“الوطني الحر” يبقّ البحصة… لتطوير تفاهم مار مخايل أو إلغائه
كثيرة هي الملفّات الخلافية بين التيار الوطني الحر وحزب الله، تحديدًا بما يخص الأداء السياسي للطرفين في الداخل، والتباين بينهما يبرز بشكل واضح على وسائل التواصل الاجتماعي في تغريدات المؤيدين للحزبين، وآخرها “البيان” الذي صدر أمس عن المكتب السياسي للتيار، والذي تطرق لمسألة مقتل الناشط لقمان سليم، ولو لم يسمّيه، والذكرى الـ15 لتفاهم مار مخايل.
“الإغتيال السياسي” يثير سخط جمهور حزب الله
في سياق البيان السياسي، أكّد التيار الوطني الحر موقفه “برفض العنف والاغتيال السياسي كوسيلة لإسكات أيّ رأي ويعتبر أنّ ذلك لا يأتلف مع صيغة لبنان وعلّة وجوده، وهو يحذر من أيّ استغلال لأيّ جريمة بالقفز فوق التحقيقات المطلوبة وإصدار الاتهامات السياسية المسبقة التي علّمتنا التجارب السابقة أنّها تخدم مصالح الخارج السياسية وتحرّض على الفتنة دون أن تصل إلى الحقيقة المطلوبة”.
إنّ حديث التيار عن الاغتيال السياسي اعتُبر من قبل جمهور حزب الله على وسائل التواصل “غلطة” كبيرة، إذ اعتبروه استكمالًا للحملات التي تتهم الحزب باغتيال الناشط لقمان سليم، وتجاوزًا للتحقيقات التي لا تزال لم تؤكد سبب الجريمة.
في المقابل تشير مصادر قيادية في التيار الوطني الحر إلى أنّ التيار جدّد التأكيد على المبدأ العام برفض الاغتيالات السياسية، ومحاولة استثمار أي جريمة في السياق السياسي، لأنّ التجارب السابقة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري حتى اليوم تؤكد أن الاتهام السياسي يسبق الاتهام الجنائي، واستثمار الدماء أصبح عادة، مؤكدة أنّ التيار لم يُشر إلى مقتل سليم، بانتظار التحقيقات الرسمية التي هي تملك وحدها قدرة تحديد أسباب الجريمة وهوية مرتكبها.
ذكرى التفاهم.. بلا تفاهم
منذ 15 عامًا في السادس من شباط عام 2006 وُقّع اتفاق مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر، واليوم تعلو الأصوات في بيئة الوطني الحر المنتقدة لتعامل حزب الله مع الاتفاق، وعدم وقوفه إلى جانب حليفه في عملية بناء الدولة، وتُرجم هذا الأمر في بيان المكتب السياسي للتيار لمناسبة الذكرى الـ 15، من خلال القول أن: “التفاهم جنّب لبنان شرور الفتنة والانقسام وحماه من اعتداءات الخارج، فردع إسرائيل وصدّ الإرهاب، إلّا أنّه لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون”.
تقف مصادر سياسية مطّلعة بداية عند ذكر الموقف من التفاهم في نهاية البيان، بأسطر قليلة، الأمر الذي يحمل دلالات سياسية، ويؤكد “زعل” التيار الوطني الحر، وعتبه على حليفه في كثير من المحطات، مشدّدة على أنّها المرة الأولى التي يكون فيها التيار واضحًا بأنّ عدم تطوير التفاهم يجعله غير ضروري، وبالتالي يمكن التخلي عنه.
من جهتها تؤكد المصادر القيادية في الوطني الحر أنّ التيار لا يخجل بالتعبير عن عتبه على حزب الله، وهذه ليست المرة الأولى التي ينتقد فيها التيار أداء حزب الله السياسي بما يخص الملفات المتعلقة بمحاربة الفساد وبناء الدولة، كذلك فإنّ هذا الاختلاف ورد سابقًا على لسان أمين عام حزب الله، وبالتالي هو ليس جديدًا، مشدّدة على أن النية لدى الطرفين بأن يُطوّر الاتفاق، لا أن يزول، رغم أن رغبات قوى سياسية محلية هي زواله.
وتضيف المصادر عبر “أحوال”: “هذه النيّة بالتطوير تُرجمت من خلال اللّجنة الرباعية المولجة بحث بنود التفاهم لتطويرها، وهذه اللّجنة لم تُلغَ، ولكنّ عملها يشوبه بعض البطء بسبب “كورونا” وتسارع الأحداث السياسية في البلد، إلّا أنّها ستستمر إلى أن تصل إلى النتيجة المرجوّة منها، لأنّ نجاحها شرط أساسي لبقاء التفاهم”.
وإذ تؤكد المصادر أن اتفاق مار مخايل حمى لبنان في كثير من المحطات، وسيحميه بالمستقبل، تشير إلى أنّه تعرّض لضربات قاسية في مقاربة التفاصيل الداخلية، ولعلّ أبرز ما يجب أن يُعاد البحث فيه هو كيفية محاربة الفساد وبناء الدولة.
تختلف مقاربة حزب الله لهذه الإشكالية، لأنّ التيار يريد من الحزب خوض معاركه السياسية في الداخل، وهذا ما لا يمكن للحزب القيام به، وبحال كانت اللّجنة الرباعية تحاول تطوير التفاهم، إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ علاقة الجمهورين على وسائل التواصل قد تتفّهم هذه المرحلة، والدليل في حجم الهجوم المتبادل عند كل استحقاق.
محمد علوش