مصادر الصحة لـ “أحوال”: انفجار بيروت أحبط السيطرة على كورونا
يترقّب العالم ما يُحكى عن لقاح وباء “كورونا”، وأنه سيكون قريباً بمتناول الجميع، وبه سينتهي هذا الليل الطويل الذي حصد أرواح ملايين البشر، ووضع اقتصاديات دول العالم على شفير الهاوية. من الآن، وحتى يأتي ذلك النهار الموعود، فإنّ التعامل مع هذا الوباء ما زال يجرى، وكأنه باقٍ لفترة طويلة من الزمن.
في لبنان، وبالرغم من الإمكانيات المحدودة، على صعيد التجهيزات لاستيعاب هذا الوباء، وحصره ضمن أضيق نطاق ممكن تمهيداً للانتصار عليه لاحقاً، فإنّ القطاعين العام والخاص لا يزالان مستمرِّين في المواجهة، وباللحم الحي. وآخر فصول هذه المواجهة ظهور فحص جديد للمصابين بهذا الوباء ستكون له نتائج إيجابية، على الصعيدين، المادي والطبي.
للغوص في تفاصيل الفحص الجديد، وآخر التطورات حول مصارعة وباء كورونا، أجرى “أحوال” حديثاً مع مدير عام وزارة الصحة بالإنابة “فادي سنان” ونقيبة أصحاب المختبرات في لبنان “ميرنا جرمانوس حداد”.
لا تلاعب بنتائج الفحوصات
تشير نقيبة أصحاب المختبرات الخاصة “ميرنا جرمانوس حداد” إلى الدور الإيجابي للمختبرات في التعاطي مع طلب وزارة الصحة، بإجراء فحوصات للمصابين، أو المشكوك بإصابتهم بوباء كورونا، منذ بداية الأزمة. وتضيف، “في البداية كان هناك أربعة مختبرات فقط، تتولّى إجراء هذه الفحوصات. أما اليوم، فيتوفّر تسعون مختبراً، بعد أن تصاعدت وتيرة التجهيز والاستعداد لمواجهة هذه الجائحة. جرمانوس تشدِّد أيضا على ضرورة الالتزام بالتوجيهات الملزِمة بإجراء الفحوصات في الهواء الطلق، وعلى أيدي أشخاص مدرَّبين.
وعمَّا يُحكى عن قيام بعض المختبرات في لبنان بالتلاعب بنتائج هذه الفحوصات طمعاً بالكسب المادي؛ تنفي جرمانوس هذا الأمر نفياً قاطعاً، وتلفت إلى وجود لجنة فنية منبثقة عن نقابة المختبرات، بإيعاز من وزارة الصحة تتابع عمل المختبرات، بشكل دقيق، وتتأكد من صحة أدائها.
وتعزو نقيبة أصحاب المختبرات في لبنان سبب ارتفاع الإصابات إلى أمرين: الأول هو فقدان السيطرة على الوضع، بعد الانفجار، في الرابع من آب، والثاني استقدام المزيد من الأجهزة التي ساعدت، بصورة فعَّالة، على إجراء عدد أكبر عدد من الفحوصات.
تفاصيل جديدة عن ANTIJEN
جرمانوس تكشف في حديثها “لأحوال” عن تفاصيل جديدة لفحص أل ANTIJEN”” وشروط استخدامه، والذي أقرَّته وزارة الصحة، مؤخَّراً؛ وتقول:”يجب إجراء هذا الفحص في الأيام الخمسة الأولى لظهور الأعراض حصراً، وإلا فإنّ النتائج بعد ذلك التاريخ، لن تكون دقيقة. وتضيف، في حال ظهرت النتائج إيجابية، لن يكون من داع لإجراء فحص ال PCR.
