديل علاقته مع الرئيس نبيه بري وتخفيف تغطيته للرئيس المكلف سعد الحريري، وذلك على قاعدة ان سياسة تدوير الزوايا لم تعد جائزة في هذه المرحلة.
وتؤكد اوساط التيار ان الحزب مدعو الى مراجعة مقاربته لملف بناء الدولة في اتجاه انخراط اكبر من قبله في معركة التصدي للفساد، على قاعدة ان الانهيار الذي وصل اليه البلد لم يعد يسمح بتغليب التحالفات الجانبية على اولوية تحقيق الإصلاح الذي بات مدخلا الزاميا للإنقاذ الداخلي ولاي مساعدات خارجية. لكن الأوساط تشير في الوقت نفسه الى الحرص على استمرار التفاهم مع حزب الله بعدما اثبتت التجارب انه نجح في حماية لبنان من مخاطر كبيرة، “انما صار من الضروري أيضا ايلاء مسألة التصدي الفاسدين الاهتمام المطلوب، بعدما بات البلد على عتبة الانهيار، بحيث لم يعد مقبولا الاستمرار في مسايرة ذاك او مهادنة ذاك.”
وتشدد الاوساط على انه ليس مطلوبا ان يخوض الحزب نزاعات مع حلفائه، “ونحن نتفهم ضرورات المقاومة وحاجتها الى ابقاء بيئتها محصنة وصلبة، انما هذا لا يمنع الحزب من ان يدفع، على سبيل المثال، في اتجاه اقناع حماة حاكم مصرف لبنان بأن الوقت حان لرفع الغطاء والحصانة عنه، وبأن يتخذ مواقف وإجراءات اكثر وضوحا وانسجاما مع متطلبات المعركة الإصلاحية.”
يحاول حزب الله، من جهته، التوفيق بين تمسكه بالتفاهم الاستراتيجي مع التيار الحر وبين حساباته السياسية الداخلية التي تنطلق من ثابتة مركزية وهي ان حماية المقاومة تشكل البوصلة التي تحدد اتجاهاته، وبالتالي هو يرفض الضغط على الرئيس نبيه بري او رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مراعاة لخواطر التيار، تماما كما يرفض الضغط على عون وباسيل في الملف الحكومي لصالح الآخرين، منطلقا من قاعدة حرصه على معاملة حلفائه باحترام، والسعي الى التوفيق بينهم متى اختلفوا، من دون الانحياز الى احدهم على حساب الآخر.
اما في ما خص الحريري تحديدا، فإن الحزب يعتبر انه لا يزال الخيار الأنسب حاليا لتولي رئاسة الحكومة، ربطا بحيثيته التمثيلية في بيئته، وعلاقاته الخارجية التي قد تساهم في مساعدة لبنان، إضافة إلى وجوب الاخذ في الحسبان أهمية تحصين الواقع السني- الشيعي في مواجهة خطر الفتنة، ومواكبة تطورات الساحتين الإقليمية والدولية على وقع محاولة ترميم جسور التفاوض بين طهران وواشنطن.
وتلفت إحدى الشخصيات المسيحية الصديقة للحزب الى ان تفاهم مار مخايل هو كل لا يتجزأ، ويسري في السراء والضراء، “وبالتالي لا يجوز للتيار ان يتعاطي معه على القطعة ويأخذ منه المكاسب فقط، أما حين تشتد الضغوط وتكبر التحديات فيحاول تعديل تموضعه لخدمة مصالحه.”
وتشير تلك الشخصية الى ان الحزب أدى كل ما يتوجب عليه حيال التيار، “إذ ظل الى جانبه وأمامه حتى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، متحملا الاتهامات بتعطيل الدولة والتسبب بالفراغ الرئاسي، ومجازفا بعلاقة تاريخية مع حليفه الاستراتيجي سليمان فرنجية الذي كاد يصل إلى قصر بعبدا لولا ثبات الحزب على دعمه لترشيح عون.”
وتؤكد الشخصية ان الحزب دعم التيار في كل المعارك السياسية التي خاضها لتصحيح التوازن في السلطة وللحصول على مواقع وزارية ونيابية، وازنة وحيوية، “ولكن على التيار ان يتفهم ان الحزب لا يمكنه أن يجاريه دائما في حساباته، ولا يستطيع في هذه اللحظة الحساسة الانقلاب على الحريري ووضع الطائفة السنية في مواجهة معه، كذلك لا يستطيع أن يتحرك وفق أجندة التيار وروزنامته في ملف مكافحة الفساد.”
وتنبه الشخصية اياها الى ان الطريقة التي يقارب بها التيار الأمور توحي بانه يضع الحزب في دائرة الامتحان لإثبات جديته وصدقيته في مكافحة الفساد، “بينما الحزب ليس في موضع الخضوع الى فحص دم، وهو الذي فعل الكثير منذ إعلان امينه العام رسميا عن الانخراط في هذا التحدي وتكليف النائب حسن فضل الله بالتفرغ لكشف الملفات وملاحقتها، انما على اساس الركون الى القضاء كممر الزامي للمساءلة والمحاسبة.”
واذا كان التيار يشكو من سلوك حليف الحليف، اي بري، ويعتبر انه “المحرض” على التغريدات التي ينشرها عضو كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل ضد عون، فقد علم “أحوال” ان بري أبدى انزعاجه الشديد من تغريدة الخليل التي لوح فيها بالفصل السابع السابع من ميثاق للأمم المتحدة.
ووفق العارفين، اكد بري أمام قريبين منه ان هذه التغريدة ليست في محلها وهي تحاول توريطه بمواقف يرفضها.
وقد طلب بري من احد نواب حركة أمل الاتصال بالخليل لابلاغه بامتعاض رئيس المجلس، والطلب اليه اصدار توضيح في شأن التغريدة، وهذا ما حصل.
وكان الخليل قد نبه في تغريدته الى ان “لبنان أمام حلين: إما تلقف مبادرة الرئيس بري التي أكد متابعتها لنهايتها أو قد يُفرض الحل تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة،” وخاطب عون بالقول: “اعقد العزم وسر بالحل الذي يحفظ كرامة لبنان.”
ولاحقا، اصدر الخليل بيانا، عبر مكتبه، أكد فيه أن موقفه معروف وصريح في معارضته الشديدة والحاسمة للجوء الى تطبيق الفصل السابع تحت أي ظرف من الظروف، مشيرا الى ان هذه التغريدة “كانت للمطالبة بحفظ كرامة لبنان وتحذيرا من واقع سياسي قد نصل إليه”.

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى