انتخابات

المرشّحون السنّة: كثرتهم تدحض مقولة المقاطعة أم تؤكّدها؟

عندما أعلن الرئيس سعد الحريري في 24 كانون الثاني الماضي إنسحابه من المشهد الإنتخابي في لبنان، وعدم خوضه وتيّاره إستحقاق 15 أيّار المرتقب، سادت أجواء إحباط داخل أوساط وقواعد التيّار الأزرق، قبل أن تتسع دائرة هذا الإحباط لاحقاً على مستوى الطائفة السنّية ككلّ مع عزوف أعضاء نادي رؤساء الحكومات السّابقين، تباعاً، عن الترشّح للإنتخابات النيابيّة المقبلة، من تمّام سلام إلى نجيب ميقاتي وصولاً إلى فؤاد السّنيورة.

غياب أقطاب الطّائفة السنّية عن المشهد الإنتخابي المنتظر بعد أقلّ من شهرين، دفع كثيرين إلى توقّع أن يقدم ناخبو الطائفة على مقاطعة الإنتخابات، ما يعني تدنّي نسبة الإقتراع في أقلام النّاخبين السنّة بشكل غير مسبوق في تاريخهم، وأن يتكرّر مشهد مقاطعة المسيحيين لها عام 1992، لكن أن تكون المقاطعة عام 2022 ذات طابع سنّي.

واستند المحلّلون في توقّعاتهم مقاطعة السنّة للإنتخابات وانخفاض نسبة الإقتراع لديهم إلى جملة عوامل، مثل الإحباط، وتراجع الحماسة عندهم بعد عزوف أقطابهم عن المشاركة فيها كلّ لأسبابه، وغياب الماكينات الإنتخابية الضخمة التي كانوا يحرّكونها، وتحديداً ماكينة تيّار المستقبل وماكينة تيّار العزم، والتي لا يمكن للماكينات الإنتخابية الأخرى الأضعف من حيث الإمكانات اللوجستية والبشرية والمالية أن تحرّك الناخبين وتدفعهم نحو الإقبال على صناديق الإقتراع، واعتكاف أغنيائهم تباعاً عن الترشّح للانتخابات، وتحديداً الرئيسين الحريري وميقاتي، بعدما كان سبقهم إلى ذلك النّائب السّابق محمد الصفدي.

ومع أنّ بعض المحلّلين توقّعوا أن تبدأ ملامح مقاطعة السنّة للإنتخابات النيابيّة المقبلة في انخفاض عدد المرشّحين للمقاعد المخصّصة للطائفة السنّية في المجلس النيابي، وهي 27 مقعداً من أصل 128، إلا أنّ باب الترشيح أقفل في 15 آذار الجاري على مفاجأة مدوية وغير منتظرة، تمثلت في ارتفاع أعداد المرشحين السنّة على نحو لم تعهده طائفتهم من قبل، الأمر الذي فُسّر سياسياً أنّه تعبير طبيعي عن تعدّدية موجودة في صفوفها، وعن أنّ غياب الكبار كان بنظر الشّخصيات التقليدية والجديدة إضافة إلى الأحزاب والتيّارات الأدنى، فرصة للبروز والفوز بمقاعد نيابيّة كان تيّار المستقبل، تحديداً، يقطع الطريق عليهم في دورات الإنتخابات السابقة، ويحجّمهم، ولا يترك لهم فرصة أن يحلموا بالفوز بإحداها، بعدما بقي على مدى عقدين الممثل الأوحد ثم الأوّل للسنّة.

فباب الترشيح الذي أقفل على 1043 مرشّحاً في مختلف الدّوائر الإنتخابية، أقفل أيضاً على ترشّح 312 مرشّحا سنّياً، أي بمعدل 8.65 مرشّحين لكلّ مقعد مخصّص للطائفة، وهو رقم برغم أنّه مرشّح للإنخفاض قبل إقفال باب الإنسحاب في 30 آذار الجاري وإقفال باب تأليف اللوائح في 4 نيسان المقبل، لكنّه تجاوز عدد المرشّحين في دورة إنتخابات 2018، ما يعني أنّ غياب أقطاب السنّة لم ينسحب على البقية، ووسط توقعات أن يشكل مؤيدو بقية المرشّحين من ذوي الأحجام المتوسطة والضعيفة تعويضاً، جزئياً، على غياب الكتل الناخبة الكبيرة.

بلغة الأرقام بين دورتي إنتخابات 2018 و2022 يظهر ذلك بوضوح. ففي دائرة بيروت الثانية (6 مقاعد سنّة) ترشّح 48 مرشحاً وهم اليوم 69، وفي دائرة جبل لبنان الرّابعة (الشّوف وعالية ـ مقعدين سنّيين) ترشّح 11 مرشّحاً بينما اليوم ترشّح 19. وفي دائرة الشّمال الأولى (عكّار ـ 3 مقاعد سنّة) ترشّح 18 مرشّحاً مقابل 43 حالياً، وفي دائرة الشّمال الثانية (طرابلس والضنّية والمنية ـ 8 مقاعد سنّة. 5 في طرابلس 2 في الضنّية و1 في المنية) ترشّح 53 مرشّحاً مقابل 96 اليوم (63 في طرابلس، 18 في الضنّية و16 في المنية)، وفي دائرة البقاع الأولى (زحلة ـ 1 سنّة) ترشّح 5 مقابل 22 هذه المرّة، وفي دائرة البقاع الثانية (البقاع الغربي وراشيا ـ 2 سنّة) ترشّح 5 مقابل 21 اليوم، وفي دائرة البقاع الثالثة (بعلبك والهرمل ـ 2 سنّة) ترشّح 10 مقابل 21 هذه الدورة، وفي دائرة الجنوب الأولى (صيدا وجزين ـ 2 سنّة) ترشّح 7 مقابل 20 حالياً، وأخيراً في دائرة الجنوب الثالثة (حاصبيا ومرجعيون والنبطية وبنت جبيل ـ 1 سنّة) ترشّح 4 مقابل 4 هذه المرّة، وهي الدائرة الوحيدة التي بقي فيها عدد المرشّحين السنّة على حاله.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى