منوعات

شركات مقدّمي الخدمات تبتزّ الدولة بكهرباء اللبنانيين

عام 2012 إنطلق المشروع “الحلم” في كهرباء لبنان، إذ دخلت “شركات مقدّمي الخدمات” على خط الطاقة لنقل القطاع من الحالة المهترئة إلى النشاط والحيوية والتطور، وتحويل العدّادات في لبنان إلى “ذكيّة” فيتقلص الهدر، وتتحسن الجباية، وتتوقف سرقة الكهرباء، ولكن بعد أن مرّت مدّة العقد الأول قبل تجديده، أي 4 سنوات، تبيّن أن الجباية انخفضت والعدادات لم تتغيّر والسرقة بقيت والهدر استمرّ، ولعلّ الفارق الوحيد كان “زيادة” الكلفة على كهرباء لبنان، وتضخم التنفيعات، وتفريغ المؤسسة من موظفيها وصلاحياتها.

اليوم يبدو أن “إبتزاز” بعض هذه الشركات للدولة بكهرباء اللبنانيين قد بدأ، بحسب مصادر مسؤولة في مؤسسة كهرباء لبنان.

 

BUS تهدّد بوقف العمل

منذ أسبوع بشّر مدير شركة بوتك للصيانة والتشغيل BUS المهندس فادي ابو جودة في بيان، أن الاوضاع المأسوية الراهنة، أدت إلى تعذر تجديد الجزء الأكبر من مخزون الشركة من المواد واللوازم الأساسية: محولات، لوحات توتر، كابلات، عدادات رقمية، مواد ولوازم كهربائية، قطع غيار للصيانة، وأن مؤسسة كهرباء لبنان تخلّفت عن تسديد مستحقاتنا المتراكمة منذ أكثر من سنة، وأن البنك الأوروبي للإعمار والتنمية EBRD توقف عن متابعة إقراضنا ما كنا نحتاجه من تسهيلات لإنجاز المشروع، مشيراً إلى أن العمل على تصليح الأعطال التي تحتاج إلى مستلزمات جديدة وقطع غيار سيتوقف.

أرباح خيالية للشركات

قبل الحديث عن الأزمة الحالية لا بد من الكشف أمام اللبنانيين عن كلفة بعض أعمال هذه الشركات طيلة السنوات الماضية، وما كانت تحقّقه من أرباح دون أي تقدم على صعيد الخدمات أو الجباية أو تحقيق الهدف الأساسي التي أتت لأجله وهو تركيب العدادات الذكية.

أرباح خيالية كانت تحققها الشركات مع العلم أن المبالغ التي كانت تتقضاها الشركات الثلاث من العام 2012 حتى العام 2018 لم تكن متساوية لنفس الخدمة. وفي مثال على ذلك يتبيّن مثلاً أن خدمة “إستلام ومعالجة وتسجيل طلب الزبون المتعلق بالكهرباء المنخفضة الفولتاج” أي “تلقي طلب الزبون واعداد الملف وارسال التفاصيل بالفاكس لفريق العمل المعني حسب المنطقة فقط، دون تنفيذه”، تبلغ 130 دولار لدى إحدى الشركات، بينما نفس الخدمة لدى شركة ثانية تبلغ 3.91 دولاراً. كذلك فإن نفس الخدمة ولكن المتعلقة بالفولتاج المتوسط، تبلغ 261 دولاراً، مقابل 3.91 دولاراً لدى شركة ثانية.

كذلك فإن كلفة “إدارة وتحليل وإرسال تقرير عند قيام أي مشترك بالإتصال لتسجيل شكوى في مركز الإتصال”، هي 7.88 دولاراً، وهذا المبلغ تتقاضاه الشركة من الدولة لتسجيل شكوى المواطن فقط، بينما هي 3.91 دولاراً لدى الشركة الاخرى، والرقم المرتفع أي 7.88 دولاراً للإتصال أتاح للشركة تحقيق أرباح من هذه الخدمة خلال السنوات الأربع الأولى تساوي 7 مليون و584 ألف دولار أميركي.

أن هذا الإختلاف بالأسعار من جهة وخيالية الأرقام مقابل الخدمات من جهة أخرى حقق للشركات أرباحاً بمئات ملايين الدولارات مقابل عمل كان يقوم به موظفو مؤسسة كهرباء لبنان مقابل رواتب شهرية.

مصادر نقابة موظفي الكهرباء تنتفض

لم يمرّ بيان الشركة مرور الكرام على موظفي مؤسسة الكهرباء، إذ تشير مصادر النقابة عبر “أحوال” إلى أن الشركات “لا تستحي لذلك هي تفعل ما تشاء”، مشدّدة على أن الشركات التي حققت الأرباح الطائلة سابقاً دون حسيب أو رقيب تمارس اليوم فعل الإبتزاز للحصول على المال، وتتحدث بالمقابل عن إنجازات حققتها في مشروعها، وهذا ما يمكن دحضه بالعين المجرّدة التي تنظر إلى واقع القطاع اليوم.

وتضيف المصادر: “يطالبون بالمال والمستحقات وهم يحجزون أموال الجباية في المصارف ويستفيدون من الفوائد عليها دون وجه حقّ، حتى أن إحدى الشركات عمدت إلى تكليف شركة أخرى بملف الجباية والاحتفاظ بالأموال، فدخلت الشركة الجديدة بنزاع من المصرف بعد عدم تمكنّها من سداد موجباتها بسبب سوء الإدارة”، مشيرة إلى أن سوء الإدارة هذا يسري على كل عملهم الذي خفّض نسب الجباية.

وعلى سبيل المثال، كان يعمل في مشروع قراءة العدّادات وجباية الفواتير في كهرباء لبنان بشهر شباط عام 2011، 34 موظفاً، كلّفوا الدولة 81 مليون ليرة، صدّروا 48 ألف فاتورة، بقيمة إصدار بلغت 3 مليارات 657 مليون و980 ألف ليرة لبنانية، بنسبة جباية بلغت 97.6 بالمئة، ونسبة القيمة المحصّلة بلغت 97.7 بالمئة.

بينما في شباط عام 2018 في زمن شركات مقدّمي الخدمات، كلّفت الشركات الدولة 127 ألف دولار أميركي، بعدد فواتير مصدّرة 54 ألف فاتورة، بقيمة إصدارات بلغت 3 مليارات و902 مليون و492 الف ليرة لبنانية، بنسبة جباية بلغت 94 بالمئة فقط، ونسبة القيمة المحصّلة 93.7 بالمئة. وهنا تشير المصادر إلى أن المقارنة كفيلة بإظهار نتيجة الشركات مقدّمي الخدمات.

 

إبحثوا عن الحقيقة لدى “نيدز”

في بيان نقابة موظفي كهرباء لبنان دعوة للحكومة إلى أخذ الحقائق كاملة بشأن مشروع شركات مقدمي الخدمات من تقرير “الإستشاري السابق” شركة “نيدز.

إن هذه الشركة بحسب المصادر كانت الشركة الإستشارية التي تراقب عمل الشركات من العام 2012 حتى انتهاء العقد المحدد بأربع سنوات، وقبل نهاية العقد، طالبت الشركة بإنهاء العقد الموقع مع الشركات في موعده وعدم التمديد له بسبب الفشل والكلفة الكبيرة، ولكن يومها لم يؤخذ بتوصية الشركة الإستشارية التي غادرت المشروع.

 

محمد علوش

 

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى