رغم اللقاحات.. أمراض وأوبئة سابقة أصبحت جزءًا من حياة البشرية فماذا عن “كورونا”؟
بعد سنة على انتشار فيروس كورونا حول العالم، تنتظر الشعوب لحظة الإعلان عن لقاح فعّال ضد الفيروس الذي لطالما حيّر العلماء بدءًا من مصدره، مرورًا بأسبابه، وصولًا إلى كيفية انتشاره وانتقاله من شخص إلى آخر، وغيرها الكثير من الأمور التي جعلت الخبراء يجرون العديد من التجارب والدراسات للحصول على “الجواب اليقين” في كل ما يتعلّق بهذا الفيروس الغريب والجديد من نوعه.
شركات عالمية عديدة أعلنت مؤخرًا عن إطلاق لقاحات مضادة لفيروس كورونا، بعضها أظهر فعالية بنسبة 70 بالمئة، في حين أظهر بعضها الآخر فعالية بنسبة أكبر تخطت الـ90 بالمئة، إلا أن تلك النتائج لا تزال أولية ولم يتم حتى الآن تسجيل أي من تلك اللقاحات رسميًا، من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية مثلًا، ليتم اعتمادها على سكان العالم وحمايتهم من الإصابة بالفيروس، منعًا لزيادة أعداد الإصابات التي تخطت حاجز الـ60 مليون عالميًا والوفيات التي فاقت المليون حالة.
شركة “أسترازينيكا” كانت إحدى الشركات العالمية التي أنتجت لقاحًا مضادًا لفيروس كورونا، بالتعاون مع جامعة “أكسفورد”، وأعلنت أن لقاحها فعال بنسبة 70 في المئة، علمًا أن هذه نتائج مؤقتة، لكنها قابلة للتغيير، حيث اعتبر خبراء أن نتائج فعالية اللقاح لدى كبار السن قد تؤدي إلى التفكير في إعطاء لقاحات مختلفة للفئات العمرية المختلفة، خصوصًا أن فعالية اللقاح ارتفعت إلى 90 بالمئة لدى مجموعة أولى من الأشخاص تلقوا نصف جرعة ثم بعد شهر جرعة كاملة، بينما تراجعت الفعالية إلى 62 في المئة لدى مجموعة أخرى تلقت جرعتين يفصل بينهما شهر.
في المقابل، تبيّن أن المجموعة التي تلقّت جرعة منخفضة من لقاح أوكسفورد/أسترازينيكا، لم تشمل أي مشاركين تزيد أعمارهم على 55 عامًا، ما يعني أنه من غير الواضح ما إذا كانت فعالية الـ90 بالمئة تنطبق على كبار السن، الذين هم أكثر عرضة للخطر.
وعلى الضفة الموازية، تساؤلات عديدة تُطرح حول إمكانية عودة الحياة الطبيعية عما قريب في حال الموافقة على لقاح فعال ضد كورونا. وفي هذا الخصوص، أشار تقرير نُشر في صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن هذا الفيروس الذي ظهر في الصين أواخر العام الماضي، لن يتوقف عن التطور بمجرد تلقيح الناس، حيث استند التقرير “المتشائم” إلى تجربة البشرية مع فيروسات وأمراض وأوبئة سابقة، وأظهر كيف أصبحت جزءًا من حياة البشرية رغم محاولة العلماء القضاء عليها بشكل نهائي عندما رُصدت لأول مرة.
إذًا، وبحسب التقرير، فرغم الدور الكبير الذي تلعبه اللقاحات، إلا أنها لن تمنع تطور فيروس كورونا الذي سبب أزمة صحية غير مسبوقة في العالم وأدى إلى شلل اقتصادي كارثي، حيث يقول الباحثان في جامعة بنسلفانيا، دافيد كينيدي وآندرو ريد، إنهما لا يرجحان أن يضع اللقاح نهاية لتطور فيروس كورونا المستجد، إذ يحتاجون إلى رصد استجابة الجسم بعد التطعيم لأجل التأكد من نجاعته ومدى الحماية التي يقدمها.
من هنا، وبما أن عمر هذه الأزمة الصحية لا يزيد على العام الواحد، فإن ما يرجحه الباحثون في الطب هو أن تحديد موعد عودة الحياة الطبيعية يعتمد على أمور كثيرة متداخلة، مثل توافر اللقاحات لمليارات البشر وعدم ظهور مضاعفات غير مرغوب فيها على المدى البعيد، فضلًا عن عدم وقوع طفرات خطيرة تجعل اللقاحات المطورة غير قادرة على الحماية من العدوى مستقبلًا.
ياسمين بوذياب