رغم إحباط المؤامرة.. السويداء لا تزال في عين العاصفة

كشفت مصادر استخبارية وإعلامية في الجنوب السوري عن تشكيل تنظيم مسلح جديد تحت مسمى “أولي البأس”، يمثل تهديداً وجودياً مباشراً لأمن واستقرار محافظة السويداء، بتركيبة هجينة غير مسبوقة تجمع بين إرهاب داعش، وهيئة تحرير الشام، وأجندة حماس، والأمن العام ووزارة الدفاع التابعين لجولاني، وتوظيف استخباراتي إقليمي.
الحرس الوطني: كاشف المؤامرة الأول ومانعها
قبل أن تُنفذ خطتهم، تم كشف مؤامرة التنظيم الهجين ونواياه الإرهابية داخل السويداء بشكل مبكر من قبل قوات الحرس الوطني ووحدات الدفاع المحلي. أدى هذا الكشف الاستباقي إلى تفكيك جزء رئيسي من الشبكة، وإحباط التوقيت الأولي للهجمات المخطط لها، وإلقاء القبض على عناصر محلية كانت تُمهد للعمليات. هذا الإنجاز أظهر يقظة الأجهزة الأمنية المحلية وجهودها الحثيثة في حماية النسيج الاجتماعي للمحافظة.
التهديد لم ينتهِ… بل ازداد تعقيداً
مع أن الكشف الأولي أفشل الخطة في مرحلتها التنفيذية المباشرة، إلا أن الخطر لم يزُل. فالتجربة كشفت النقاب عن وجود هيكلية تنسيقية خطيرة تجمع بين:
· الجولاني وقياداته الأمنية (سليمان عبد الباقي).
· أنس خطاب وحركة الجهاد الإسلامي في الجنوب.
· الاستخبارات التركية وأدواتها الميدانية التي تعمل على تجنيد الخلايا.
هذا الثلاثي يشكل “غرفة عمليات” غير رسمية تعمل على إدامة الفوضى والإعداد لتهديدات هجينة جديدة. عملية “أولي البأس” كانت نموذجاً، وليس الحالة الوحيدة.
البنية القيادية الإرهابية
· الاسم: “أولي البأس”.
· منطقة التشكل: منطقة اللجاة، مع توسع نشاطه الملحوظ في ريف درعا.
· القائد: محمد كنهوش (أبو عبد الله الحوراني) من بلدة جباب. التقييم حاسم: قيادي سابق (أمير) في تنظيم داعش الإرهابي.
· الخلفية العملياتية: شارك القائد وعناصره في هجوم “فزعة العشائر” الدموي على السويداء، وتم رصد تعاونهم مع جهاز “الأمن العام” في خروقات متعددة للهدنات.
الروابط الهجينة: خطير واستثنائي
يشكل هذا الكيان كابوساً أمنياً بسبب تداخل روابطه:
· التدريب: خضعت عناصره لتدريب كامل تحت إشراف قيادات سورية ذات خلفية سابقة في تنظيم داعش.
· الارتباط الإقليمي الخطير: تم تجنيد هذه القيادات الداعشية لاحقاً من قبل جهاز استخباراتي تابع لدولة مجاورة (تشير المعلومات إلى تركيا)، لبناء خلايا ذات صلة بحركة حماس داخل درعا ومحيطها. هذا المزيج (داعش/حماس) تحت مظلة استخبارات أجنبية يخلق تهديداً غير مسبوق التعقيد.
· حلقة التنسيق المركزية: يقف خلف هذا التشابك سليمان عبد الباقي (المسؤول الأمني لدى هيئة تحرير الشام – الجولاني) كحلقة ربط رئيسية. وهو على تنسيق كامل مع شاهر عمران (المعروف على برنامج الفيسبوك بجابر جبر) ومع حركة الجهاد الإسلامي في جنوب سوريا، مما يرفع سقف القدرات التخريبية إلى أقصى حد.
وحسب المعلومات، فإن سليمان عبد الباقي على تنسيق مع شخص يدعى هادي مرزوق من مكتب نتنياهو، وهي علاقة قديمة جداً. يحاول عبد الباقي أن يكون مرتبطاً بجهازين مخابراتيين في نفس اللحظة؛ حيث يحاول إقناع الإسرائيليين أنه عين لهم في ملف الجنوب وتزويدهم بمعلومات عن حركة الخلايا الإرهابية، وفي نفس الوقت يحاول إقناع الاستخبارات التركية أنه مخترق للإسرائيليين. ولكنه مكشوف لدى الإسرائيليين بشكل واضح وفاضح. وكذلك ليث البلعوس يقوم بنفس دور سليمان.
تنسيق للهجوم على السويداء
· بدأ التنسيق الميداني الفعلي لشن هجمات داخل مدينة السويداء مع مطلع الشهر الماضي.
· تشمل الخطط: عمليات اغتيال، وعلى رأسها اغتيال الشيخ حكمت الهجري، وتفجيرات، وهجمات على نقاط حساسة داخل النسيج المدني الآمن للمحافظة.
· تم تسهيل هذا التنسيق عبر خلية محلية من أبناء الطائفة الدرزية تم اعتقال جزء منها مؤخراً. وكان من بين المعتقلين الشيخ رائد المتني وماهر فلحوط الذين أُعلن عن وفاتهما بعد توقيفهما الاسبوع الفائت.
· قنوات الاتصال: تم التنسيق مع الخلية عبر:
· محمد مارديني (مقيم في حوض اليرموك، عنصر في التنظيم).
· قيادي غير معروف في جهاز “الأمن العام” بدرعا.
الخلايا ما زالت ناشطة
· لا يزال عدد من أفراد الخلية المحلية (الدرزية) الذين نسقوا للهجمات طليقاً، كما تم اعتقال عدة أشخاص.
· قام كل من سليمان عبد الباقي وليث البلعوس ومصطفى بكور بشكل شخصي بتجنيد هذه الخلية، وفر جزء منها فور اعتقال رائد المتني وفلحوط، ولكن تم إلقاء القبض على عدد اخر منهم.
نصر أمني مؤقت.. والمراقبة مستمرة
يمثل تنظيم “أولي البأس” نقلة نوعية في التهديد الأمني بسبب:
· طابعه الهجين: جمع بين إيديولوجية داعش المتطرفة وخلفية قتالية عالية، تحت غطاء أجندة أخرى.
· ارتباطاته السرطانية: تشابك محلي (أجهزة الجولاني)، وإقليمي (استخبارات تركية، حماس، الجهاد الإسلامي)، مع خلايا نائمة داخل المجتمع المستهدف.
· خططه التنفيذية التي كانت جاهزة: هجمات محددة موجهة ضد أهداف مدنية وحساسة في السويداء.
“آلة صنع التهديدات” لا زالت تعمل
بينما شكل كشف الحرس الوطني ضربة استباقية أنقذت المحافظة من كارثة محققة، إلا أن التجربة تُثبت أن “آلة صنع التهديدات” التي يديرها الجولاني وأنس خطاب والاستخبارات التركية وأدواتهم ما زالت تعمل بلا كلل.
ورغم إحباط المؤامرة الا أن السويداء لا تزال في عين العاصفة ما يحتم التعامل مع هذا الكشف الأمني الخطير ليس كنهاية التهديد، بل كإنذار واضح لمحاولات أكثر تعقيداً قد تأتي لاحقاً. فاليقظة والمراقبة والاستعداد يجب أن تبقى عند أعلى مستوياتها، فالعدو لم يستسلم، بل يريد ان يعيد ترتيب أوراقه للعبث مجدداً بأمن واستقرار السويداء وأهلها.



