رياضة

زلاتان إبراهيموفيتش.. الذّهب الذي لا يصدأ

منذ عام 2018 وخبر انتقال “زلاتان إبراهيموفيتش” من نادي “مانشستر يونايتد” الإنكليزي إلى نادي “لوس أنجيليس غالاكسي” الأميركي يضجُ في الإعلام، بعد مسيرةٍ طويلة في نخبةِ الأندية الأوروبية. هي خطوة ما قبل الإعتزال لأغلب اللاعبين في سنّه (37)، لكنّه “زلاتان” اللاعب الذي يفوق كل التوقعات منذ بداية مسيرته حتى اليوم.

بعد عامين في الولايات المتحدة الأميركية، سجّل النجم السويدي 53 هدفًا في 58 مباراة، بمعدّل هدف كل 93 دقيقة. وقد قرّر “زلاتان” أن يختم رحلته في القارة الأميركية، فقال: “طلبتم زلاتان وأعطيتكم زلاتان، المشوار يستمرّ.. والآن عودوا لمشاهدة البايسبول”.

هذا وقرّر اللاعب المخضرم العودة إلى أوروبا بداية عام 2020، من بوابة ناديه السابق “أي سي ميلان” الإيطالي، وهي خطوة رحّب بها المشجّعون بحفاوة، لكن الشكوك حول قدرة اللاعب على صنع الفارق على المستوى العالي بسن الـ39 لم تكن خفية.

من يعرف “زلاتان” يعرف أنّهُ يعشقُ التحديات، وما أجملَ مِن أن تعود بفريقٍ عريقٍ إلى مكانته المرموقة بعد عقدٍ من المعاناة؟

سجّل إبراهيموفيتش 10 أهداف وصنع 5 في 18 مباراة من موسم 2019-2020، ليساعد ناديه في الوصول إلى المركز السادس والتأهّل للدوري الأوروبي بعد بداية مأساوية للموسم. هذه أرقام برهنت أنّ اللاعب لديه ما يقدّمه لنادي “ميلان”، ما دفع الأخير إلى تجديد عقد إبراهيموفيتش لموسمٍ آخر، وهو قرار قد يكون الأفضل لإدارة “ميلان” في السنين العشر الماضية، أي منذ استقطاب إبراهيموفيتش لأول مرة.

وفي بداية موسم 2020 -2021، وبعد 7 جولات من الدوري الإيطالي، سجّل زلاتان 8 أهداف في 5 مباريات، مستحقاً جائزة “لاعب شهر أوكتوبر” في إيطاليا، ومساهماً بشكل أساسي في تربّع “ميلان” على عَرشِ صدارة الترتيب. وإضافة إلى ذلك، لم يُهزم النادي في آخر 22 مباراة محلياً.

أرقام زلاتان هذا الموسم، وعلى عمر 39 عامًا، هي أفضل بداية في مسيرته المليئة بالنجاحات. بدايةٌ ترسم الطموحات في مخيّلة “الميلانيستا” بلقب الدوري، الحلم الّذي كان مستحيلاً منذ عام. هذا الميلان المتألق ليس فقط زلاتان، لكنّه يَفقدُ الكثير بغيابه، فهو العنصر الأساسي والجامع في هذه التركيبة الجميلة.

وفي إنتداب زلاتان، جلبَ الميلان قائدًا للاعبيه الشباب، يتحمّل المسؤولية ويدفع الجميع للتأدية بشكل أفضل، كما ضَمَنَ النادي هدّافاً لن يفرّط بأي فرصة لجلبِ النقاط. فالعقلية في “ميلانيللو” تغيّرت كثيراً منذ قدومه، ما جعلَ من الفريق مجموعة متعطّشة للنجاح، كما أعطاهم الأمل بتحقيق النجاح.

هدف الميلان هذا الموسم هو المركز الرابع، أمرٌ أوضحه المدير التنفيذي للنادي “باولو مالديني” منذ بداية الموسم، لكن زلاتان صرّح بأنّه يملك أهدافاً خاصة، ملمّحاً إلى لقب الدوري ولقب الهدّاف.

من يشاهد مباريات الميلان، يرى في زلاتان لاعباً برغبة البدايات، لاعباً بعمر العشرين، متعطّشاً للفوز ومتناسياً أنّه يملك 31 لقبًا في مسيرته المجنونة. كيف لا وهو يشبّه نفسه بشخصية “Benjamin Button” الهوليوودية، الّذي يبدأ حياته مسنّاً ويزيدُ شباباً مع تقدمه بالعمر.

من تابع كرة القدم في العقدين الماضيين، تابع ظاهرةً إسمها “زلاتان إبراهيموفيتش”، بدءًا من أدائه على أرضية الميدان، مرورًا بتصريحاته الإعلامية، وصولًا إلى شخصيته الفريدة التي تؤثّر على كل من حوله.

اليوم “زلاتان إبراهيموفيتش” هو هدّاف الدوري الإيطالي. أمرٌ ليس بغريب عن لاعب سجّل أكثر من 500 هدف في مسيرته، لكن أن يقوم بذلك في هذا العمر، ليس سوى دليل حي على أن العمر مجرّد رقم حين يكون القلب يافعاً والذهن صافياً.

“زلاتان إبراهيموفيتش” هو تجسيدٌ حيّ للذهب الّذي لا يصدأ، ولا شكّ أن العيش في زمن يلعب فيه “إبراهيموفيتش” هو نعمة لن نقدّرها إلّا بعد إعتزاله.

إبراهيم مخزوم

ابراهيم مخزوم

صحافي لبناني. يحمل شهادة الإجازة في الصحافة وعلوم الإعلام من الجامعة اللبنانية. يهتم بالصحافة الرياضية الإجتماعية والتكنولوجية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى