
نهاية عالمنا كما نعرفه
لم يعد العالم يدور حول محور الصراعات الإقليمية أو الحروب بالوكالة، لقد تجاوزت القوى العظمى هذه المرحلة إلى ما هو أبعد، إلى مرحلة التخطيط المباشر لإعادة رسم الخريطة الجيو-سياسية للعالم.
ما نشهده اليوم من توترات ليست أزمات عابرة، بل هي المقدمات الصاخبة لعملية جراحية كبرى، تُنفذ خططها في غرف مغلقة، وتُجهز لها الميزانيات، وتُحرك الجيوش استعداداً لانطلاق الشرارة. هذه ليست نظريات مؤامرة، بل هي قراءة للبيانات الجيوسياسية الصارخة التي لم تعد تخفي نفسها.
ماذا في لعبة العروش العالمية؟
في الشرق، يتحالف العملاقان الروسي والصيني بصلابة، ليس فقط للدفاع عن حق إيران في أن تكون قوة نووية، بل لتأكيد مكانتها كلاعب رئيسي في المعادلة.
هذا التحالف ليس اعتباطياً، فهو النواة الصلبة للمعسكر الشرقي الذي تسحب الهند، رويداً، نحو مداره، تاركة الغرب في حيرة من أمرها.
وفي المقابل، تُعد واشنطن العدة ببرودة أعصاب، حيث توضع الفصائل العراقية على قوائم الإرهاب تمهيداً لضربات “وقائية”، بينما تُهيأ باكستان لمصير مفضوح، التخلي عنها في صفقة كبرى تضمن الولاء الكامل لإسرائيل.
وفي الغرب، تصل الضغوط إلى بلاط الملك تشارلز نفسه، حيث يحاول “اللوبي” فرض إرادته بإقالة الحكومة البريطانية، في مشهد يظهر أن التحالفات القديمة لم تعد مقدسة.
حتى كندا، الجارة الشمالية الهادئة، ليست بمنأى، فهي على كف التقسيم أو الضم إلى جارتها العملاق.
إنها لعبة مصالح لا مكان للصداقة فيها.
الخريطة العادلة في عيون القوى!
كل إمبراطورية تمد نظرها إلى ما تريد، وكأنهم يجلسون حول طاولة لتقسيم تركة العالم.
· تريد الصين أن تستعيد أمجادها الإمبراطورية، فتبسط هيمنتها على اليابان وتايوان وفيتنام.
· وتعيد روسيا النظر إلى أوروبا الشرقية ودول البلطيق باعتبارها مجالها الحيوي التاريخي.
· أما كوريا الشمالية، فلا تخفي طموحها في ضم الجنوب والتوسع في منغوليا.
· وتحدق واشنطن بشراهة نحو الجنوب، مستعدة لاجتياح فنزويلا وكوبا وكولومبيا، بينما لا تنسى حصتها في كندا ودول الخليج والشرق الأوسط.
· بينما تتجه أنظار أوروبا، الباحثة عن بديل لنفوذها الآفل، نحو القارة الأفريقية الغنية.
هكذا تبدو القسمة “العادلة” في نظر أصحاب القرار العالمي، الذين يؤمنون أن الخرائط القديمة لم تعد تنفع، وأن الدول الاستعمارية الكلاسيكية كفرنسا وبريطانيا قد أنهكت، بينما لم يعد مقبولاً أن تحظى دول مثل ألمانيا وإيطاليا أو كندا واليابان بنفوذ واقتصاد لا يتناسب مع “قوتها الحقيقية” الجديدة.
هذه الطلبات هي جدول أعمال المرحلة القادمة، وما لم يُتفاوض عليه بسلام، سُيفرض حتماً بقوة الحديد والنار.
الشرق الأوسط.. قلب العاصفة
وفي قلب هذه العاصفة، تقف إسرائيل كحليف استراتيجي لا يتزعزع، طامحة في الهيمنة على كامل الشرق الأوسط. ولا تكتفي بذلك، بل تمضي قدماً في خططها، حيث يبشر نتنياهو علناً بقرب بناء الهيكل، مدعوماً بأعمال حفر وأنفاق تحت المسجد الأقصى، في خطوة قد تشعل أكثر الصراعات قداسة وعنفاً.
الاستعداد للعاصفة
يقول هنري كيسنجر إن الحرب العالمية الثالثة، المتوقعة حول عام 2024، ستكون بين قطبيْن: الأول تقوده أمريكا ويضم أوروبا والخليج وتركيا وإسرائيل، والثاني تقوده روسيا والصين وتنضوي تحت لوائهما كوريا الشمالية وإيران.
وهو يتوقع انتصار المعسكر الأول.
لكن بغض النظر عن المنتصر، فإن الثمن سيدفعه البشر في كل مكان، فالنصيحة التي تتردد في أروقة المحللين الاستراتيجيين ليست للدول، بل للأفراد: من أراد البقاء، فليتحصن في ملاجئ آمنة، وليكثر من تخزين بذور القمح لصناعة الخبز، وليكن لديه مخزون كافٍ من الأدوية ومهارات الإسعافات الأولية. الساعة الرملية تدق، والوقت المتوقع ليس طويلاً، ليس أكثر من سنتين إلى ثلاث، حتى تنطلق الحرب الكبرى التي ستغير وجه العالم إلى الأبد.