مع دخول البلاد في مدار المهلة الدستوري لانتخاب رئيس للجمهورية لايزال التعثر في تأليف حكومة جديدة سيد الموقف في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية، ما يرسم مشهداً قاتماً وحالك السواد كلما اقتربنا من مرحلة الفراغ الرئاسي والحكومي معاً.
وعلم “أحوال” أن المساعي السياسية تتكثف بين المقرات الرئاسية ويشارك فيها حزب الله، لتذليل العقد التي تعطل التأليف للخروج من النفق والمأزق الدستوري المظلم، والذي سيولد اشتباكات سياسية ويخلق أزمة ميثاقية مع التهديد والوعيد الذي يطلقه التيار الوطني الحر وقصر بعبدا، برفض تسلم الحكومة الحالية صلاحيات رئاسة الجمهورية في مرحلة الفراغ بعدما سلم الجميع بأننا ذاهبون اليه في تشرين المقبل.
وتتعزز المخاوف من الفراغ، بلامبالاة الخارج، إما لأن نتائج الانتخابات لا تضمن للمجتمع الدولي وصول رئيس له قبل التسويات الإقليمية والدولية، أو انشغاله بالحرب الأوكرانية – الروسية، وأزمة الطاقة العالمية.
عضو تكتل لبنان القوي، النائب جيمي جبور، يشير لموقع “أحوال” الى أن “ميقاتي يُخفي ورقة التكليف في جيبه ولا يشكل حكومة ويخالف الأصول الدستورية ويتصرف بلامبالاة تجاه المواطنين”.
ويوضح أنه “في حال شكلنا حكومة جديدة فإنها لا تعتبر مستقيلة إلا بعد انتخاب رئيس للجمهورية وبالتالي تستطيع ممارسة صلاحياتها الدستورية إضافة الى صلاحيات رئيس الجمهورية، أما الحكومة الحالية تقوم بتصريف الاعمال ضمن المفهوم الضيق وبالتالي ليست حكومة دستورية، لذلك يجب ان لا ننتظر ونبقى في دوامة الجدال الدستوري، وعلى ميقاتي الذهاب الى تشكيل حكومة دستورية للتصدي للازمات والاستحقاقات الأساسية كترسيم الحدود ومفاوضات صندوق النقد الدولي والتصدي للأزمات المالية والاقتصادية”.
ويكشف جبور أن “ميقاتي قال للوزراء إنه لا يريد التأليف وكذلك سمع من البطريرك الماروني ما بشارة الراعي ضرورة تأليف حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن ورفضه تسلم الحكومة الحالية صلاحيات رئاسة الجمهورية”.
ويضع نائب التيار علامات استفهام كبرى لعدم تأليف حكومة، وقال: “إذا شكلنا الحكومة الجديدة فهناك الكثير من الملفات الأساسية ستطرح على جدول الأعمال وسيضطر ميقاتي الى إبداء موقف منها، لذلك تسبب له الاحراج، كما خوفه من طرح رئيس الجمهورية طرح إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لذلك من مصلحته انتهاء العهد قبل تأليف حكومة”.
ويحذر عضو كتلة لبنان القوي من ذهاب ميقاتي الى دار الفتوى لتحصين موقفه وموقعه السياسي والطائفي لا سيما وأن تمثيله الشعبي معدوم وهذا ما اثبتته الانتخابات النيابية الأخيرة، لذلك عتبنا على الثنائي الشيعي الذي سمى ميقاتي ولحقته كتل سياسية أخرى وأوصلت ميقاتي الى سدة التكليف، لذلك قوة ميقاتي متأتية من قوة الثنائي وعندما يسحب التكليف منه سيفقده”.
ووضع جبور النواب الذين سموا ميقاتي بمن فيهم الثنائي أمام مسؤوليتهم متسائلاً: “هل يقبلون افراغ البلاد من حكومة دستورية تتولى إدارة البلاد في ظل الفراغ والانهيارات؟.
أما الكتلة المعارضة فتتهرب من المسؤولية وتتخذ منحى الحياد من الصراع القائم. لكن النائب المعارض أديب عبد المسيح يقول لـ”أحوال” إن “العلة موجودة بالمنظومة الحاكمة والتي تتلهى بالسجالات العقيمة في البلد، أما نحن فطرف معارض بالدستور ولن نشارك بالحكومة، فهناك منطق دستوري أن السلطة لا تقبل الفراغ، ولذلك أي حكومة تستطيع ملئ الفراغ، ولتجنب هذا الجدال الدستوري، ندعو لتشكيل حكومة انقاذ وطني تعالج أزمات الناس، لكن لا أرى ولادة الحكومة في ظل الأوضاع الحالية، وحتى لو شكلنا حكومة ستعتبر حكومة مستقيلة في 31 تشرين المقبل”، معتبراً أن “عرقلة الحكومة هي نتيجة الصراع الذي يراكم الانهيار، ونحن لم نصوت لميقاتي لكن نؤيد طرح سحب الثقة منه”.
وتساءل: “ما الذي يغير إذا توسعت الحكومة بوزير بالزائد أو بالناقص، ما يهمنا تجنب الفراغ بانتخاب رئيس للجمهورية يجمع اللبنانيين، سيادي وإصلاحي وتغييري ولديه حلول جذرية وعملية للازمات”.
إلا أن النائب جبور يشير الى أن “انتخاب رئيس الجمهورية أساسي لكنه لا يحل الأزمة في البلد من دون حكومة كاملة الصلاحيات والمواصفات، لذلك يجب الانكباب على تأليف الحكومة، لأن السلطة مناطة بها، وليس بحكومة بتراء، ولدينا متسع من الوقت لإنجاز انتخاب الرئيس لكن تأليف الحكومة أولوية لا سيما وأن باب انتخاب الرئيس لايزال موصداً لغياب توافق الكتل والقوى السياسية على رؤية موحدة ومرشح واضح، والسبب الثاني إعلان الرئيس نبيه بري أنه لن يدعو لجلسة قبل توافر الظروف الملائمة”.
ويشير الى أن “انتخاب الرئيس مؤجل لأن، كل المعطيات تشير إلى عدم الاتفاق على الرئيس وتوجه الأكثريتين الكبيرتين في المجلس الى تعطيل نصاب الجلسات، لتعطيل مرشح الطرف الآخر لذلك الحكومة هي الأولوية”.
أما عبد المسيح فيشير الى أن “الهدف من اجتماعات المعارضة ليس التعطيل، بل العكس طرح شخصية أو عدة شخصيات لترشيحها مع برنامج متكامل ونذهب للاستحقاق الرئاسي بديموقراطية، ونحن وضعنا المعايير وبدأنا بجولات متعددة لكل الكتل السيادية لتشكيل جبهة وازنة لخوض المعركة الرئاسية”.
محمد حمية