مئات الملايين يدفعها الأهالي لنقل المياه… والمستشفيات عطشى
لم تفلح مطالبات الأهالي في قرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون، في الحصول على حصصهم المفترضة من المياه، والتي يجب أن تؤمّن لهم من المشاريع المنجزة، خاصة من خزانات “مشروع الطيبة” (قضاء مرجعيون)، فالأزمة تتفاقم يومًا بعد يوم، مع اشتداد حرّ الصيف، وشحّ الآبار المنزلية، فاضطر معظم سكان المنطقة إلى شراء المياه من أصحاب الجرّارات الزراعية والصهاريج، حتى وصل ثمن نقلة صهريج المياه إلى 500 ألف ليرة. ما يعني أنّ على صاحب المنزل أن يتكبّد شهريًا ما يزيد على مليوني ليرة لبنانية لتأمين مياه الشفة والري. لكنّ اللاّفت أنّ معظم أصحاب الجرّارات الزراعية وصهاريج المياه ينقلون المياه إلى منازل الأهالي من مشروع الطيبة نفسه أو من الأبار الارتوزاية المعدّة أصلًا لتأمين المياه للأهالي ولكن عبر قساطل المياه التي تمّ تمديدها خلال سنوات طويلة، فتضخّ المياه إلى مشروع الطيبة من نهر اللّيطاني ومنه تجرّ عبر هذه القساطل، أو تضخّ المياه من الآبار الأرتوازية إلى خزانات البلدة لجرّها أيضًا عبر القساطل إلى المنازل.
إذن أصبح الأهالي يدفعون بدل نقل المياه مرتين، مرّة إلى الدولة التي لا تؤمن المياه إلّا لبعض المناطق، ومرّة إلى أصحاب الصهاريج والجرّارات الذين ينقلون المياه من نفس المصدر.
“فالج لا تعالج” يقول أحمد ياسين، ابن بلدة مجدل سلم (مرجعيون) موضحًا أنّ “معظم الآبار المنزلية أصبحت شحيحة، والدولة باتت غائبة بالكامل، أمّا المياه فلا تصل إلّا بالواسطة، أو بالرشوى، وبعض البلدات تستفيد من الآبار الأرتوازية على حساب وبلدات أخرى”، ويلفت إلى أنّ “الأموال التي دفعت على مشاريع المياه كبيرة جدًا لكن دون فائدة”، وبحسب أحد الموظفين العاملين في “مشروع الطيبة” فإنّه “ينقل يوميًا من برك المشروع بواسطة الصهاريج والجرّارات ما يزيد على 500 نقلة، ولو كانت أجرة النقلة الواحدة لا تزيد على 150 ألف ليرة فهذا يعني أنّ الأهالي يدفعون على نقل المياه إليهم من مشروع الطيبة نفسه أكثر من 75 مليون ليرة يوميًا، وهو مبلغ لو يدفع على تشغيل المضخّات ووضع العدّادات لبقي منه أكثر من النصف”. لم تسلّم المستشفيات أيضًا من شحّ المياه، فقبل عدّة أيّام رفع إدارة مستشفى بنت جبيل الحكومية الصوت عاليًا في وجه المعنيين لتأمين المياه إلى المستشفى، خاصة أنّ “في المستشفى مركز لغسل الكلى، هو الوحيد في المنطقة، وعدم وجود المياه يعني توقف عمل المركز، واضطرار عشرات المرضى إلى قصد مراكز بعيدة جدًا في صيدا أو صور أو حتى بيروت”، ورغم ذلك لم تستطع المستشفى تأمين المياه إلى أن عمدت “جمعية سنابل الجنوب” إلى تأمين كمية من المياه إلى المستشفى، على أمل أن تحلّ الأزمة المستفحلة.
ما يثير الريبة أنّ عدد الآبار الارتوازية التي تمّ حفرها في المنطقة، خلال السنوات الفائتة، من قبل مجلس الجنوب أو بعض الأهالي والبلديات يزيد على 30 بئر، منها حوالي 22 بئرًا في وادي الحجير. وكلفة حفر البئر الواحد، بحسب مصدر معني، تزيد على 120 ألف دولار أميركي، لكن هذه الآبار أدّت إلى اختفاء ينابيع كثيرة في المنطقة وإلى تراجع غزارة نبع الحجير الشهير، الذي بات يجفّ قبل شهر آب. ومن بين الآبار المحفورة في الحجير 5 آبار تمّ حفرها من قبل أصحاب المنتزهات والبيوت الفخمة، وبشكل مخالف حتمًا لقانون المحمية.
“فقط يحصلون على تغطية من القوى الأمنية” يقول أحد المكلّفين بمتابعة وضع المحمية، لافتًا إلى أنّ “إدارة المحمية أو الجهات المعنية في المنطقة كلّ ما تستطيع فعله هو إخبار وزارة البيئة بما يحصل، والوزارة تتابع الأمر ليصل في النهاية إلى قوى الأمن الداخلي، بعد أن يكون البئر قد تمّ حفره، على مشهد من القوى الأمنية”. ويلفت إلى أنّ ” الأموال التي تدفع على إنجاز مشروع اللّيطاني لن تجديَ نفعًا بسبب التلوّث لأنّ المياه غير صالحة للريّ”.
داني الأمين