منوعات

هل يُقدّم الحريري تشكيلته الحكومية قبل المؤتمر الفرنسي لمساعدة لبنان؟

عقبتان تعترضان تشكيل الحكومة: المحاصصة والموقف الدولي!

عند إعلان الرئيس سعد الحريري قبوله تولي منصب رئاسة الحكومة، سادت أجواء في البلاد تشي بأن الرجل حصل على رضى إقليمي وضوء أخضر دولي لتأليف حكومته، ذلك على اعتبار أنه لن يُقدم على هذه الخطوة دون أن يحمل في جعبته حلولًا للعقبات التي اعترضت سلفه مصطفى أديب.

بعد فترة وجيزة، بدأت الصورة تبدو أكثر وضوحاً. أمسك الحريري بورقة التكليف وبات ينتظر الظرف الدولي المناسب لتشكيل حكومته، فجُمّدت مفاوضات التأليف بانتظار “تبلور المشهد الخارجي” وفي مقدّمته الإنتخابات الرئاسية الأمريكية.

غير أن الحريري يدرك أن الظروف الداخلية، ولا سيّما على الصعيدين الاقتصادي والمالي، باتت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، خصوصاً مع تراجع احتياطات مصرف لبنان من العملات الصعبة إلى مستويات تُهدّد الاستمرار بسياسة الدعم، مع ما يحمل هكذا قرار، إذا ما اتُخذ، من تبعات اجتماعية وربما أمنية.

لذا، فإن تشكيل الحكومة بات يستدعي أن تأخذ الأخيرة بعين الاعتبار الرضى الدولي، نظراً لحاجات البلاد لانتشاله من أزمته الاقتصادية، إلا أن هذا الرضى يرتبط بالدرجة الأولى بطبيعة الحكومة ومدى إستقلالية وزرائها عن القوى السياسية، في مقابل إصرار الأحزاب على المشاركة فيها.

وهكذا أصبح سيناريو استمرار حكومة الرئيس حسان دياب بتصريف الأعمال، حتى موعد الإنتخابات البلدية والنيابية والرئاسية المقبلة، أكثر واقعياً، حتّى ذهب البعض بتشبيه المرحلة القادمة بفترة حكم حكومة الرئيس تمام سلام، في ظل الفراغ الرئاسي.

أمام هذا المشهد، جاء خبر تنظيم فرنسا مؤتمراً دولياً مخصصاً لتقديم مساعدات طارئة بعد انفجار مرفأ بيروت، في 2 كانون الأول المقبل، ليُعيد خلط الأوراق: فهل سيستبقي الحريري هذا المؤتمر ويرمي كرة الحكومة في ملعب رئيس الجمهورية مستنداً إلى ضغطٍ فرنسي، أم أن التعقيدات الخارجية ما زالت تقف عائقاً أمام مهمته؟

الكاتب السياسي والصحافي جوني منيّر، يرى في حديث لـ”أحوال” أن “هناك عقبتان تعترضان تشكيل الحكومة، الأولى مُعلنة وهي الخلاف الداخلي المبني على المحاصصة، والثانية غير مُعلنة وترتبط بالمناخ الخارجي الذي يؤدّي بدوره إلى تدوير الزوايا بين القوى السياسية، وهو غير متوفر حالياً”.

ويلفت منيّر إلى أن الاختلاف على الحصص ليس بجديد على صعيد تشكيل الحكومات اللبنانية، إلا أنه عندما يتأّمّن جو خارجي مؤاتٍ، يتدخّل الخارج لتدوير الزوايا، موضحًا أن الجو الخارجي هو “الحوار الأمريكي – الإيراني”، لكنه لن ينطلق قبل تنصيب الرئيس المنُتخب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، وتشكيل إدارته التي ستحتاج إلى المزيد من الوقت لفتح الملفات الخارجية، ومن الصعب الاعتقاد بأن يكون لبنان على رأس أجندة البيت الأبيض، لذا يُشدد منيّر على أن “ثمّة بعض الأصوات الداخلية التي تُطالب بعدم إنتظار الخارج”.

من جهة أخرى، يعتبر منيّر في حديثه لموقعنا أن القوى السياسية تعوّل على الموقف الفرنسي، الذي سينطلق بدعم أمريكي، لتذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة، مشيرًا إلى أن الحريري في صدد تقديم تشكيلته الحكومية خلال اليومين المقبلين، إستباقاً للمؤتمر الفرنسي، إلا أن رئيس الجمهورية ميشال عون لن يقبلها، وبالتالي فهذا السيناريو قد يُحرج الحريري تمهيداً لإخراجه، إما من خلال الإعتذار أو ربما الإعتكاف حتّى إنتهاء الولاية الرئاسية.

مهدي كريّم

مهدي كريّم

صحافي وكاتب لبناني يهتم بالقضايا السياسية والإقتصادية. حائز على ماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى