النفايات إلى مزيد من التراكم وعبود لـ “أحوال”: نحن نعالجها
عادت مشاهد أكوام النفايات لتغطي شوارع جبل لبنان، ووصلت في بعض المناطق لعرقلت السير كما حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت، ولتملأ الأجواء روائح وسموم تفتك بكل من يتنفس، وكأن قدر اللبنانيين أن يبقوا يعيشوا أزمة النفايات فوق كل الأزمات التي يعيشونها يوميًّا.
مصدر خاص أكد لأحوال أن أسبابًا كثيرة أدّت إلى هذه الكارثة، أولها التأخر بدفع المستحقات للشركات المتعهدة جمع النفايات من قبل الدولة، فالدفع يتم بعد تسعة شهور إلى الإحدى عشر شهرا، وهؤلاء العمال مياوميون والشركات تعجز عن دفع مستحقاتهم بسبب المصارف التي تمتنع عن دفع المبالغ التي تحتاجها الشركات.
ولفت المصدر إلى أن المتعهد لديه حق لدى الدولة، فهو إضافة لتأخر صرف الأموال، فإنه يذهب إلى صرف الشيك بانكير بسعر أقل من قيمته ويخسر 30% من قيمة الشيك، ما يرتب أعباءً وخسائر كبيرة على الشركات.
وشدد المصدر على أن المشكل الحاصل بموضوع النفايات هو مشكل مالي، وأي تأخير بالدفع للعمال سيؤدي إلى ترك العمال، ويصعب اليوم تأمين بديل في ظل التأخيرات بالدفع وانخفاض الأجور, فكل يوم تأخير في جمع النفايات بحاجة إلى ثلاثة أيام للتعويض عنه.
الموضوع ليس وليد اللحظة وإنما نتيجة التراكمات، فمنذ فترة عقدت عدة إجتماعات بين المعنيين لاتسدراك الأزمة، لكن الحل يكمن لدى الحكومة ومصرف لبنان، والآلية الروتينية لصرف الأموال والتي عادة تأخذ الكثير من الوقت فتزيد من الأزمة، فكلما أردت أن تدفع دفعة للمتعهد عليك أن تصدرها بمرسوم، وهنا نحن بحاجة إلى آلية أسهل وأسرع لكي تحول الأموال إلى المتعهد بطريقة أسرع، وأكد المصدر أن الموضوع ليس متروكًا، فالحكومة ووزارة البيئة يتابعون ما يحصل.
محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود أكد لأحوال، أن لا أزمة في بيروت حتى هذه اللحظة، ونحن نعالجها، وكنا سنقع في الازمة نفسها بسبب عدم دفع المستحقات للشركات التي تعهدت النفايات كي تستمر بدفع رواتب عمّالها، وهم بحاجة إلى أموال نقدية لأن عمالهم مياومون وبحاجة إلى أن يتقاضوا رواتبهم نقدا، ونحن وبالاستناد إلى القانون رفعنا قليلا بدل العقد ببعض البنود، فلا أزمة حاليا في بيروت أقله لمدة ثلاثة أسابيع.
غرقت شوارع الجبل بالنفايات، وحتى إعداد هذا التقرير لا شيء يبشر بحل الأزمة، كيف لا والسبب مالي، ولبنان يعاني على هذا الصعيد، ما يعني أن حل هذه المشكلة مرتبط بشكل مباشر بالوضع النقدي للبنان، وإذا لم يعالج هذا الوضع سنبقى ندخل كل فترة في نفس الدوامة، لأن الحلول الترقيعية لم تعد تجدي نفعًا، والجدير ذكره أن أزمة النفايات ليست وليدة اللحظة، إلا أن الحكومات المتعاقبة أهملت هذا الملف وتقاعست عن حله بالطرق العلمية والتي كان من المفترض أن تعود على الخزينة بالأرباح وتخفف من تداعيات النفايات الصحية، عوضا عن فتح المطامر ودفع الأموال الطائلة لدفن النفايات.