“كورونا” يخطف الشابة سوميا نهرا وعائلتها تروي لـ”أحوال” تفاصيل المأساة
تركت خلفها طفلين أحدهما عمره يومان فقط
كان من المفترض أن تخرج الشابة سوميا نهرا (35 عام) اليوم من مستشفى رفيق الحريري الحكومي وعلي يدها مولودها الجديد جورج. إلا ان الطفل أبصر النور دون أن يشبع من حنان والدته التي فارقت الحياة بعد يومين على إنجابه.
لم يتعرّف جورج على والدته. لم تستطع ان تحضنه او تشمّ رائحته. لم يساعدها شعورها بالألم على التمتع بهذه اللحظة، بسبب اصابتها بفايروس كوروناـ، والتهاب رئتيها.
أنجبت سوميا جورج في الشهر الثامن من الحمل. كانت صحتها تتدهور، فلم تتوقع أن يقضي عليها الفايروس بهذه السرعة، رغم أنها كانت تلتزم المنزل وتتبع جميع ارشادات الوقاية. لم تستهتر بالموضوع، خصوصاً أنها حامل وكانت تقوم بالمستحيل لحماية نفسها وجنينها.
شاء القدر ان تُصاب سوميا بكورونا ، وفي ظلّ ارتفاع عدد الاصابات، أصبح من الصعب الوقاية ، أو تحديد هوية ناقل الفايروس.
بدايةً، شعرت سوميا بالعوارض، وبعد تأكدها من الإصابة بدأت حالتها الصحية تسوء، ما استدعى نقلها الى مستشفى رفيق الحريري الحكومي، لمواجهتها صعوبة كبيرة في التنفس. لم يكن الوضع سهلاً على سوميا بسبب حملها، لذلك فضّل الطبيب توليدها من خلال عملية قيصرية لإنقاذ حياتها وحياة الجنين. أنقذت المعجزة الإلهية الجنين، ليغدر الفايروس بسوميا ، فلم يقاومه جسدها. صمدت يومين وفارقت الحياة دون أن تتعرف إلى وجه مولودها الجديد، جورج.
لم تحضن جورج لحظة الولادة. لم يرضع حليبها . انجبته ليفترقا بعدها الى الأبد، ويكون مصيره أن يعيش حياته يتيم الأم.
تسلّم الوالد مولوده الجديد ليُفجع برحيل زوجته ويتركها جثة هامدة في المستشفى.
سوميا انضمت الى لائحة ضحايا كورونا الذي يرتفع عددهم يومياً. لكل منهم قصة، فسوميا لم تترك ورائها جورج فقط، بل الطفلة إلسا (سنة ونصف) التي تشتاق الى حضن والدتها ويصعب عليها التعبير.
عام 2017 تزوجت من ايلي نادر، وقررا معا تأسيس عائلتهما الصغيرة، ومنذ أقل من عامين أنجب مولودتها الاولى .
كانت سوميا شابة طموحة جداً، عملت كمديرة موظفين في عدد من محلات الألبسة المعروفة. منذ فترة تركت العمل ، وأعطت الأولوية لعائلتها لتتفرغ لطفليها.
أحبّت سوميا الحياة حتى الرمق الاخير. أجبرتها كورونا على الرحيل وترك طفليها.
لفظت طفلتها إلسا كلمة “ماما “منذ أشهر واحتفلت مع والدتها بذكرى ميلادها الأول. لا تعرف الطفلة أنّ هذه المناسبة كانت الاخيرة، وان والدتها تركت لها صورة ستعيش على ذكراها طوال العمر.
عائلة سوميا مفجوعة، وفق ما أكّد أحد أقاربها لـ”أحوال”، يعجز والداها عن الكلام بعد تعرضهما لصدمة كبيرة. وسوميا هي الأخت الكبرى لشقيقها بطرس.
يصعب على العائلة استيعاب فكرة ان ” كورونا” سرقت ابنتها الوحيدة. خصوصاً أن سوميا كانت تتمتع بوضع صحي جيّد ولم تكن تعاني من أي مشاكل صحية.
بعد حملها الثاني ومعرفتها لجنس المولود كانت سوميا متحمسة جداً لاستقباله لتصبح “إم جورج”. حضّرت له الزينة ، وأكملت جميع أغراضه. وضعت طفلتها في جوّ انها سترزق بأخ جديد. علّمتها لفظ اسمه وحضّرتا له فراشه الخاص.
لن تحتفل العائلة بالمولود الجديد. لن يُقرع باب المنزل لتدخل سوميا وتحتضن طفلتها من جديد، وتتولى تعريفها على عضو العائلة الجديد.
اليوم ذهبت سوميا الى مثواها الأخير في مسقط رأسها في كفروة (جنوب لبنان)، لتنضم إلى قافلة ضحايا الوباء الذي لا يميز بين صغير وكبير، بين مريض ومتعافٍ.