ولّى زمن الفشخرة: “التوك توك” بديلاً واقعياً
دخل “التوك توك” إلى الشّوارع اللّبنانية متحديّاً الانهيار وجنون الأسعار، كيفما التفت تصادفه أمامك، اختلف المشهد عن السنوات الماضية: سيارات ضخمة فارهة ورباعية الدفع سيدة الطريق، عاد جزء من اللبنانيين الى الواقعية وليس أقلها استعمال عربات التوك توك.
ربما الأمر يحتاج لنقاش مع علماء النفس حول كيفية نظرة الشعب اللبناني للسيارة، بالنسبة الى الكثيرين ليست حاجة ووسيلة بل غاية وقيمة واسلوب حياة، أما بعد الانهيار فقد أخذت الواقعية بالتمدد.
وعادةً ما أضحت عربات التوك توك سمة بعض المدن الآسيوية كوسيلة نقل سريعة ورخيصة في بلدان مكتظّة وتُصنف أنها تقع تحت خط الفقر، أخذ بعض اللّبنانيين يعتمد عليها كوسيلة استثمار تتحدّى الظّروف المعيشيّةّ في بلد يفتقد للعمل والفرص، واحتلت مكاناً في نقل العمّال والموظفين والطلاب الى المدارس ونقل البضائع.
يؤكد عماد.ب، صاحب “توك توك” من منطقة البقاع، أن “أجرة النّقل من خلال هذه العربة منخفضة ومناسبة للجميع، قياساً مع أسعار وسائل النّقل التّقليديّة، ما جعلها الوسيلة الأفضل بالنّسبة لكثير من أهل المنطقة”، مشيراً إلى أنه “استطاع بفترة قياسيّة أن يكوّن شبكة من الزبائن يتصلون به عبر الهاتف كي يقوم بنقلهم، خصوصاً السيدات اللّواتي يردن التّبضع من سوق الخضار حيث بإمكانهن الحصول على متطلباتهن بسرعة”.
وإلى جانب اعتماده كوسيلة لنقل الرّكاب، أصبح لـ”التوك توك” حضوراً قويّاً أيضاً في عالم التّجارة، إذ بات يستخدم كمؤسسة تجاريّة متنقّلة تباع عليها القهوة، الكعك، الخضار والفاكهة وغيرها لما تتيح لسائقيها من سهولة الدّخول إلى الأحياء نظراً لصغر حجمها، كما ويستخدمها البعض لتوزيع السّلع والمواد الغذائيّة على المحلات التّجاريّة.
ولجأ بعض اللّبنانيين، لاسيما الموظفين منهم، إلى شراء “التوك توك” من أجل إيجاد الفرص لتأمين أي مردود إضافي بعد أن تآكلت مداخيلهم، فمثلاً رامي ج.، موظف مصرفي، دفعته الظروف إلى شراء “التوك توك” وتشغيل سائق عليه وتقاسم الغلّة لسدّ متطلباته المعيشية.
فما هي مميزات هذه العربة التي ستغيّر من عادات اللبنانيين؟ كم هو سعرها؟ ومن هم زبائنها؟.
المهندس شادي لويس مدير المبيعات في إحدى الشركات المستوردة لهذه العربة يقول لـ”أحوال” أن “السوق قد شهد مؤخراً إقبالاً كبيراً على شراء “التوك توك” في لبنان حيث غزت هذه العربة كل المحافظات دون استثناء، وأصبح 15% من الشّعب اللّبناني يعتمد عليها لا سيما بعد رفع الدّعم عن المحروقات حيث باتت الوسيلة الأوفر على جيب المواطن”.
ويلفت إلى أنّ عربة “التوك توك” تصل “إلى لبنان شبه مفكّكة ويتم تجميعها جزئياً ومن ثم تركيب هيكلها الخارجي، ما يساهم بتوفير كلفة الشّحن وخلق فرص عمل من خلال توظيف يد عاملة لبنانيّة في عملية التّجميع”.
وعن مميّزاتها يردف لويس أن “هناك عدة أنواع من التوك توك أهمّها “بجاج” وتتمتّع بمواصفات عالية وأداء قوي يضاهي مواصفات السّيارة، وتتسّع لثلاثة أشخاص، إنها وسيلة نقل اقتصادية وتعتبر الأقل استهلاكاً للوقود إذ يمكن بـ3 دولارات (حسب سعر الصرف في السوق الموازية) ملء خزّانها بالوقود، أمّا بالنّسبة لتكاليف الصّيانة وقطع الغيار فأسعارها مقبولة كونها هنديّة الصّنع، ويمكن الحصول عليها مباشرة من الشّركة”.
ويشدد على ضرورة الرّقابة من قبل الدّولة اللّبنانية عند استيراد هذه الوسيلة، خصوصاً وأنّ “بعض الشّركات تستورد “التوك توك التّجاري” ما قد يعرض حياة سائقيها للخطر”.
وعن المبيعات يلفت إلى أنّ “النّسبة الأكبر لمنطقة البقاع تليها الشمال ومن ثمّ الجنوب وبيروت، وتستخدم عربة “التوك توك” في بعض المناطق كوسيلة نقل سياحيّة”، مؤكداً أنّه “في الأشهر القليلة المقبلة سنشهد طلبات كبيرة جداً عليها”.
ويوضح أن “الفئة العمرية لزبائن “التوك توك” تتراوح ما بين 25 و55 سنة من الجنسين”. وعن الأسعار، يوضح لويس أنّ “سعر التوك توك “بجاج” بحدود الـ 2700 دولار، يرتفع كلما ارتفعت كلفة النّقل البحري والمواد الأوليّة الداخلة في تصنيعها”.
الأزمة الاقتصاديّة والماليّة التي ضربت البلاد غيّبت العديد من المظاهر الاجتماعيّة وغيّرت نمط العيش، فهل يستبدل اللّبنانيون سياراتهم الفخمة “بالتوك توك” مع توالي ارتفاع أسعار المحروقات التي ضاعفت الأعباء الماليّة عليهم؟.