منوعات

نقيب أصحاب المطاعم لـ”أحوال”: نعَينا القطاع السياحي ولم ننعِ أصحابه بعد!

هي ليست المرة الأولى التي يدق فيها رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان، طوني الرامي، ناقوس الخطر، فـ”سنة 2020″ كانت شاهدة على سلسلة “نعوات” للقطاع السياحي والخدماتي في لبنان، واليوم يستعدّ الرامي لمراسم تشييع قطاع كان الركيزة الأولى لاقتصاد لبنان، ومصدر الوظائف الأول لأبنائه!

في شهر شباط الماضي، أعلن النقيب الرامي عن بلوغ خسائر قطاع المطاعم في لبنان ذروتها، بعد إقفال نحو 900 مؤسسة وتسريح 25 ألف موظف من القطاع بين أيلول 2019 وشباط 2020، ليأتي جواب الحكومة “تأجيل درس مطالب القطاع السياحي إلى اجتماع لاحق”.

وفي شهر آذار، انتقد الرامي تعميم مصرف لبنان رقم 547 تاريخ 23/3/2020 الذي وصفه باللطيف والظريف، سائلًا: “أي مصرف خاص سوف يوافق على إقراض شركاتنا ومؤسساتنا أموالًا على مسؤوليته وبفائدة صفر؟”.

أما في آب وبعد انفجار مرفأ بيروت الذي دمّر العاصمة وتكبّد خسائر طائلة على أصحاب المؤسسات التجارية، اتهم النقيب السلطة بـ”ذرف دموع التماسيح” ووصفها بـ”سلطة بلاء وابتلاء واستيلاء”، معلنًا أنّ خسائر القطاع السياحي تفوق المليار دولار من دمار وركام، ليعود ويطالب أصحاب المؤسسات بالنزول الى الشارع في 24 آب، ولكن بلا جدوى!

وفي تشرين الأول الماضي، أعلن الرامي أن القطاع السياحي في لبنان بدأ يلفظ آخر أنفاسه وينازع، خصوصًا مع هجرة الأدمغة ومنها كبار الاقطاب السياحيين، ليُطلق الصرخة الأخيرة منذ حوالي اليومين، كاشفًا أن قطاع المطاعم خسر 50% من عدد مؤسساته، وأنّ أكثر من 2000 مؤسسة تتعاطى الطعام والشراب لن تستطيع فتح أبوابها مجددًا بعد فتح البلد.

في هذا السياق، يشرح رئيس نقابة أصحاب المطاعم والملاهي، طوني الرامي في حديث لـ”أحوال” أنّ المصاعب والمشاكل متراكمة منذ سنوات، وقد تفاقمت مع سلسلة الأحداث الأمنية والاقتصادية والصحية التي طرأت على البلد، بدءا من حادثة قبرشمون، مرورًا بتداعيات ثورة 17 تشرين وإفلاس البلد وحجز الأموال، وضولًا إلى أزمة كورونا وثمّ انفجار مرفأ بيروت فإقفال البلد من دون أي تعويضات لخسائر القطاع السياحي في لبنان.

من هنا، يشير الرامي إلى أنّ انفجار المرفأ وحده كبّد القطاع خسائر هائلة، بعد تدمير 2069 مطعم في العاصمة و163 فندقًا من أهم وأكبر فنادق البلد، فيما يقف عمل الفنادق الأخرى الى أجل غير مسمّى بعد “تمنّع” معظم شركات التأمين عن دفع التعويضات، و”نحن في حالة تفاوض اليوم مع هذه الشركات، وقد نلجأ إلى رفع دعاوى قضائية”، بحسب قول الرامي.

في المقابل، يشير النقيب لموقعنا إلى أن الحركة الاقتصادية في البلد تتراجع وسط غياب اقتصاد أمنى وسياسي وإصلاحات وحكومة، في حين أن “الدولة لم تظهر لنا أي اهتمام ولا حتى لفتة بسيطة ولا كلمة “الحمدالله عالسلامة”، في الوقت الذي كان فيه قطاع السياحة والخدمات من القطاعات الأولى في البلد، والتي كانت تدرّ على الدولة اللبنانية ما يقارب الـ10 مليار دولار سنويًا، أي أكثر من مداخيل المغتربين التي كانت 9 مليار، مقابل 3 مليار دولار من القطاع الصناعي ومليار دولار من القطاع الزراعي، كما كان القطاع يؤمّن 160 ألف وظيفة عمل مع الضمان الاجتماعي إلى جانب 40 ألف وظيفة لـ40 ألف طالب، ما ساعدهم على دفع مستحقاتهم الجامعية”، وفقًا للنقيب.

أما حول الحلول المقترحة للخروج من هذه الأزمة، فيقول الرامي: “الحل بتشكيل حكومة وإقرار الإصلاحات وتأمين دعم البنك الدولي والدخول إلى مرحلة جديدة في إدارة البلد، حتى ولو كانت شروط البنك الدولي قاسية فهذا كأس يتوجّب علينا شربه لتمرّ هذه المرحلة الصعبة، فنحن نعَينا القطاع ولم ننعِ أصحابه بعد”.

وعما إذا كانت فترة الأعياد ستعوّض القليل من خسائر هذا القطاع، قال الرامي لموقعنا: “نعوّل على المغتربين اللبنانيين، فالقدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني أصبحت شبه معدومة، ومع ارتفاع سعر صرف الدولار ستعجز المطاعم عن تأمين ثمن السلع الأساسية، وقد تضخّ فترة الأعياد بعض الأوكسجين للقطاع لكنها طبعًا لن تعيد إحياءه”.

القطاع السياحي في لبنان ينازع، لافظًا أنفساه الأخيرة، بعدما أسمعت أصواته الصمم، وعلت مطالبته إلى عنان السماء، في الوقت الذي تقف فيه السلطة اللبنانية مكتوفة الأيدي وعاجزة، بعد أن أفلست البلد وجوّعت أبناءه وقتلت ونكبت ما تبقى منه بإهمالها وفسادها وصفقاتها. الأعياد السنة لن تشبه سابقاتها، فالوضع الاقتصادي والسياسي والأمني خنق البلد وضيّق على أهله الذين فقدوا الأمل وأصبح همّهم الأول والأخير “الهجرة”!.

باولا عطيّة

باولا عطية

كاتبة وصحافية لبنانية. تحمل شهادة الماجستير في الإعلام الاقتصادي والتنموي والإجازة في العلوم السياسية والإدارية من الجامعة اللبنانية. والإجازة في الصحافة والتواصل من جامعة الروح القدس الكسليك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى