منوعات

إعلان حالة الطوارئ في لبنان وإقفال البلاد

المنازل تتحوّل إلى مطاعم والسوبرماركات أُفرِغت من البضاعة

شكّل ارتفاع عدد الإصابات بوباء كورونا إلى 10 آلاف يومياً صدمة لدى المعنيين بالشأن الصحي. فلبنان يحصد الآن إنعكاسات التفلّت الاجتماعي الواسع خصوصاً في عطلة الأعياد. فلا الدولة اتخذت إجراءات وقائية وأمنية وقانونية لمراقبة المطاعم و”القهاوي” والفنادق ودور السينما والأسواق التجارية على اختلافها، ولا المواطن رحم نفسه. الكلام لأحد المسؤولين الحكوميين.

اجتماع اللجنة الفنية

وبدأت رحلة الاجتماعات أمس باجتماع عقدته اللجنة الفنية العلمية في وزارة الصحة التي تضم إلى جانب وزير الصحة نقابات المستشفيات الخاصة والصيدليات والمختبرات ومستوردي الأدوية والمستشفيات الحكومية. وأوصت اللجنة بالإقفال التام والشامل لمدة أسبوع إلى أسبوعين، ورفعت توصياتها إلى اللجنة الوزارية لمتابعة وباء كورونا التي عقدت اجتماعاً اليوم في السرايا الحكومية برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.

خلاف داخل اللجنة الوزارية

وبحسب ما علم “أحوال”، فقد بدأ الاجتماع عند الساعة العاشرة صباحأً واستمر لمدة ثلاث ساعات وسط آراء مختلفة لجهة شكل الإقفال وخلاف بين مستشارة رئيس الحكومة بترا خوري ووزير الصحة حمد حسن، وتظهر ذلك بتغيّب حسن عن الاجتماع ليعود إلى السرايا بعد ساعات؛ لكنه عقد اجتماعاً منفرداً مع الرئيس دياب دام لأكثر من ساعة. في الوقت الذي كان وزيري الداخلية محمد فهمي والدفاع زينة عكر يعقدان اجتماعاً جانبياً للإتفاق على كيفية تطبيق قرار الإقفال وتحديد مدته والقطاعات المستثناة منه.

وبعد ذلك خرج وزيرا الصحة والداخلية سوياً إلى قاعة الإعلام واكتفى العميد محمد فهمي بالقول: اتخذنا جملة قرارات في اجتماع اللجنة على أن يتم مناقشتها في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي تم تأجيل انعقاده في بعبدا من الثالثة إلى الرابعة.

وبحسب معلومات “أحوال”، فإنّ اللجنة الوزارية لم تتوصّل إلى اتفاق كامل على آليات قرار الإقفال في ظل التباين في وجهات النظر بين عدد من الوزراء. فتقرر أن يُترك الأمر لوزيري الداخلية والدفاع لتحديد الآليات ورفعها إلى مجلس الدفاع الأعلى ليتخذ القرار النهائي، سيّما وأن إعلان حالة الطوارئ يحتاج إلى ثلثي مجلس الوزراء، لكن يقضى الأمر بقرار من مجلس الدفاع الأعلى بوجود رئيس الجمهورية كقائد أعلى للقوات المسلحة.

وقد دعا الرئيس ميشال عون في مستهل اجتماع الدفاع الأعلى بحسب المعلومات، إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد بعدما وصلنا إلى مرحلة الخطر الشديد، فوافقه الرئيس دياب وعدد من الوزراء. وبحسب ما علم موقعنا، فإن الإتجاه لإغلاق البلد ومنع تجوّل لمدة عشرة أيام ابتداءاً من الخميس أو الجمعة المقبل مع تضييق حجم الإستثناءات لتشمل فقط المستشفيات والصيدليات والقوى العسكرية والأمنية والصليب الأحمر على أن تصدر وزارة الداخلية تعاميم متتالية تنظم هذا الأمر، مع إجراءات أمنية وقانونية أكثر تشدداً إلى حد تكليف الجيش اللبناني الإنتشار في المدن والشوارع لتطبيق قرار حالة الطوارئ.

