صيدا عاتبة على محيطها: لماذا لا يُضحي أبناء جزين بشيء من الكهرباء لمدينتنا؟
لم تشهد مدينة صيدا أزمة معيشية كالتي تمر بها الآن، انقطاع الكهرباء وشح المازوت وتوقف مولدات الكهرباء عن العمل أدى إلى شلل بمرافق الحياة كافة في المدينة، ما أدى إلى احتجاجات شعبية وإقفال طرقات رفضاً للواقع وخاصة في ظل موجة الحر التي تضرب لبنان.
توقف المولدات أدّى إلى أزمة معيشيّة
أعلن أصحاب المولدات الكهربائية في صيدا عن توقفهم عن العمل بسبب انقطاع مادة المازوت، وقد بدا ليل صيدا حزيناً حيث غرقت المدينة في العتمة وخاصة أن حصتها من التيار الكهربائي تبلغ أربع ساعات في اليوم فقط، ما أدى إلى إلى لجوء بعض سكان المدينة للنوم في العراء سواء على الشرفات أو على الكورنيش البحري.
وأعلن بعض أصحاب مطاعم الوجبات السريعة “السندويشات” عن إقفال أبوابهم بسبب انقطاع الكهرباء المستمر وخوفهم من فساد الأغذية التي قد تسبب تسمماّ للزبائن، كما أعلنت بعض أفران المناقيش عن إقفال أبوابها للسبب نفسه، كما أعلنت بعض المحال التجارية الكبرى عن إقفال أبوابها وبيع الأطعمة المثلجة والمبرّدة بأسعار أقل كي لا تفسد بلا كهرباء.
وعمد محتجون غاضبون من أهالي المدينة إلى رقع أكياس طعام فاسد على بوابة مبنى بلدية صيدا مع رفع لافتات “بلدية صيدا.. بلدية العجز والفشل”.
رئيس البلدية: صيدا وضعها كارثي
أعلن رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي “أن مدينة صيدا لا تأخذ حصتها العادلة لا من كهرباء الدولة ولا أيضا من المحروقات (المازوت أو البنزين)، وهو أمر إنعكس وضعا كارثياً على مجمل القطاعات والسكان في هذه المدينة والجوار، في حين هناك مناطق لبنانية أخرى تنعم بالكهرباء والمازوت والبنزين فأين العدالة؟.
وطالب السعودي “المسؤولين والإدارات والوزارات المعنية بتصحيح الخلل بشكل عاجل لأن العتمة شاملة منذ عدة أيام في صيدا وجوارها والمؤسسات تقفل الواحدة تلو الأخرى، والناس كل الناس في هذه المدينة الصابرة الصامدة وجوارها لم يعودوا يطيقون تحمل هذا الأمر المأساوي في شتى المجالات”.
المستشفى الوحيد في مخيم عين الحلوة مهدد بالاقفال
حذّرت جمعية النداء الإنساني في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، من توقّف العمل في مستشفى النداء الإنساني التابع لها، جرّاء نفاد كافة مخزوناتها من مادة المازوت، والعجز عن تأمين كميّات من المادة تضمن استمرار العمل في المستشفى الوحيد العامل ضمن حدود المخيّم.
وأطلق مدير المستشفى مصطفى أبو عطيّة نداءّ لكافة الجهات المعنيّة، لتوفير مادة المازوت للمستشفى، نظراً لكونه المستشفى الوحيد الذي يخدّم أهالي المخيّم الذي يقطنه نحو مئة الف نسمة. مؤكّداً أنّ الأمور قد بلغت حدّها الأقصى، وهو ما دفع إدارة المستشفى لإطلاق نداءات عبر الإعلام.
وحول حدّة الأزمة، قال أبو عطيّة إنّ خطر التوقف الكامل لمستشفى النداء الإنساني في المخيّم، بات وشيكاً بعد نفاد كافة المخزون، واضطرار إدارة المستشفى للاستعانة ببعض الجالونات الاحتياطيّة القليلة، وتعبئتها بخزانات المولد الكهربائي، وهي لا تكفي لساعات معدودة، حسبما أضاف.
