هو قائد فرقة “الجليل” العميد “شلومو بندر”. توصيفه يدلل على المهام المناطة بها. إيجاد السبل لإعاقة خطط حزب الله في السيطرة على الجليل في أي حرب مقبلة.
خلال المناورات الدفاعية” الأخيرة، برز نجم شلومو بندر أكثر. كان يشرف على عدد كبير من قوات العدو، من جنود خدمة فعلية وجنود احتياط. وهو من أشرف على بناء العوائق الحدودية، لكنّه يعترف، في مقابلة أجرته معه صحيفة “إسرائيل اليوم”، أنّ أيّة عوائق يمكن تخطّيها لذلك فإنّ فرقته وجيشه يحضران للتعامل مع تقدم لقوات حزب الله.
في المقابلة، أخفق “بندر” كثيرًا، يمكن ملاحظة ذلك في ذكره لردّ حزب الله على استشهاد أحد عناصره في سوريا. كان ملفتًا أنّه ربط الرد “بسلسلة من الثأر” ادّعى أنّ حزب الله أخفق بها، كاغتيال عناصر للمقاومة في القنيطرة عام 2015 وأيضا اغتيال الشهيد القائد سمير القنطار. بندر ربما عن قصد أو غير قصد خانته الذاكرة، وتناسى أنّ المقاومة ردّت على عملية القنيطرة بعد عشرة أيام، واستهدفت موكبا عسكريا اسرائيليا قرب مزارع شبعا، في مكان توقعه العدو قبل يومين من العملية لكنّه لم يتمكن من منعها، ما أسفر عن مقتل عدد من الجنود وإصابة آخرين. اعترف العدو يومها بمقتل اثنين. وأمّا فيما يتعلق بالشهيد القنطار، فأيضا نفذت المقاومة عملية ردّ نوعية بعد أسبوعين فقط، عبر عبوة ناسفة زُرعت أمام مدخل إحدى قواعد العدو العسكرية في عمق مزارع شبعا اللّبنانية المحتلّة واستهدفت آلية عسكرية. لم يعترف العدو بوقوع إصابات لكنّ محلّليه انبروا إلى تحليل البعد الأمني للضربة.
يجب ذكر التفاصيل، للبناء عليها في مغازي شلومو بندر، أوّلًا لدحض مزاعمه، التي بنى عليها مواقف من التهويل والتهديد، وثانيا للتأكيد بأنّ الردع قائم وجيشه يعترف به.
يكمل بندر بمقابلته، فيَصِل إلى حدّ البناء على كشف الأنفاق قبل أعوام عند الحدود. العملية التي سمّيت يومها “درع الشمال” واستند إليها “بنيامين نتنياهو” لحسابات انتخابية. هذه العملية التي أسفرت عن كشف عدد من الأنفاق لا تتخطّى عدد أصابع يد واحدة، حظيت باستهزاء كبار المعلقين العسكريين الاسرائيليين عندما تم ربطها بعملية “الجليل” التي تخطّط لها المقاومة، فمن غير المنطقي أن تعبر قوّات بأعداد كبيرة، وربّما ترافقها آليات، عبر أنفاق معدودة تستخدم للأفراد. الأهم ما كشف لاحقًا عن رسائل نقلت إلى لبنان قبل بدء العملية، عبر القبارصة والأمم المتحدة والمصريين، مفادها أنّنا (الإسرائيليون) سنكشف على الأنفاق لا أكثر، ما يعني أنّ نتنياهو كان يستعرض إعلاميًا. أمّا عسكريًا فيمكن تبيان رأي أي جندي ليبتسم ويقول: إنّها مزحة.
بنى قائد فرقة “الجليل” على الأمر ليتحدّث عن عبور الحزب من فوق الأرض. الملفت أنّه وصف تلك الأنفاق بالمشروع الاستراتيجي الذي كلّف حزب الله ملايين الدولارات وتمّ تدميره.
في النقطة الثالثة التي يجب التوقف عندها في تصريحات شلومو بندر هي تصميمه على عدم العمل وفق المعادلات التي رسمها حزب الله منذ زمن وحدثها بعد الدخول الى سوريا. يقول إن جيشه لا تعنيه هذه المعادلات وسيعمل ما يراها مناسبا. ما فات بندر أمور عدّة، هو أراد عن قصد عدم التطرق إليها، ربّما لرمزية موقعه العسكري. من أهم هذه الأمور، أنّه عند قتل الإسرائيليين عناصر للمقاومة في سوريا، يسارع الطاقم السياسي في كيانه إلى إرسال رسائل إلى لبنان، تقول: “نحن لم نقصد قتلكم”. حصل ذلك ثلاث مرات. رسائل تتضمن أيضًا تهديدات عالية السقف، سرعان ما يكتشف زيفها عند ردّ حزب الله. يجب ذكر الأمر للقول: إنّ المعادلات التي رُسمت من قبل المقاومة أخضعت الجيش الإسرائيلي والجهات السياسية لها، وإلّا لمَ المسارعة إلى إرسال رسائل فيها شيء من الاعتذار عند ارتكاب حماقات في سوريا؟ هنا يمكن تسجيل فضيحة للعميد المندفع.
النقطة الرابعة والتي تحمل تناقضات هي إشارته إلى بناء الجدران عند الحدود. يزعم أنّ بناءها لهدفين:
– عرقلة التسلّل إلى الجليل.
– جعل إطلاق صواريخ من الأراضي اللّبنانية صعباً.
يترك التحليل في هذين الهدفين للقارئ نفسه.
في تقييم مجمل تصريحات قائد فرقة “الجليل” يتبيّن أنّه استخدم السقف العالي في التهديد. يُفهم ذلك على أنّه جزء من الحرب النفسية التي لم تمنع يومًا ردًّا أو عملًا عسكريًا تنفذه المقاومة في لبنان. وفي التقييم أيضا يتبيّن أنّ الرجل المندفع اعترف بشكل مبطّن بعدم اكتمال القدرات العسكرية لمنع أيّ عمل من لبنان أو خوض حرب طويلة هناك عندما أجاب على سؤال عن الجهوزية بالقول: “أعتقد أنّنا أصبحنا أفضل”، رغم محاولته إظهار العكس.
وفي ختام المقابلة يعترف بأنّ حزب الله يراكم الخبرة ويرفع من جهوزيته وأنّ قرارَه في لبنان وليس في إيران، وهذه النقطة يحال إليها كثيرون في لبنان والمنطقة ممّن يخاصمون المقاومة.
وفي التقييم أيضا، أن مقابلة “بندر” ثغرة ومليئة بالثقوب، وهدفها إعلامي داخلي بامتياز، بالدرجة الأولى، وفي الدرجة الثانية من الواضح أنّها تسويق لشخص شلومو، فـ”إسرائيل” بحاجة إلى أبطال ورموز تعزّز ثقة الجيش بنفسه.
قراءة في مقابلة “شلومو بندر”: أسهب فأخفقا
عتراف بقدرات حزب الله ومنبع قراره
خليل نصر الله