إشكاليات تواجه قرار الإقفال

لكن الإشكالية التي استحوذت على مجمل نقاش الوزراء داخل اللجنة: هل سيتمكن الإقفال الشامل من ضبط التفلت الاجتماعي؟ وكيف يستطيع المواطن تلبية حاجاته اليومية من المواد الغذائية والأدوية في ظل إقفال المحال التجارية و”السوبرماركات” و”المولات” وكيف سيتم التعامل مع المخالفين للقانون؟

وبعد جدال حول هذه التفاصيل، حصل شبه اتفاق على إقفال “السوبرماركت” التي تعد أحد أهم مصادر نقل العدوى نتيجة للإزدحام الذي تشهده. لكن مع فتح خدمات الـ”delivery” إضافة إلى فتح مصانع المواد الغذائية والأدوية والأمصال.

لكن قرار الإقفال سيخلق أزمات إضافية ستضاعف عدد الإصابات وليس العكس، سيما أزمة المواد الغذائية التي بدأت تظهر أمس نتيجة الإقبال الكبير على المحال التجارية  تحسباً للإقفال. إذ أكد عدد من أصحاب “السوبرماركات” لـ”أحوال”، أن “خدمة التوصيل إلى المنازل لا تستطيع تلبية أكثر من 10 في المئة من حاجات المواطنين”. وتحدث هؤلاء عن إزدحام مرعب داخل المحال التجارية من دون التقيد بالإجراءات الوقائية”. ودعوا الحكومة للتراجع عن إقفال السوبرماركات والأفران والصيدليات لكي لا يؤدي إلى خلق حالات ازدحام وزيادة الإقبال على هذه المواد الأساسية”. وحصل “أحوال” على مجموعة من الصور التي تظهر إكتظاظ المواطنين في المحال التجارية لشراء المواد الغذائية قبل قرار إقفال البلاد ومنع التجول بشكل تام ما أدى إلى نفاذ الرفوف من البضاعة وكأن حرباً ستقع بعد أيام؛ وقد فرغت رفوف “سبينس” وغيرها من المحال التجارية الكبرى من البضاعة بعد أن اشترى اللبنانيون كل ما يوجد عليها.

لا إقفال للمطار

كما دار نقاش حول إقفال المطار، فتقرر في نهاية المطاف إبقاءه مفتوحاً مع وقف الرحلات من عدد من المدن التي تسبب الوافدون منها بالنسب الأعلى من الإصابات وهي القاهرة وبغداد واسطنبول وأديس أبابا وأضنة.

وأكد وزير الداخلية لموقعنا أنّه دعا في الاجتماع إلى الإقفال التام وفرض إجراءات صارمة أكثر جدية لضبط المخالفات وتقليص الإختلاط الاجتماعي في الأماكن العامة والأسواق”. وأمل فهمي بأن يعود قرار الإقفال التام بالنتائج المرجوة لجهة خفض نسب الإصابات المرتفعة وتخفيف الضغط على الطقاع الطبي والإستشفائي”.

إلا أنّ الإشكالية الأكبر التي واجهت قرار الإقفال الأخير وقرار الإقفال التام الذي اتخذ في مجلس الدفاع الأعلى هو تحوّل المنازل والساحات بين المباني السكنية والأزقة الداخلية إلى “كافيات” و”مقاهي” ودور سينما وملاعب كرة قدم. إذ يستعيض المواطنون عن ارتياد المطاعم و”القهاوي” بسبب قرار التعبئة العامة بتنظيم تجمعات داخل المنازل وساحات الأحياء الداخلية لأفراد العائلة والأصدقاء والأقارب، يتخللها مشاهدة جماعية للتلفاز وموائد الغداء والعشاء ولعب الورق والنرجيلة والسهرات حتى الصباح الباكر من دون أي إجراءات وقائية؛ الأمر الذي يفرغ أي قرار إقفال من مضمونه. علماً أن هذه التجمعات لم تكن تحصل بهذه الحجم خلال مرحلة فتح البلد.

وعندما سألنا وزير الداخلية عن التجمعات في المنازل والإكتظاظ في المحال التجارية وزحمة السير على الطرقات رد بالقول: “هذا ما كنت أخشاه عندما اتخذنا قرار الإقفال، أي عدم الإلتزام”.

محمد حمية

 

 

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى