ماغي بو غصن لـ أحوال: تماهيت بشخصية سحر ولا اريد الفكاك منها
لبست الثبات، تقنعت بالبرودة، خطت محياها بكل التعابير. مشت كهالة من إثارة مكتنزة بالغموض. امرأة أنيقة حد الذهول. صوتها كصدى المغاور عميق. شخصية اجتمعت فيها كل النساء دفعة واحدة. ماغي بو غصن تخيط الابهار في “للموت” من خلال دور سحر.
هذا العمل الرمضاني الذي لا يشبه سواه بشيء يبدو كوجبة مغايرة لكل ما هو سائد، كتبته نادين جابر وأخرجه فيليب اسمر واجتمع فيه عدد من الممثلين الذين تألفوا في التألق. الكل هنا بطل. لا دور ثانوي أو هامشي. الجميع ينمق دوره بخصوصية التفرد. لكن ماغي بو غصن تبدو كمايسترو توزع النغم خفوتاً وصخباً لتكتمل أنشودة الاداء.
دور سحر على صلافته جذاب. دور التناقضات الصعب. فهنا الحب عالي النبرة والقسوة حصير لكل لهذا الجمال. والاخلاص له مفهوم التفاني حتى الموت. والانتقام حلال والعطاء بلا حدود. وسحر بأكتافها العالية وعنقها المشدود ونبرتها المسنونة كمخرز تخفي وراء سديمها الازرق اللماع غيوم الغضب والانكسار والتحدي واللوعة. فهي سيدة اللحظة، تتجاذبها الاف المشاعر والافكار ولا يمكن التنبؤ بما سيؤول اليه المشهد. إنها مبتكرة في حضورها. مبتكرة في مكرها. ومبتكرة في تضحياتها. نادين جابر كتبت هذا الدور بحبر القلب وماغي بو غصن نفخت فيه أوردة الابداع.
“للموت” دراما من دهاليز أبطالها مشاعل تفكك العتمة وتضيء للحقيقة. الحقيقة المرَة المغلفة بأثواب النجاح والسطوة. عمل استثنائي سنبقى نتذكره طويلاً ونسقطه على أعمال قادمة.
تقول ماغي بو غصن لأحوال عن شخصية سحر التي أدتها بتميز لافت:” اتعبتني هذه الشخصية لأنها تفكر ليلاً نهاراً. فكل ما فيها يعمل. احاسيسها فكرها وكأن هناك رادار في رأسها ومشاعرها متضاربة بين النقمة على الدنيا وحبها لريم ونقمتها وغضبها عليها. هي امرأة بحالة خوف دائم لذا الاعيبها لا تنتهي. كان متعبا هذا الدور ومشاهده لا تمرّ مرور الكرام”.
لم تعد ماغي بو غصن كما كنا نعرفها. لقد وضعت نفسها في مكان أخر جديد ومتفوق نقلتها سحر الى شطأن جديدة في عالم التمثيل بعد أن حققت هذا الحضور اللافت. تقول بو غصن عن هذه الحيثية :” هذه الشخصية قوتني وصقلتني واعطتني جرأة فوق التوقع. فانا في أماكن كثيرة تماهيت مع هذه الشخصية ، وهذا ما وصل صراحة إلى الناس الذين تابعوا المسلسل وظهر في ردودهم على السوشال ميديا بأنهم احبوا سحر وتمنوا أن يكونوا مثلها بقوتها وحضورها. فما بالك وانا البس هذه الشخصية واعطيتها كل تفاصيلها من مشيتها إلى نبرتها إلى كلامها ولباسها لقد أثرت بي جداً وأغرمت بها.”
لبست بو غصن الدور الى حد أن لا داعي للكلام، وحده المحيا ينبأ بما هو أبعد من الكلام. القسوة في النظرة حركة اليد لطي الشعر المجعد خلف الأذن. البرودة في الحركة التفاتة الوجه المرفوع. عن هذه التفاصيل تقول ماغي:” اعطيت من داخلي حتى أرسم كل هذا الوقار في سحر فكانت شخصية من نار. نارها مشتعلة داخليا وكل هذا الاشتعال ظهر في نظرة العيون المفضوحة وحركة الجسد وملامح الوجه. احساسي العالي كان فضيحة معبرة ظهر على كافة حركتي وجسدي.”
ربما هناك تقاطع بين سحر وماغي بو غصن والفة والا كيف تم هذا الانسجام وكيف استطاعت بو غصن إقناعنا بكل هذه الحقيقة؟ تشرح ماغي هذه النقطة بالقول:” في بداية العمل شعرت أن سحر شخصاً أخر لكن بعد فترة وجيزة من التصوير باتت سحر أنا ونسيت من أكون وكنت انفصل فعلياً عن حقيقتي وأعيش في عالم آخر يخص سحر. وكان المخرج ينتبه لهذا الانفصال ويتركني على سجيتي لا يتدخل ولا يوقفني اثناء التصوير. لقد أحببتها دون ملل ودون تذمر وانغمست فيها لدرجة احببت نفسي أكثر من خلالها سواء من خلال اللوك او الشعر، لدرجة لا أنوي أن أقص شعري. واعجبتني تسريحتها وكل تفاصيلها. واظن أن شيئاً منها سيبقى يرافقني في حياتي.”
ندين لماغي بهذا السخاء المجموع بينها وبين دانييلا رحمة. انه اللقاء المعقود بين الماء والصخر. فهذا يرطب صفيح الجماد وينحته ليظهر للماء السنة وللصخر حنو الامهات.