ميديا وفنون

“عزيزتي ألفت”… الأمومة المظلومة في وجه الأحكام الشرعية الجائرة!!!

على خشبة المسرح تتحول القضية المأساوية الى مشهدية تلامس الروح والوجدان.

على خشبة المسرح تتحول القضية الى لوحة تشرح معاناة كل أنثى، عاشت أو ستعيش، خدعة ما يسمى بـ”العيش المشترك” تحت راية مرض التعصب والطائفية الخبيث في بلاد القهر والعذاب ونظام التمييز العنصري.

“عزيزتي ألفت” قصة حياة حقيقية عاشتها “ألفت” بكل تفاصيلها ثم عادت وقدمتها على الخشبة، أو يمكننا القول قد “مسرحتها” وأعادت نفخ الروح بتلك العناوين الحلم التي يطمح إليها معظم الشعب اللبناني وقلة منه تناضل من أجل هذا التغيير المنشود، وهو التخلص من الأنظمة الرجعية المتخلفة التي تحكمنا وخاصةً في الأحوال الشخصية.

كتبت قصة المسرحية أسطر حياة ألفت، وهي الفتاة التي تشبه الكثيرات من اللواتي عشن حياتهن، ظاهرياً على الأقل، بشكل طبيعي ولكن ضمن قيود وشروط تفرضها البيئة والعادات والتقاليد. ويتعمد النص تصوير حياة البطلة بكل مراحلها: منذ الطفولة مروراً بالمراهقة والنضوج، وما تضمنته هذه المراحل من أحداث وتطورات بَصَمتْ حياتها.

الإثارة تبدأ حين تمردت “ألفت” على المحظور، وقررت الارتباط برجلٍ من مذهبٍ مختلف وبعقد زواج مدني، وكان حلمها أن تتمكن من العيش في ظلال قوانين لبنانية مدنية تحميها من غدر الجهل والأمية مع زميلاتها من كل نساء البلاد.

إلا أن سطوة الواقع كانت أقسى وأعنف من الحلم بمرّاتٍ، وتهشمت صخرة الحب على درب جلجلة الخصومة والتّلطي خلف قوانين الأحوال الشخصية البالية، فتهشم الحلم وبدأت رحلة الألم بعدما أنجبت ولداً، وتصاعدت وتيرة النزاع مع الزوج وصولاً الى مرحلة الطلاق القاسي الذي كان برعاية بعض المحاكم الدينية الظالمة والمجحفة للأمومة والأبناء، هذا بشكل عام، فكيف بنا ونحن في مشكلة مرتبطة بالمحكمة الجعفرية، وما أدراك ما هو حجم الأزمات والإجحاف بحق المرأة عند هذه المؤسسة.

وازدادت وتيرة الإجحاف بسبب تغلغل الفساد السياسي وتدخله في كل تفصيل، وبالتالي عرقلة المسار القانوني وإدخاله في مقابر الطائفية، فتحولت القضية إلى عملية إنتقام ذات سلاح فتّاك بعدما سُلخ إبنها عن قلبها.

“ألفت” المتمردة رفضت الظلم وعاهدت نفسها على متابعة النضال حتى إحقاق الحق وضم إبنها بين يديها من جديد، وأعلنت هذا العهد لكل النساء ولإبنها بالدرجة الأولى عبر العمل المسرحي الهادف وهو بعنوان “عزيزتي ألفت”.

تقول الكاتبة والممثلة ألفت خطّار لـ”أحوال” أن “العمل يخاطب قضية تهم كل المجتمع اللبناني والنساء منه بشكلٍ خاص، فالظلم يقع عليهن جميعاً في كل قضايا الأحوال الشخصية والتجارب ُمرّة جداً في المحاكم الشرعية عند كل المذاهب والطوائف وإن برزت بشكلٍ أعنف لدى فئات دون أخرى.

كان العرض الأول للمسرحية في نيسان الفائت على خشبة مسرح المدينة بعد الإقفال القسري بسبب جائحة كوفيد-19، وقد شكّل المتنفّس الأول للمسرح بعد فترة الإغلاق.

وحول ما إذا كان العرض قد حرّك الجمعيات النسوية التي تتبنى هذه القضايا وترفعها شعاراً لها، تجيب خطّار بأسف “فوجئنا بأن جمعية وحيدة وهي “مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي” (CRTDA) قد دعمت هذا العمل على صعد متعددة، ونحن نطلب الدعم المعنوي ليس أكثر، ولكن كان للمسرحية أثرٌ كبير وملموس عند من شاهدها من الفئة المستهدفة، إنما هذا التأثير قد بقي ذات طابع فردي وشخصي فقط.

في حين علّق مخرج العمل شادي الهبر على هذه النقطة قائلاً “مع الأسف أننا في لبنان نفتقر إلى ثقافة تأثير المسرح والإمكانية التي يتمتع بها في بلدان أخرى لناحية تغيير المعادلات وتحويل القضايا إلى قضايا رأي عام، قد ينتج عنها أحياناً تغيير وتعديل قوانين بهدف إحقاق الحق، إنما دورنا أن نُبقي شعلة النقد متقدة كي نزيد من تراكم الوعي مدماكاً متيناً كي يأتي اليوم الذي تتحول فيه القضية الى قضية رأي عام وتتحول القوانين من ظلم فئات في المجتمع نحو مجتمع عادل ومنصف بحق جميع أفراده”.

عرض العمل المسرحي سيكون في ١٣ و١٤ تشرين الثاني المقبل على مسرح مونو وهو من إخراج شادي الهبر، كتابة وتمثيل ألفت خطّار، ومن إنتاج مسرح “شغل البيت”.

 

“عزيزتي ألفت” هي لسان حال كل إمرأة إنسانة (ورجل إنسان) لا تقبل الظلم سواء كانت/كان قد مرت أو لم تمر بتجربة مماثلة، فقد يتغير إسم “ألفت” ليكون أي منهن … ولكن الظلم والألم واحد.

“عزيزتي ألفت”، منا جميعاً ومن أسرة “أحوال ميديا” تحية إكبار ودعم لكل “ألفت” في المجتمع اللبناني.

https://www.facebook.com/homemadetheaterlb/videos/251152066981513/

https://www.facebook.com/homemadetheaterlb/videos/3052631998324145

 

منال زهر

خبيرة في صناعة الأفلام وتسويق ما بعد الإنتاج. تحمل شهادة بكالوريوس في ادارة الأعمال والمعلوماتية الإدارية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى