سياسة

فتاوى “الضرورة”.. كيف يبرر نظام الجولاني انقلابه على الفكر الجهادي؟

في تطور لافت، يسعى نظام هيئة تحرير الشام بقيادة أبي محمد الجولاني ووزرائه إلى تبرير خطوة كانوا يعتبرونها حتى وقت قريب “خيانة عقدية”، وهي التنسيق مع التحالف الدولي .
بعد سنوات من التصنيف في القوائم الإرهابية وترديد شعارات الجهاد العالمي، يلجأ النظام الآن إلى مفاهيم مثل “فقه الواقع” و”المصلحة الوطنية” لتبرير هذا التحول الجذري.

وفي فتوى مثيرة للجدل أكد وزير العدل في سلطة الجولاني ، مظهر الويس، في تصريحات إعلامية أن التعاون مع التحالف الدولي لا يعدو كونه “تنسيقاً أمنياً معلوماتياً” لمواجهة خطر تنظيم داعش، وليس تحالفاً سياسياً.
وبرر ذلك بأنه “يندرج ضمن قواعد السياسة الشرعية وفقه الواقع”، مستنداً إلى قاعدة “درء المفاسد وجلب المصالح”.

ويظهر تحول واضح في الخطاب، فبينما كان تنظيم هيئة تحرير الشام وريثاً لجبهة النصرة المصنفة إرهابياً، يؤكد الويس الآن أن هذا التنسيق “مشروط بخدمة المصلحة الوطنية” و”يقر بسيادة الدولة السورية”. كما حاولت الفتوى التمييز بشكل حاد بين “الولاء السياسي” لأعداء الأمس، و”التنسيق الضروري” معهم لدرء خطر أعظم، يمثله تنظيم داعش الذي وصفه الويس بـ”الخوارج”.

وإثارت هذه الفتوى الاستهجان ؛ حيث يظهر هذا التبرير تناقضاً صارخاً مع الأسس الأيديولوجية التي بني عليها التنظيم، مما يجعله عرضة لانتقادات حادة من داخله وخارجه.

فقد انقلب الجولاني وسلطته على مبدأ “الجهاد العالمي” الذي روجت له تنظيم القاعدة وانبثاقاته، بما فيها جبهة النصرة سابقاً، حيث كان يرفع شعارات عداء “الكفار” والقوى الغربية.
أما اليوم، فقد تحول “الكافر” إلى شريك في “تنسيق معلوماتي” تحت مظلة “فقه الواقع”.

ويستخدم الجولاني أدوات فقهية مثل “الضرورة” و”موازنة المصالح والمفاسد” لتقديم تنازلات سياسية وأمنية على أنها حتمية ، بينما كان يرفض نفس هذه الأدوات عندما تستخدمها دول أو فصائل أخرى.
ويرى مراقبون أن الهدف الخفي هو شرعنة الوجود السياسي والعسكري لجولاني دولياً، ومحاولة إضفاء طابع “الدولة” عليه، بعد أن كان مصنفاً كجماعة إرهابية.

خلاصة القول :

المشهد برمته يظهر تناقضاً صارخاً، فـ”جهاديو الأمس” تحولوا إلى “دبلوماسيي اليوم”، و”المحتل” في الخطاب السابق أصبح “شريكاً في تبادل المعلومات”.
الفتوى، بكل تفاصيلها، تظهر محاولة لتمويه تناقضات أيديولوجية عميقة تحت شعار “المصلحة الوطنية”، في مشهد يطرح تساؤلات حول مدى مصداقية هذا التحول وقدرة سلطة الجولاني على تبرير تناقضاتها الأيديولوجية.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى