تفاؤل ماكرون “ينسفه” هيل: الساعات الـ 72 المقبلة مثيرة للقلق
حال المعطيات السياسية في لبنان كحال طقس تشرين، تتغير جذريا خلال ساعات، فجرعة التفاؤل التي حملتها زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان، تبخرّت بعد أيام، وتحديدا عند زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد هيل الى لبنان، حيث أعادت الزيارة “تشاؤما”، ظنّ اللبنانيون أن إنفجار المرفأ قد أبعده.
هيل والحكومة الحيادية!
ساعات قليلة من ظهر يوم الجمعة 14 آب، كانت كفيلة بتوضيح المشهد ولو بشكل نسبي، من عين التينة، التي استقبلت هيل، ومن بعده وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، فالزيارتين كانتا كفيلتين بنسف الأجواء الإيجابية التي حملها ماكرون معه، خصوصا بما يتعلق بشكل الحكومة اللبنانية، حيث أرادتها فرنسا، بحسب مصادر سياسية مطّلعة، حكومة سياسية بوجوه جديدة، مع شرط تقصير ولاية المجلس النيابي، ولو لعدة أشهر فقط، بحيث تسبق الانتخابات النيابية، الاستحقاق الرئاسي، بـ 6 أشهر على الأقل، لأن فرنسا تصرّ على عدم الدخول في موجة تمديد جديد للمجلس النيابي، ولا موجة فراغ جديد في رئاسة الجمهورية.
وتشير المصادر الى أن خطاب هيل جاء مغايرا، اذ تحّدث عن حكومة “حيادية”، أي من دون حزب الله، تُجري انتخابات نيابية مبكرة بشكل سريع، ومن بعدها تُشكل حكومة سياسية بحسب نتائج الانتخابات النيابية، وهذا المطلب بالنسبة الى فريق الأكثرية النيابية الحالية لن يكون مقبولا بمعزل عن أمور كثيرة أخرى في لبنان. وتكشف المصادر أن هيل الذي طرح الحكومة الحيادية، تعمّد التصريح بعد زيارة الراعي، ولم يصرّح بعد لقائه الرؤساء، في إشارة واضحة الى دعم أميركا لطرح البطريرك الماروني بشأن الحياد.
تكشف المصادر أن هيل أراد استثمار التطورات الدولية على الأرض اللبنانية لتسريع مسألة إنهاء ترسيم الحدود البحرية والبرية مع فلسطين المحتلة، على أساس المطالب الأميركية الاسرائيلية، على اعتبار أن مشهد البوارج في البحر قد يدفع الجانب اللبناني للتنازل في ظل هذه الظروف العصيبة، مشيرة الى أن الموقف اللبناني من الترسيم لم ولن يتغير، ما يعني أن صياغة الحلول لم تنته بعد.
قلق من الـ 72 ساعة المقبلة
بطبيعة الحال، لا يزال الخليجي على موقفه الرافض لأي تسوية في لبنان حاليا، وهذا الأمر الذي يُقلق سعد الحريري، يُقلق أيضا الفريق الشيعي، الذي يترقب صدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في 18 آب، خصوصا بعد تبدّل المعطيات التي رافقت زيارة ماكرون، فاليوم، يخشى الفريق الشيعي بحسب المصادر أن يتم استثمار القرار سياسيا ومذهبيا، والخوف ليس من سعد الحريري بالتحديد، بل من المزايدين على الحريري، الذين قد يدفعونه للتصعيد لكي لا يخسر المزيد من الساحة السنّية، لصالح بهاء الحريري الذي وبحسب مقرّبين منه لن يتنازل عن حقّ أبيه، ومن غير المستبعد أن يُحرّك شارعه خلال الساعات المقبلة.
كان التعويل قبل أسبوعين على التسوية التي ستُعيد الحريري الى رئاسة الحكومة، والتي ستؤدي الى مرور قرار المحكمة بسلام، ولكن اليوم قد يجد نفسه الحريري مضطرا الى التصعيد، بظل ضبابية المشهد، وهذا ما جعل الاتصالات تتكثّف أمس واليوم، بحسب المصادر، لأجل الحفاظ على الحدّ الأدنى من الاستقرار. فهل تحمل الساعات الـ 72 المقبلة “هزّة” أمنية؟
محمد علوش