منوعات

قصة الانتكاسة في العلاقة بين ميقاتي وحزب الله

أصيبت العلاقة بين الرئيس نجيب ميقاتي وحزب الله ب”انتكاسة سعودية” بعد الهجوم الذي شنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على الرياض واتهامه الملك سلمان بانه هو الإرهابي، ومسارعة ميقاتي الى التبرؤ من مواقفه وانتقادها، ما استدعى ردا على الرد من قبل عضوي كتلة الوفاء للمقاومة النائبين حسن فضل الله وإبراهيم الموسوي.
كان الحزب حتى الأمس القريب يتفهم حسابات ميقاتي الساعي الى إعادة فتح أبواب الرياض امامه والاستحصال على شرعية سعودية له ولحكومته ربطا باعتبارات موقعه السياسي وحيثيته السنية، وبالتالي هو كان يغض الطرف عن بعض مواقف الرجل المفرطة في مسايرة المملكة، على رغم اقتناع الحزب بأن محاولات استرضائها لن تجدي نفعا وبان كل تنازل يُقدم لها ستقابله بطلب المزيد.
وعلى قاعدة مراعاة ظرف ميقاتي وحراجة وضعه، تحمل الحزب ما يظن انها “مبالغات” في محاولة كسب ود الرياض على حساب السيادة والكرامة الوطنيتين، و”ابتلع” استقالة الوزير جورج قرداحي من دون أن يهضمها لعدم اقتناعه باسبابها وجدواها، وكٓتٓم غضبه بعد طلب ميقاتي ووزير الداخلية ملاحقة الشخصيات البحرينية المعارِضة التي شاركت قبل فترة في مؤتمر في بيروت، وتٓجاهلٓ البيانات المتلاحقة التي يصدرها ميقاتي دفاعا عن المملكة باسم الحكومة من دون العودة اليها.
أما ما لم يتحمله الحزب، فهو ان يصفه الملك سلمان أخيرا بانه إرهابي، من دون أن يحرك ميقاتي ساكنا، مع ان هذا الأتهام موجه إلى مكون اساسي في حكومته وفي المجتمع اللبناني، ببنما بادر هو نفسه الى رفض كلام نصرالله على رغم انه ورد في سياق الدفاع المشروع عن النفس وتصويب الحقائق في مواجهة محاولات التحريف والتضليل، وفق ما يؤكد القريبون من الحزب.
هنا، طفح كيل حزب الله، وأحس بأن ميقاتي ذهب بعيدا في مداراته لمشاعر السعوديين ومصالحهم، متجاهلا ان الرياض هي التي بادرت الى وسم الحزب الذي قاوم الاحتلال والتكفيريين بالارهاب، “ما استدعى اسماعها الجواب والبادئ أظلم.”
اما ميقاتي فيعتبر ان الحزب لا يساعده في إمرار هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة ولا يراعي مصالح اللبنانيين العليا التي تحتاج إلى التهدئة مع الخليج عموما والسعودية خصوصا. وهناك بين مؤيديه من يستغرب كيف أن طهران تفاوض المملكة العربية السعودية في العراق، بينما يصر الحزب على تحويل لبنان ساحة لمواجهة الرياض وتصفية الحسابات معها من دون الأخذ في الحسبان وضعه الاقتصادي والاجتماعي المنهار الذي ينبغي منحه الاولوية.
وما زاد من امتعاض ميقاتي هو الانطباع الذي تكون لديه بان الحزب لا يبادله الإيجابيات التي أبداها، سواء لجهة رفضه دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد من دون حضور المكون الشيعي على رغم ان رئيس الجمهورية يضغط عليه لعقد جلسة بمن حضر، او لجهة تأكيده أخيرا ان حزب الله هو حزب لبناني ويجب التعامل معه على هذا الأساس، الأمر الذي عرضه (اي ميقاتي) لردود فعل حادة من قبل أصوات داخلية وكذلك سعودية استهجنت رأيه في وقت يسعى الى الانفتاح على الرياض وفتح صفحة جديدة معها.
الى اين من هنا؟
يستبعد العارفون ان يتطور التوتر المستجد بين الحزب وميقاتي الى مواجهة قاسية تنتهي بفرط الحكومة التي لا يستطيع احد ان يخوض مغامرة إسقاطها في هذه اللحظة، وبالتالي فالارجح ان الجانبين سيعودان الى الانضواء مجددا تحت مظلة التعايش الطوعي او القسري، لان لا بدائل آمنة ومضمونة عن هذا الخيار حتى إشعار آخر.

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى