تجارة “الجولاني” العابرة للحدود: السويداء تكسر سردية “المخدرات” بالأسماء والوقائع

أحوال ميديا
بينما تنشغل الماكينة الإعلامية التابعة لسلطة الجولاني في محاولات بائسة لشيطنة محافظة السويداء ورموزها الوطنية، وعلى رأسهم الشيخ حكمت الهجري، عبر توجيه اتهامات “معلبة” بالضلوع في تجارة المخدرات، تأتي الوقائع الميدانية لتصفع مروجي هذه الأكاذيب وتكشف الطرف الحقيقي الذي يغرق المنطقة بالسموم.
استراتيجية “الشيطنة” للتدخل العسكري
ليست اتهامات الجولاني لـ “الحرس الوطني” وأبناء الجبل مجرد “زلة لسان”، بل هي استراتيجية مدروسة تهدف لخلق ذريعة أمنية تبرر له التدخل في السويداء. لكن ما يغيب عن حسابات هذه السلطة هو أنها أصبحت تحت المراقبة الدولية الدقيقة؛ فالتورط المشترك بين أجهزتها الأمنية والاستخبارات التركية في إدارة هذه التجارة بات مكشوفاً، وهو ما يفسر التغير في الموقف السعودي تجاه سلطة الجولاني مؤخراً.
بئر التنمية: اللغم الذي فجّر الحقيقة
لم تكن دماء القتلى الثمانية الذين سقطوا مساء 13 كانون الأول 2025 في بادية السويداء (منطقة بئر التنمية) مجرد حادث عابر؛ فهؤلاء المهربون التابعون لعشائر بدوية تعمل تحت غطاء سلطة الجولاني، قُتلوا أثناء سلوكهم طريقاً ترابياً معروفاً بتهريب المخدرات نحو الأردن. الأسماء لا تكذب؛ فمن بين القتلى “إبراهيم الزعرت” و”مطلق الحمادة”، وهم ينحدرون من مناطق تقع تماماً تحت نفوذ سلطة الجولاني، بعيداً عن مناطق سيطرة الحرس الوطني، مما يقطع الشك باليقين حول هوية “عرّاب التهريب” الحقيقي.
الأبواق والشركاء: تاريخ أسود
للتذكير، فإن أذرع الجولاني في هذه التجارة ليست وليدة اليوم؛ فمنذ سنوات وشبكة المصالح ممتدة لتشمل أسماء معروفة بارتباطها الوثيق مع حلفاء الجولاني المطرودين من السويداء (أمثال س. عبد الباقي ول. البلعوس). هؤلاء هم الشركاء الفعليون لأدوات الجولاني من أمثال (ح. الوهبان، م. ربيدان، م. الصبرا، ك. المنور، وع. البداح)، الذين يمارسون أدوارهم القذرة تحت حماية أمنية ممنهجة.
من أحمد دالاتي إلى “جابر جبر”: وجوه المخابرات
الحقيقة التاريخية تعود لعام 2013، حين أوقف النظام السابق اتفاقيات مكافحة المخدرات، تاركاً الحدود عرضة لتمدد “جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام حالياً)، رداً على دعم بعض دول الخليج والأردن للإرهابيين. وأبلغ النظام السابق دول الخليج حينها: “لن أجدد الاتفاقية التي انتهت في شهر مارس عام 2013 إلا عندما توقفوا تدفق الإرهابيين من أراضيكم باتجاه الأراضي السورية”. وعند رفضهم ذلك، أجابهم: “أنا كدولة سورية لن أكون حارس بوابة لكم، فالذي يطبخ السم سوف يأكله”، وهذا فعلاً ما حصل منذ تلك الفترة إلى اليوم؛ إذ يغرق إرهابيو النصرة وحلفاؤهم دول الخليج بتجارة السموم.
في ذلك الحين، كان “أحمد دالاتي” و”شاهر جبر عمران” (المعروف بصفحة جابر جبر) يديرون عمليات التهريب والعمل الأمني. اليوم، هؤلاء أنفسهم هم قادة في مناصب مخابراتية لدى الجولاني، والمشغلون الفعليون للخلايا التي تحاول العبث بأمن الجبل.
ختاماً: الحقيقة لا تُحجب بالغربال
إن محاولة الجولاني “غسل” تاريخه وسمعة جهازه الأمني عبر إلصاق تهمة المخدرات بأهالي السويداء هي محاولة فاشلة بامتياز. الوقائع على الأرض، من هوية القتلى في البادية إلى سجلات المسؤولين الأمنيين من درعا إلى إدلب، تؤكد أن “التاجر” هو نفسه “القاضي” في سلطة الجولاني. السويداء، بمرجعياتها وحرسها الوطني، ستبقى السد المنيع أمام الإرهاب والسموم، ولن تنجح الابتزازات السياسية في تبييض صفحة من جعل من المخدرات سلاحاً للاستمرار.



