مطلبان ثابتان رغم التحوّلات: إصلاح وميثاق
في البداية قيل: الحسم بعد الانتخابات الاميركية في الثالث من تشرين الثاني.
ولاحقا قيل: الحسم قبل عيد الاستقلال في الثاني والعشرين من تشرين الثاني، ثم قبل عيد الميلاد.
بعدها قيل: الحسم قبل زيارة ايمانويل ماكرون او اثناءها.
ولما اصيب الرئيس الفرنسي بكورونا وارجئت زيارته، قيل: الحسم بعد دخول الرئيس المنتخب جو بايدن الى البيت الابيض في العشرين من كانون الثاني لأن هناك من يخشى عقوبات دونالد ترامب.
امس قيل، الحسم آت بفعل المساعي الروسية، واليوم يقال ان الحسم حتمي، تشكيلا او اعتذارا، بعد زيارة جان ايف لودريان او خلالها او بعدها…
هكذا صارت حال لبنان واحوال اللبنانيين: آمال وهمية معلقة على مواعيد وهمية، لا يكاد يمضي احدها، حتى يبتدع العقل اللبناني موعدا آخر، يكون في غالبية الاحيان غير مبني على وقائع، بل على تحليلات او تمنيات، لا تنفع الا بملء الوقت الضائع.
قد يقال الكثير ويكتب اكثر، لكن الحقيقة المرة تتلخص بالآتي، وفق مصدر متابع: “ثبت بالدليل القاطع وبجرم المراوحة السياسية المشهودة، بأن أزمة لبنان ليست مشكلة اشخاص ولا كتل ولا احزاب ولا حتى مشكلة معارضي الاشخاص ورافضي الكتل والاحزاب.
فالمشكلة اللبنانية بكل بساطة هي مشكلة آلية. البعض الاول يسميها نظاما والبعض الثاني ثغرات في الدستور والبعض الثالث تطبيقا خاطئا للطائف. وفي الحالات الثلاث النتيجة واحدة: ازمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، اوضاع معيشية لا تطاق، ومخاطر متزايدة يوما بعد يوم، من دون ان يتمكن السياسيون من احداث الخرق المطلوب، اقله لتشكيل حكومة تطلق مسار الاصلاحات والمساعدات، بسبب تربص البعض بالبعض الآخر بخلفيات سياسية فاقعة، هدفها الواضح استعادة الخلل في ميزان الميثاق، ولو مات الشعب اللبناني بكامله من الجوع”.
“هكذا مثلا”، يتابع المصدر، “يطرح مع ممثلي طوائف ومذاهب معينة موضوع التشكيلة الحكومية، حصصا واسماء. اما مع ممثلي طوائف ومذاهب اخرى، فيصبح البعض فجأة علمانيين، ويحاضرون بالعفة المدنية، مع علمهم اليقين بأن كل ما يطرحون خارج المناصفة الفعلية والشراكة التامة والميثاقية الكاملة لن يمر.
فلو كان هؤلاء اصلاحيين بالفعل، لأمكن ربما غض النظر عن بعض النواحي الميثاقية التي قد تعوضها معجزة الاصلاح الموعود وطموح الانقاذ المنتظر من مستنقع الازمة.
اما ان يكونوا استمرارا سياسيا لنهج خاطئ، فشلت محاولات اصلاحه مرارا وتكرارا، ففي الامر ما يثير العجب”.
في الخلاصة، يجزم المصدر بالآتي: قبل زيارة لودريان او خلالها او بعدها، وقبل وخلال وبعد اي زيارة لأي مسؤول خارجي، او اي مبادرة لأي دولة شقيقة وصديقة، او حتى اي تقارب او تباعد اقليمي ودولي، اميركي-ايراني، سعودي-ايراني، او حتى سعودي-سوري، المطلوب اثنان: اصلاح وميثاق… فمن دونهما، نهاية الوطن، التي لن تنفع معها لا المواعيد الوهمية ولا التلويح بالاعتذار ولا حتى التهديد بإبقاء البلاد من دون حكومة جديدة حتى نهاية العهد”.