وتوضح جرمانوس أنّ فحص ال PCR يتم اجراؤه مرة واحدة، في حال كانت النتائج إيجابية، ولا داعي لإجرائه مرة ثانية، بعد انتهاء فترة الحجر الصحي، وزوال الأعراض؛ لأن في ذلك مصاريف زائدة لا لزوم لها. أما عن التعرفة المحددة لهذا الفحص، فتقول جرمانوس إنها ستكون ستِّين ألف ليرة لبنانية، وذلك بقرار من وزير الصحة؛ وهي تعرفة ملزمة لجميع المختبرات على الأراضي اللبنانية.
وتلفت جرمانوس إلى أنّ هذا الفحص قد أصبح موجوداً اليوم في لبنان، وإنّما بصورة محدودة، وعمَّا قريب سيكون بمتناول الجميع. وعن المخالفات التي تقوم بها شركات التأمين للعقود الموقَّعة مع المختبرات؛ توضح جرمانوس أنّه قريباً جدّاً سيتم الإعلان عن عقد موحَّد للتعامل بين المختبرات وشركات التأمين، وذلك بعد أن تمادت شركات التأمين في اقتطاع نسبة من أرباح المختبرات وصلت إلى حد الـ 50%، وهي نسبة غير عادلة أبداً. يُذكر أنّ هذا الأمر تنبَّه له وزير الصحة؛ فكان أعطى توجيهاته بالعمل على إصدار العقد الموحَّد بين المختبرات وشركات التأمين.
فادي سنان: كارثة المرفأ أحبطت محاولاتنا
“في دول العالم تم رصد مبالغ ضخمة لمواجهة وباء كورونا. أما نحن فالمواجهة عندنا باللحم الحي”. هذا ما يشير إليه مدير عام وزارة الصحة بإلانابة فادي سنان في بداية حديثه لـ “احوال”؛ ويضيف، “بالرغم من ذلك، فقد نجحنا في السيطرة على الوضع، وبقينا مسيطرين حتى تاريخ حصول الانفجار في مرفأ بيروت” . ويتابع، قبل حصول انفجار المرفأ كان النظام الصحي في لبنان قادراً على استقبال ما بين أربعمائة وخمسمائة حالة كورونا في اليوم، ولكن بعد تاريخ الرابع من آب تغيَّر المشهد كليّاً. فالاختلاط الذي حصل والمظاهرات التي نزلت إلى الشارع، والعدد الكبير للجرحى الذين سقطوا، أحبط خططنا للسيطرة على الوضع؛ فأصبح نظامنا الصحي غير قادر على استيعاب هذا العدد المرتفع والمرشَّح للتصاعد.”
كل مواطن خفير
“لا يمكن مواجهة الوضع، من دون مساعدة المواطن، وتضافر جهود القطاع العام والقطاع الخاص”. معادلة يؤكِّد عليها مدير عام وزارة الصحة للخروج من هذه الأزمة، ويتابع حديثه، قائلا: “كما هو معروف كان الهدف من الإقفال العام الأخير هو إفساح المجال لزيادة عدد الأسرَّة في غرف العناية الفائقة في المستشفيات، بحيث نتمكَّن في المرحلة الأولى من زيادة العدد إلى ستِّين سريراً، على أن يرتفع في المرحلة الثانية إلى مئة وعشرين سريراً، ومافوق”.
المشكلة، لا يراها “سنان” في النظام الطبي بقدر ما تكمن في عدم ثقة المواطن بدولته؛ لذلك “تراه يخالف غير عابئ بالنتائج”. ويسأل: “ماذا يمكن للدولة أن تفعل أكثر مما فعلت لوضع المواطن أمام مسؤولياته؟ هناك منذ تاريخ سريان قرار الإقفال العام حتى اليوم أكثر من 38 ألف محضر ضبط بحقِّ أشخاص خالفوا القرار؛ فما المطلوب أكثر من ذلك؟”
ولا يستبعد “سنان” في حديثه، حلول كارثة كبرى بالقطاع الصحي في لبنان في حال “بقي الناس على ماهم عليه من التسيب والإهمال.”
نبيل المقدم