
في زمنٍ تتقاطع فيه السياسة مع المسرح، تبرز هند قبوات كواحدة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في المشهد السوري الجديد. فهي الوزيرة الوحيدة في حكومة الجولاني المكوّنة من 23 وزيرًا، وكأن التمثيل النسائي في سوريا الجديدة يشبه تمثيل الزعتر في منسف أردني: موجود، لكن بالكاد يُرى.
من المسرح إلى الوزارة… مشهد أول
قبوات، التي بدأت حياتها المهنية كمحامية ثم باحثة في حل النزاعات، لم تكتفِ بالجلوس في قاعات المحاضرات في جامعة جورج ماسون، بل قررت أن تصعد خشبة المسرح السياسي السوري، وتؤدي دور “الوزيرة التقدمية” في حكومة ما بعد النظام البائد. لكن يبدو أن النص الذي كُتب لها مليء بالتناقضات، فبينما تتحدث عن العدالة الاجتماعية، تُشهر منظمة لإعادة ممتلكات اليهود السوريين، في بلد لا يزال معظم سكانه نازحين أو تحت الخيام
التراث اليهودي أولًا… والبقية لاحقًا
في خطوة وصفتها بأنها “رسالة قوية من الدولة السورية”، أعلنت قبوات عن ترخيص “منظمة التراث السوري اليهودي”، لتعيد أملاك اليهود المصادرة في عهد النظام السابق. خطوة نبيلة؟ ربما. لكن ماذا عن أملاك ملايين السوريين الذين ما زالوا ينتظرون العودة إلى بيوتهم؟ هل سيُطلب منهم تقديم لفائف توراة أيضًا ليستعيدوا منازلهم؟
المخيمات… حيث تُصنع البطولات
وفي مشهد درامي آخر، ألقت قبوات خطابًا مؤثرًا في ذكرى “التحرير”، موجهة إلى سكان المخيمات، تصفهم بأنهم “مدرسة في الصبر”. لكن، أليس من المفترض أن تكون مهمتها كوزيرة للشؤون الاجتماعية هي إخراجهم من هذه “المدرسة” لا تمجيدها؟ أم أن المخيمات أصبحت ديكورًا دائمًا في مسرحية “سوريا الجديدة”؟
وزيرة بـ3 جنسيات و10 قبعات
قبوات ليست فقط وزيرة، بل أيضًا أستاذة، ناشطة، مديرة، مستشارة، وعضوة في عشرات اللجان. تحمل الجنسية الكندية، وتُعرّف نفسها كبانية سلام، لكن يبدو أن السلام الذي تبنيه لا يشمل الجميع، بل يُفصّل على مقاس من يصفق لها في المنتديات الدولية.
بين الواقعية والعبث
هند قبوات تمثل نموذجًا جديدًا في السياسة السورية: وزيرة تتحدث عن العدالة الاجتماعية في قاعات الفنادق الفخمة، بينما ينام أطفال بلدها في خيام الطين. ترفع شعارات التعددية، لكنها تختار ملفات لا تمسّ سوى أقلية غادرت البلاد منذ عقود، متجاهلة أزمات الأغلبية التي ما زالت تبحث عن رغيف خبز.
قد تكون قبوات صادقة في نواياها، لكن الطريق إلى الجحيم – كما نعلم – مفروش بالنوايا الحسنة… والبيانات الصحفية.



