منوعات

تحديد سعر صرف الدولار رهن تشكيل الحكومة.. ماذا يقول الخبراء؟

مع بداية العام الجديد، نودّع سنة 2020 مع ما حملته من مآسٍ ومصاعب على مختلف الأصعدة، وخصوصًا الاقتصادية منها؛ فالأزمة التي بدأت عام 2019 أو ربما 2016 مع الهندسات المالية، تفاقمت مع مرور الوقت وتجذّرت في الإقتصاد اللبناني، لتنعكس على المواطن الذي بات همّه وهاجسه الوحيد المحافظة على جزء بسيط من قدرته الشرائية، بعد أن توسّعت رقعة الفقر في البلاد لتشمل فئات اجتماعية كانت مصنّفة، حتّى الأمس القريب، ضمن “الطبقة الوسطى”.

الانهيار الاقتصادي والمالي طال مختلف جوانب الحياة في لبنان، فبات معلوماً أن ودائع اللبنانيين قد “تبخرّت”، باستثناء الإحتياط الإلزامي المقدّر بنحو 17 مليار دولار، بالإضافة الى شحّ العملات الصعبة وارتفاع سعر صرف الدولار، وصولاً إلى مستويات لم يكن يتوقعها أكثر المتشائمين. أضف إلى ذلك، انهيار العملة الوطنية بنسبة تجاوزت الـ80%، وكل ما تبعه من فقدان للثقة بالنموذج المصرفي اللبناني، حيث تحوّل عمل المصارف إلى مؤسّسات يقصدها اللبناني للحصول على “مصروفه” الشهري بعد تقنين السحوبات.

وفي انتظار تشكيل الحكومة الجديدة، يلاحظ المراقبون ترابط بين سعر صرف الدولار في السوق السوداء وبين عملية التشكيل، فما يكاد الرئيس سعد الحريري يتحدّث عن قرب التشكيل حتّى يهبط سعر صرف الدولار ليُلامس الـ8 آلاف ليرة، وما يكاد يُنقل عن مصادر بعبدا صعوبة التشكيل حتّى يرتفع سعر صرف الدولار ليُلامس الـ8700 ليرة؛ فهل هذا الترابط حقيقي أم وهمي؟ وهل فعلًا يرتبط سعر صرف الدولار بالوضع السياسي في البلاد، أم أن صعود وهبوط الدولار مرتبط بالمعطيات الإقتصادية بصرف النظر عن تشكيل الحكومة من عدمه؟

الخبير الإقتصادي “جاسم عجاقة” يشرح، في حديث لـ”أحوال”، كيفية ارتباط سعر صرف الدولار بالسوق السوداء من ناحية العرض والطلب، مشيرًا إلى أن العرض قد تقلّص بعد الإعلان عن تعثّر الدولة عن دفع مستحقاتها، كما أن الفراغ الحكومي قد منع المباشرة بالمفاوضات مع البنك الدولي، إلى جانب انخفاض تحويلات المغتربين من 7.9 مليار دولار إلى 3.5 مليار دولار سنوياً، وبالتالي لم يعد أمام لبنان سوى الاحتياطات بالعملات الصعبة، وهكذا “فالطلب يتأثر بكمية الإستيراد التي انخفضت بحوالي 60%، وكذلك بالواقع السياسي”، وفقًا لـ”عجاقة”.

من جهة أخرى، يُميّز عجاقة بين “اللاعبين الاقتصاديين” من مستهليكن ومستثمرين، وبين “المضاربين على الليرة اللبنانية”، حيث يلفت إلى أن الفئة الأولى تلجأ إلى زيادة طلبها على الدولار عندما يتعقّد المشهد السياسي الذي يولّد غيابًا للثقة بالعملة الوطنية، في حين يهدف المضاربون إلى جني الأرباح من خلال شراء الدولار، وانتظار حادث سياسي معيّن مثل تراجع فرص تشكيل الحكومة وما يولده من ارتفاع للدولار من أجل بيعه بسعر عالي، موضحًا أن ” وسيلة هؤلاء هي تطبيقات سعر الصرف المنتشرة على الهواتف الذكية”.

ويختم عجاقة حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن ارتباط مسألة تشكيل الحكومة بارتفاع أو انخفاض سعر صرف الدولار تُعتبر مسألة استثنائية، لأن “في الوضع الطبيعي لا يُحرك سعر صرف الدولار سوى الشق الإقتصادي”.

بدوره، يرى الخبير الاقتصادي دان قزي، في حديث لـ”أحوال” أن “السعر الحقيقي للدولار في الوقت الحالي هو بين 9500 ليرة و10,000 ليرة لبنانية”، موضحًا أن الطريقة التي يتم من خلالها ضبط سعر الدولار تكون من خلال تقنين الدفع بالليرة اللبنانية، “لذا فإن رفع سقف السحوبات من المصارف من شأنه أن يرفع سعر صرف الدولار”.

ويتابع: “عدم اعتماد الحكومة المقبلة خطّة للحل، سيدفع الوضع الاقتصادي في البلاد الى المزيد من التأزّم”، لافتًا إلى أن الطريقة المعتمدة حالياً من مماطلة وتضييع للوقت ستؤدي الى صرف ما تبقى من أموال المصرف المركزي، وسيأتي الوقت الذي تنفذ فيه هذه الأموال، “وفي تلك المرحلة سنكون أمام سيناريو الصومال أو بيع الذهب، والخيار الأخير يضعنا مجدداً أمام الدوامة نفسها من صرف الأموال”، بحسب قزي.

على الضفة الموازية، تستبعد الصحفية الاقتصادية فيفيان عقيقي في حديث لموقعنا أن ينعكس تشكيل الحكومة المنتظرة إيجابًا على الوضع الاقتصادي، خصوصًا أن اللبنانيين قد اختبروا الطاقم السياسي الحاكم على مدى 30 سنة، والذي بدوره لم يثبت نيّته الحقيقية بالقيام بأي عمل جدي للبلد، موضحة أن “تشكيل الحكومة لا يعني إدخال العملات الصعبة الى البلاد، أو أننا تحولنا لبلد منتج، فنحن بحاجة لخطط اقتصادية تحدّد القطاعات التي يجب أن نعمل من خلالها لتنمية الاقتصاد وفق دراسات علمية”.

مهدي كريّم

مهدي كريّم

صحافي وكاتب لبناني يهتم بالقضايا السياسية والإقتصادية. حائز على ماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى