ميديا وفنون

“هنا لندن” إلى المنصات الرقمية: الزمن يتغيّر

منذ انطلاق راديو “بي بي سي عربي” عام 1938، بنت الإذاعة ثقة كبيرة لدى مستمعيها بفضل تغطيتها المحايدة لكل الأخبار والصراعات حول العالم.

أصبحت الإذاعة مع الوقت منبراً مفتوحاً للسياسيين وأهل الفكر والثقافة والفن، كما أفاد موقع “بي بي سي”، في اليوم الاخير للبث الاذاعي، والانتقال الى العالم الرقمي.

عبر مذياعها تحدث عدد كبير من المشاهير: أم كلثوم، فاتن حمامة، فيروز، نجيب محفوظ، تحية كريوكا، عبد الوهّاب، صباح وغيرهم.

وكانت دقات ساعة “بيغ بن” وكلمتا “هنا لندن” مدخل الكثيرين من مستمعي إذاعة “بي بي سي عربي” عبر الأثير.

“بعد 85 عاماً من البث المستمر، ينتهي مشوار راديو بي بي سي عربي، لكننا نبقى معكم عبر شاشات التلفزيون وكل المنصات الرقمية الأخرى. الزمن يتغيّر ولكن لا يتوقف “.

تاريخ من تاريخ

ومن المقرر أن يظل محتوى الإذاعة متاحاً عبر الموقع الإلكتروني للهيئة، ومنصات “بي بي سي” للتواصل الاجتماعي وأبرزها فايسبوك وتويتر وانستغرام.

وكشفت الإذاعة عن قرارها بالاستناد على شعار “الزمن يتغير ولكن لا يتوقف”، معلنة عن بدء خطط لتسريع وتيرة تحول خدماتها صوب المحتوى الرقمي وزيادة التأثير الجماهيري حول العالم، في ظل مساعي حثيثة من أجل توفير النفقات.

وأرجعت الهيئة البريطانية في عدد من بياناتها إلى أن قرار الإغلاق “يتماشى مع التغيرات التي طرأت على احتياجات الجمهور حول العالم، وتحول المزيد من الناس صوب المنصات الإخبارية الرقمية”.

في مساء الثالث من كانون الثاني عام 1938، قرأ المذيع أحمد كمال سرور أول نشرة إخبارية على أثير الإذاعة العربية الوليدة، أولى الخدمات العالمية لبي بي سي.

سبق بدء البث مباشرة حفل افتتاح ألقيت فيه كلمات نجل ملك اليمن، الأمير حسين سيف الإسلام، وسفير مصر في لندن عبد الرحمن حقي، والشيخ حافظ وهبة الوزير السعودي في لندن، ووزير العراق في لندن سيد رؤوف الجادرجي.

لكن خبرا عن إعدام فلسطيني، بأمر المحكمة العسكرية البريطانية، سرعان ما عكر صفو المناسبة لبعض الوقت بين المحتفلين وكبار المستمعين العرب الغاضبين من الخبر ومن الحكومة البريطانية التي لامت بدورها مشغلي الخدمة الوليدة على إذاعة النبأ.
دأت الخدمة العربية ببث يزيد قليلا على ستين دقيقة يستهل بنشرة أخبار ثم رسائل من قادة مناطق الانتداب العربية، ثم مواد متنوعة. زادت تلك الفترة إلى ثلاث ساعات مع نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت تذاع خلالها أربع نشرات إخبارية، وكان البث يُستهل بآيات من القران الكريم في نهج استمر لعقود طويلة.

ووفق وكالة انباء الاناضول، انه بمرور الوقت اتجهت بي بي سي للتخفيف من مساحة المادة الإخبارية السياسية إلى المواد الثقافية في محاولة لدعم الخدمة كأداة ناعمة. وكان للغة العربية ورموزها من كبار الكتاب العرب نصيب وافر في برامج الإذاعة بينهم الأديب طه حسين.
وتوسعت الخدمة العربية في بي بي سي وتطورت بمرور الوقت وانضم اليها مزيد من الوجوه التي صارت نجوما في أرجاء العالم العربي الذي كانت معظم محطاته الإذاعية وأدواته الإعلامية مستقطبة بشكل أو آخر ومن بينهم الطيب صالح الروائي السوداني ومديحة المدفعي.

وكانت حرب 1967 فرصة لتكون الخدمة العربية ملاذ جل المستمعين العرب بعدما روت إذاعاتهم رواية غير حقيقية في بداية الحرب التي تركت كثير الحزن على العاملين بالإذاعة دون أن يتخلى أحدهم عن الحرفية والموضوعية المعتادة.

في بداية التسعينات كان يعمل بالقسم العربي زهاء ثمانين شخصا بين مذيع ومنتج وفني وإداري، بعضهم تحول للتلفزيون الوليد الذي أنشأته بي بي سي في عام 1994.

وخططت بي بي سي للاستثمار في أدوات ناشئة فأطلقت موقعها الكتروني ليحل محل منتجاتها الورقية مثل “هنا لندن” و “المستمع العربي” و “المشاهد السياسي”.

وفي عام 2022، ومع تنامي الاعتماد على التقنية الرقمية والانتشار الواسع للهاتف المحمول وما حمله من تراجع للتكنولوجيا التناظرية ورغبة في تخفيض الانفاق في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة والاستثمار في الوسائل المفضلة الجمهور المتلقي، تقرر المؤسسة التحول الى خدمة صوتية رقمية على حساب خدمتها الإذاعية التقليدية على موجاتها المعتادة.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى