أحمد شمس الدين… شاب لبناني فرنسي مرشح لتولّي وزارة المالية. هكذا ترشح التسريبات في الساعات الأخيرة حول مداولات التركيبة الحكومية المنتظرة، وبعد ساعات من تداول اسم مدير العمليات المالية في مصرف لبنان يوسف خليل في ظل “التسهيل” الذي منحه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. فمن هو المرشح المحتمل لأكثر الوزارات حساسية في الإدارة اللّبنانية؟.
أحمد محمود شمس الدين، من بلدة زوطر الشرقية قضاء النبطية، هاجر إلى فرنسا واندمج في بيئتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكن لم يفقد صلته ببلده الأم وبقي مثابراً على إحياء الأمل بالبدء بمستقبل مزدهر ومتطور. وهو يعمل ضمن مجموعات ضغط فكرية لتصويب مسارات العمل الحكومي والمؤسساتي الإصلاحية في الدولة اللّبنانية.
“كان جدي الضابط في قوى الأمن اللّبنانية يقول لي دائماً إن هذا البلد غير قابل للحكم ولا للسيطرة، لأن النظام بأكمله فاسد، وأن النجاح في هذا البلد لا يمكن تحقيقه سوى بأن تكون جزءاً من هذا النظام وبأخطائه، يجب أن تنجح في مكان آخر”. لهذا السبب غادر شمس الدين لبنان إلى فرنسا لكن أمله العنيد بتحقيق التغيير في النظام القائم لم يغادره. هذا ما عبّر عنه في مقال نشره باللّغة الفرنسية على موقع “ميديوم” في 10 آب بعد انفجار بيروت وزيارة الرئيس الفرنسي إلى لبنان، وعنوانه “الجمهورية اللّبنانية الجديدة: نحو ميثاق جمهوري جديد؟”.
لم ينقطع شمس الدين عن زيارة لبنان وكان يرافق الزوار الفرنسيين من الشخصيات الوزارية والبرلمانية الفرنسية وعمل معهم على المساعدة في تحقيق تغييرات إصلاحية في لبنان “كنت دائماً آمل في تغيير النظام من فرنسا. لذلك ضاعفت المبادرات في فرنسا (اقتراح بتشكيل حكومة ظل، وإنشاء أول مؤسسة فكرية لبنانية، وإطلاق شركة ناشئة تهدف إلى تعزيز وتوفير الوصول إلى التعليم للشباب اللّبنانيين، وما إلى ذلك) وحاولت الجمع بين المنظمات اللّبنانية الشابة والفرنسية اللّبنانية التي يبدو أنها تشاركني نفس الأمل”.
الوزير المحتمل الشاب خريج المعهد العالي للكهرباء الفرنسي، راكم خبرات في عدد من المؤسسات الاقتصادية الفرنسية بعد تخرجه في العام 2012، أبرزها في شركة “فينسي” للطاقة ومؤسسة “أورو غروب” الاستشاريةـ كمستشار أول في مجال تخطيط المشاريع واستثمار الطاقات البشرية والمواد الأولية ووضع الموازنات والبحث عن مصادر التمويل. وكلها عناوين تندرج في خانة مهمات أي وزير مالية يأتي تحت عناوين إصلاحية. وهذا ما شجع الرئيس بري على طرح إسم يدغدغ المواصفات التقنية لحكومة المهمة التي وضعها الرئيس الفرنسي.
دستور جديد ودولة علمانية
للخروج من الأزمات اللبنانية المتراكمة ومواجهة الأخطار المقبلة على لبنان، يفترض شمس الدين أن الحل يكمن في تغيير شامل للطبقة السياسية، وصياغة دستور جديد قوامه “لبنان دولة علمانية، وفصل الدين عن الدولة، وضع قانون انتخابي جديد على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة. منع التمويل الخارجي للأحزاب اللبناني، ضمان استقلالية القضاء”.
شارك شمس الدين في إنشاء المؤسسة الفكرية البحثية “مركز الطاقة والابتكار اللبناني” في فرنسا مع كل من رجل الاقتصاد اللبناني الفرنسي نيكولا سركيس والبروفسور الخبير في الاقتصاد دانيال ملحم، ويضم المركز عدداً من الباحثين والمفكرين الذين يعملون في الإدارات ومؤسسات الضغط الفرنسية. وحظي المركز برعاية رسمية فرنسية وقد شارك رئيس الحكومة الفرنسي الأسبق دومينيك دوفيلبان بافتتاح المركز في الدائرة 16 في العاصمة الفرنسية في العام 2017. وقدمت المؤسسة الفكرية دراسات واقتراحات عدة تتضمن خططاً استراتيجية لمستقبل الصناعة النفطية في لبنان. وتأخذ المؤسسة على عاتقها المساهمة في خطط العمل على تطوير وازدهار لبنان كما تقول في نبذتها التعريفية.
نشط أحمد شمس الدين في حركة “الجمهورية الى الامام” التي أسسها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وكان مدافعاً عنه خلال الانتخابات في العام 2017 حيث ظهر على وسائل الإعلام الفرنسية والعربية مدافعاً عن أولويات برنامج عمل الرئيس في استعادة الحياة السياسية والحفاظ على الأمن وخفض البطالة وتحرير النمو الاقتصادي. وقد عبر شمس الدين مراراً عن احترام حركتهم En marche الناخبين الذين صوتوا لليمين المتطرف لكنها ترى أن هذا اليمين خطر على الجمهورية الفرنسية.
أفكار وزير المالية العتيد إذا صحت التوقعات وتوافقت التسميات يتناسق مع طروحات عدد كبير من الأفرقاء اللبنانيين، لكنها عملية صعبة ومعقدة سيكتشف تفاصيلها إذا ما دخل الحكومة الجديدة آمناً. لا ينكر شمس الدين أن المسيرة صعبة ومعقدة فيقول “سيكون هناك طريق طويل لنقطعه، لكن يجب إعطاء الأولوية لمعالجة العلّتين الرئيسيتين في البلاد: الطائفية والفساد”.
رانيا برو |