هل يخفف صندوق التنمية أعباء أهالي السويداء أم يزيدها؟

أعلنت اللجنة القانونية العليا في السويداء، اليوم الثلاثاء، عن إحداث صندوق “الدعم والتنمية”، الذي يتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ويرتبط مباشرة باللجنة، على أن يكون مقره المؤقت في دار الحكومة.
أهداف الصندوق وتمويله
وذكرت اللجنة في قرارها أن الصندوق يهدف إلى تقديم الدعم المالي لتحسين الواقع الخدمي في المحافظة، وتلبية احتياجات أبناء السويداء، إضافة إلى تقديم الدعم لأسر الشهداء والمخطوفين جراء الاعتداءات الإرهابية، وتمويل مشاريع تنموية واستثمارية لخلق فرص عمل جديدة، ودعم القطاعات المتعثرة.
وبحسب القرار، تُحدَّد موارد الصندوق من التبرعات والهبات والمساهمات المحلية والخارجية، إلى جانب عوائد استثمار أموال الصندوق، والرسوم والاقتطاعات التي تُفرض بقرار من اللجنة القانونية العليا، فضلاً عن أي موارد أخرى تقرها اللجنة بناءً على اقتراح اللجنة الاقتصادية ومدير الصندوق.
ويتولى إدارة الصندوق اللجنة القانونية العليا، ويُعدّ رئيس اللجنة عاقداً للنفقة وآمراً بالصرف، فيما يُعيَّن مدير للصندوق بقرار من اللجنة، ليكون مسؤولًا ماليًا وإداريًا أمام رئيسها. كما يُكلف أمين صندوق ومحاسب لمتابعة الأعمال المالية والإدارية.
كما أوكل القرار إلى اللجنة الاقتصادية ومدير الصندوق إعداد خطة مالية سنوية، واقتراح أولويات الإنفاق ومجالات الدعم والمساعدة، وتحديد آليات تحقيق الموارد، إلى جانب وضع التقارير المالية والإدارية الدورية والختامية.
ويأتي إنشاء الصندوق في إطار مساعي اللجنة القانونية العليا إلى تنظيم الشؤون المحلية والإدارية في السويداء، وتأمين موارد مالية لدعم الخدمات والمشاريع التنموية وفق إعلانها.
تساؤلات حول آليات التطبيق
خبراء اقتصاديين في السويداء علّقوا على عدة نقاط في القرار، إذ يُنظر إلى قرار تشكيل الصندوق على أنه خطوة مؤسسية تهدف إلى بناء قاعدة مالية محلية منظمة، تسعى إلى تخفيف الاعتماد على الدعم الفردي أو العشوائي، وتوفير موارد يمكن توجيهها نحو تحسين الخدمات والبنى التحتية ودعم الفئات المتضررة.
هذا التوجه يعكس سعي اللجنة إلى إرساء نموذج إدارة محلية أكثر استقلالية واستدامة، وهو ما قد يسهم في تعزيز الاستقرار الإداري والاقتصادي في المحافظة، وفق تعليق ورد على القرار.
في المقابل، ذكر تعليق آخر تساؤلات تتعلق بآليات تطبيق القرار، خاصة في ما يتعلق بفرض الرسوم أو الاقتطاعات الجديدة لتمويل الصندوق، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها السويداء وانخفاض القدرة المعيشية للسكان، فضلاً عن الموارد المحدودة التي تعتمد عليها المحافظة.
كما يُطرح تحدي الشفافية والرقابة على إدارة الأموال، وهو عنصر أساسي لبناء ثقة المجتمع المحلي وضمان توجيه الموارد إلى أهدافها المعلنة بعدالة وكفاءة.
أداة مالية “مركزية”
تضيف التعليقات على صيغة القرار أن صندوق “الدعم والتنمية” يبدو أنه أُنشئ بوصفه كياناً مركزياً يرتبط مباشرة باللجنة القانونية العليا، من دون أن يُمنح أي استقلال إداري فعلي على مستوى البلديات أو المجالس المحلية. هذا الارتباط المباشر، مع كون رئيس اللجنة هو عاقد النفقة وآمر الصرف، يجعل الصندوق أداة مالية مركزية بامتياز، رغم أنه أنشئ باسم “الدعم والتنمية” المفترض أن يكون نشاطه محلياً وموزعاً.
أما من حيث التشكيل، فكون اللجنة القانونية العليا تتكوّن أساساً من قضاة، يثير تساؤلات حول مدى ملاءمة هذا التكوين لإدارة صندوق مالي وتنموي بهذا الحجم. فالقضاة يمتلكون خبرة قانونية وتنظيمية عالية، لكن إدارة موارد مالية وتنموية تتطلب خبرة اقتصادية ومحاسبية وإدارية متخصصة.
بالتالي، يمكن القول إن الهيكل الإداري المقترح للصندوق يحمل طابعاً قانونياً أكثر من كونه تنموياً أو اقتصادياً، ما قد يحد من مرونته في التعاطي مع متطلبات التنمية المحلية أو التمويل المجتمعي.
من زاوية أوسع، فإن تركّز الصلاحيات المالية والإدارية في يد اللجنة القانونية العليا، وعدم توزيعها على هياكل محلية فرعية أو مجالس تمثيلية، يعكس نمطاً من المركزية المشددة داخل إطار الإدارة الذاتية الناشئة في السويداء. هذا النموذج قد يحقق الانضباط والرقابة القانونية، لكنه في المقابل يقلّص المشاركة المحلية ويُضعف اللامركزية المالية التي تشكل جوهر أي تجربة تنموية محلية.
الصندوق من حيث المبدأ خطوة مهمة نحو التنظيم المالي، لكنه في صيغته الحالية يبدو أقرب إلى أداة مركزية تحت إشراف قضائي منه إلى صندوق تنموي تشاركي. نجاحه سيعتمد على الموارد بالدرجة الأولى، ثم الشفافية، وما إذا كانت اللجنة ستسمح لاحقاً بتوسيع دائرة المشاركة والإدارة، أو ستبقي على إدارة مغلقة وممركزة بيدها.



