حفلة شماتة قواتية بالكتائب
بعد تراكم الاحتقان، انفجرت أمس الثلاثاء بين حزبي القوات اللبنانية والكتائب، وفاضت قريحة المكتب الإعلامي للقوات حيث سطّر مدير المكتب شارل جبور شماتته بما آل إليه حزب الله والوطن والعائلة في عهد سامي الجميل. فشرح جبور أنّ مواعيد الانتخابات والاستحقاقات الدستورية حُددت لتُحترم، إلا في حالة حصول طارئ سياسي كبير كما حصل في 17 تشرين؛
فانتقلت القوات إلى المطالبة بانتخابات نيابيّة مبكرة؛ بعكس الكتائب التي كانت بدأت المطالبة بانتخابات مبكرة فور إعلان نتائج الانتخابات السابقة التي حصلت فيها على ثلاثة مقاعد نيابية.
وأشارت القوات إلى أنّ الكتائب “أطبلت أذان القوات” كونها شكلت جزءاً من التسوية الرئاسية، في وقت تتحالف فيه الكتائب اليوم وتنسق مع شخصيّات كانت خلال السنوات الأربع الماضية جزءاً من تكتل لبنان القوي.
أما الأهم على مستوى الشماتة، فهو دعوة القوات للجميل إلى أن “يخجل من الوضع الذي آل إليه حزب الكتائب العريق وطنيًّا وسياسيًّا وشعبيًّا بظلّ قيادته”، مع التذكير بأنّ “ليست الكوادر القواتيّة التي تترك حزبها وتنضمّ للكتائب، بل العكس، وليست القاعدة القواتيّة التي تقلّصت بل القاعدة الكتائبيّة”. قبل أن يختتم البيان بالإشارة إلى استبدال الجميل لقاعدة حزب الكتائب بـ”قاعدة أخرى تقوم على البغض والكراهية والكيد المصلحي فقط لا غير”.
انتهى البيان، لكن لن تنتهي الأزمة بين القوات والكتائب. فالقوات فعلت كل ما يمكنها وأكثر منذ 17 تشرين للقول إنّها ليست “واحدة منهم، كلهم يعني كلهم”، لكنها عجزت عن “التشبيك” مع المجتمع المدني كما فعل حزب الكتائب. وهي ترى اليوم أنّ حزب الجميل بكل بؤسه وتراجعه وضعفه يشكل جزءاً لا يتجزأ من غالبية التجمعات المعارضة سواء التي تشكلت أو في طور التشكيل، استعداداً لأية انتخابات مقبلة، بعكس القوات اللبنانية التي ترفض غالبية المجموعات الاقتراب منها أو التنسيق معها، وهي تواصل اعتبارها جزءاً لا يتجزأ من كلهم يعني كلهم. مع العلم أن الكثير من هذه المجموعات – خصوصاً في بيروت – ما زالت حتى اليوم ترفض الإنطواء في تحالف عريض يضم الكتائب وميشال معوض وغيرهم لملاحظات لها علاقة بوجودهم في السلطة بأشكال مختلفة منذ فترة طويلة. مع العلم أنّ استراتيجية الكتائب كانت أذكى بكثير من القوات في إشعار مجموعات المعارضة أنهت واحدة منهم منذ حركة “طلعت ريحتكم” واستقالة الوزراء الكتائبيين، فالمسارعة إلى إغلاق مكب برج حمود، ثم الانتخابات النيابية حيث أعطت الأولوية للتحالف مع المجموعات على التحالف مع الأفرقاء السياسيين التقليديين، وأخيراً الاستقالة المتسرعة من المجلس النيابي.
وهذا ما تُرجم في علاقتها القوية بعدد كبير من المجموعات لكن ليس جميعها؛ ولا شك أن وضعها على هذا المستوى أفضل من وضع القوات، وهو ما يمثل مشكلة للقوات التي كانت تفترض أنها ستقود جماهير الثورة ليصوّتوا لشوقي الدكاش أو من يشبهه في كسروان، ونائب القوات الحالي في عاليه أنيس نصار أو من يشبهه، وعماد واكيم أو من يشبهه في الأشرفية، ونائب القوات الحالي في عكار وهبة قاطيشا أو من يشبهه. لكن تقديراتها لم تكن – كالعادة طبعاً – في محلها.
وهي ترى اليوم أن ثمة تكتل سياسي يضم التيار الوطني الحر والطشناق والحزب القومي وقدامى وعدداً كبيراً من رؤساء المجالس البلدية في الأقضية المسيحية وعموم الإدارات العامة، يقابله تكتل سياسي قيد الإنشاء يضم العدد الأكبر من المجموعات المعارضة والنواب المستقيلين يتقدمهم نعمة افرام وميشال معوض وحزب الكتائب وعدد كبير من “الانفلونسر” والإعلاميين وعموم القطاع الخاص. أما القوات اللبنانية فليست هنا ولا هناك. في وقت، يمكن للتكتل الثاني السابق ذكره أن يشكل موجة انتخابية تسلب القوات جزءاً مهماً ممن أيدوها في الانتخابات السابقة، وتبقي لها المنتسبين للقوات فقط.
في حسابات الكتائب المشهد واضح: بعيد عام 2009 نجحت القوات بأن تكون الخزان الكبير الذي يقود المعركة باسم قوى 14 آذار، ويحصل بالتالي على أصوات جميع المؤيدين لأحزاب وشخصيات 14 آذار، وهو ما جعل حضور الكتائب هامشيّاً جداً. أما اليوم، فتحاول الكتائب أن تكون “الدينمو” الحزبي الذي يقود المعركة باسم الثورة، في ظل حضور قواتي هامشي جداً.
عليه، ينتظرنا الكثير من البيانات في الأيام البعيدة المقبلة.
غسان سعود