وأشار أبو عطيّة، أنّ إدارة المستشفى سعت لتوفير المازوت من خلال الشركة التي تزود منطقة صيدا بالمادّة، الّا أنّ المحطّة المخصصة لم تستطع توفير المطلوب بسبب تعرضها لاعتداء قبل أيّام، ما دفع الإدارة إلى الاستعانة بمصادر أخرى والتواصل مع بعض المسؤولين ومنهم النائب عن منطقة صيدا بهيّة الحريري.
وأضاف مدير المستشفى، انّ الاتصالات أثمرت عن توفير الف ليتر من المازوت لمدّمة أسبوع، مؤكّداً أنّ هذه الكميّة لا تكفي، في ظل انعدام استدامة توفير المادة التي وصفها بالشريان الأساسي لامداد المستشفى بالكهرباء.
وأكّد أبو عطيّة، أنّ إدارة المستشفى اضطّرت لمخاطبة مؤسسات دوليّة، الّا أنها لم تتلق أي إجابة سوى “نحن نتعرض لذات الأزمة” نظراً لكونها أزمة عامّة في البلاد. مشدداً على ضرورة أن يستمر العمل في المستشفى نظراً لكونه الوحيد الذي يعمل في المخيّم ويستقبل الحالات الطارئة ويقوم بالعمليات الاسعافيّة والجراحيّة، إضافة إلى عزمه افتتاح قسم عناية مشددة لمرضى “كورونا”.
دعوات إلى إقفال مداخل المدينة
للمرة الأولى ترتفع في المدينة أصوات عالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبين بعض الناشطين تدعو إلى إقفالها بالكامل وقطع الطرقات عند مداخلها، على قاعدة أن يكون توزيع التيار الكهربائي والمازوت بالتساوي بين المناطق من دون تمييز.
وكتب المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في الجنوب الدكتور بسام حمود: “بعيداً عن الانفعالات الشخصية والخطابات الشعبوية والتعبئة المذهبية والطائفية والمناطقية، وانطلاقاً من الثوابت الوطنية والاخوة الانسانية والعلاقات المصلحية!
وعملاً بمبدء التعامل بالمثل، عندما تم انشاء معمل فرز النفايات في صيدا كانت حجة بعض المسؤولين لتبرير استقدام النفايات من قضاء صيدا ومنطقة جزين وحتى بيروت أننا جميعنا أبناء وطن واحد ويجب أن نقف مع بَعضنا البعض لكي لا تغرق تلك المناطق بالنفايات!!.
وعندما تم بناء معمل تكرير المياه الآسنة وتم استجرار كل البنى التحتية من منطقة جزين الى صيدا، قيل نفس الشيء.
وصيدا منذ ذلك الوقت تدفع ثمن ذلك روائح وأضرار بيئية وأمراض صحية وتلوث في مياهها الجوفية والبحرية، وكله فداءً للوطنية والعيش المشترك.”
وتابع حمود “أما اليوم وللأسف الشديد أثبتت الأزمات المتلاحقة وآخرها أزمة الكهرباء والمازوت أن أحداً لم يتعاطى مع صيدا من نفس تلك المنطلقات التي ترجمتها صيدا بالفعل لا بالشعارات، فلم نرى أو نسمع من كل من تغنى بوطنية صيدا وصبّ عليها نفاياته ومجاريره، اَي شعور بالمسؤولية الوطنية تجاه المدينة التي إن قررت إغلاق مصبات المجاري ومنع استقبال النفايات لغرقت عشرات المدن والقرى بالنفايات والمياه الآسنة”.
وتساءل “لماذا لا يُرد الجميل لصيدا التي قدمت الكثير لمحيطها والوطن، أقلها بإعطائها حقها الذي تستحقه من مادة المازوت والذي يُعطى لها بالقطّاره، ولماذا لا يُضحي أبناء منطقة جزين بشيء من الكهرباء من مشروع بسري من أجل صيدا التي لم تبخل عليهم بما هو أهم، ولا زالت صيدا حتى الان وستبقى تؤمن بشعارات الوطنية والإنسانية والمصالح المشتركة والمتبادلة.
أما إن بقي الحال على ما هو عليه، فسنفكر كما غيرنا بمصلحة صيدا وأبنائها بعيداً عن كل الحسابات الأخرى، وفق المثل الشائع ” كما تراني يا جميل أراك”.”