منوعات

الإيجارات: بين الفريش دولار والليرة ضاع حق المواطن

وكأنه قدر اللبناني ان يواجه أزمة تلو أخرى، من الوقود والكهرباء والنقل والتدفئة وارتفاع الأسعار ورفع الدعم والدواء وغياب الدولة عن كل قطاعات الحياة، لتعود أزمة الإيجارات بكل تفاصيلها المعقدة وأولها تلك العقود المبرمة بالدولار وليس بالليرة اللبنانية.

شكاوى وقصص تتشابه كثيراً بين المواطنين، واجهتهم من بداية الأزمة واشتدت عند تغير سعر الدولار، إذ بات المستأجر تحت ضغط سعر الصرف اليومي، بحيث أن المؤجر يطلب الإيجار بـ”الفريش” دولار او ما يعادله في السوق السوداء، في ظل غياب الرقابة وقانون يضبط التسعير المزاجي.

م. ش.، من سكان منطقة بشامون، تروي لـ”أحوال” معاناتها مع صاحب المنزل إذ مع “كل نهاية شهر يطلب زيادة بنحو 100 ألف ليرة لبنانية بذريعة ارتفاع سعر الصرف وعقدنا موقع بالدولار”.

إذن السؤال الأساسي اليوم: هل يحق للمالك فرض دفع الإيجار بالدولار أو بسعر صرف السوق السوداء؟.
“أحوال” سأل رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات والمستشارة أنديرا الزهيري عن هذه الإشكالية، وهي الخبيرة المتابعة بشكل يومي لقضية الإيجارات، فأكدت أن “العقود الجديدة المبرمة بعد 23\7\92 تخضع لقانون الموجبات والعقود، وبالأخص القانون 159\92، ويقول “العقد شريعة المتعاقدين”، إذ كان الأفرقاء وقت الاتفاق يحددون عقود الإيجار بالدولار دون مشكلة لأن سعر صرف الدولار كان ثابتاً” وتضيف “بعد الانهيار الاقتصادي استجدت أزمة جديدة وخلقت البلبلة والجدل حول الدفع بالدولار أو بالليرة اللبنانية”.

ولفتت الزهيري الى أن “قانون النقد والتسليف، المادة 192 منه، وُضعت لحماية الليرة في حال تعذر الدفع بالدولار، للحفاظ على قيمة العملة اللبنانية، لذا قانونياً لا يحق للمالك فرض رفع الإيجار بالدولار، ولكي يتمكن من فرض هذا الشئ نحن بحاجة لقانون يحدد سعر صرف الدولار”.

وتتابع “طالما لا يوجد قانون يحدد الصرف بأكثر من الـ1500، ما يعني أنه غير ملزم به، وبإمكان اي متعاقد اتخاذ الإجراء القانوني ووضع الإيجار عند كاتب العدل وإلزام المؤجر بقبضه بناءً على الاتفاق بين الطرفين”.

وتضيف المستشارة إشكالية كبيرة وهي وجود أكثر من سعر صرف رسمي “مثلاً السعر الرسمي 1500 ليرة للدولار والمنصة الأولى 3900 ليرة والمنصة الثانية 12000 ليرة وسوق السوداء بحدود الـ21000 ليرة للدولار تقريباً”.

أما في حال امتناع المؤجر عن قبض الإيجار بالليرة اللبنانية وإصراره على القبض بالدولار حصراً، لفتت الزهيري أنه “يحق للمستأجر الحصول على ورقة من مصرف لبنان تحدد سعر صرف الدولار الذي هو 1500 او 1507 ويودعه عند كاتب العدل ويبلغ المستأجر بوجوب بدلات عليه ويرفع خلال عشرة ايام من تاريخ تبلغه للمؤجر أو المالك كتاب عرض الإيداع الفعلي أو تمنعه دعوة تدعى صحة اثبات العرض والإيداع تُرفع لدى المحكمة لتثبيتها”.

وعما إذا كان هناك قانون يحمي المستأجرين من ضغوط المؤجر في حال فرض رفع الايجار، لفتت المحامية أنديرا الزهيري أنه “بقانون الإيجارات هناك قانونين إيجارات أو قوانين إستثنائية وقوانين تخضع لحرية التعاقد، “قانون الموجبات والعقود”، كل القوانين المعقودة قبل ال 92 تخضع للإيجارات الإستثنائية، “قانون 160\92″، او ما يعرف بقوانين الإيجارات الإستثنائية، وكانت تحدد شروط معينة يلتزم بها المالك أو المستأجر ولها ضوابطها، أما بعد العام 1992 فقد صدر قانون “159\92″ الذي أخضع قانون الإيجارات لحرية التعاقد او قانون الموجبات والعقود، ويتحدد العقد حسب شريعة المتعاقدين، وبالتالي هناك قوانين تحدد آلية العمل وتحدد كيفية التعاطي وحقوق المالك والمستأجر”.

وهنا نسأل هل باتت الايجارات استثمار بالنسبة للمالكين او هي حق له؟ لفتت الزهيري الى أن “لبنان بلد رأسمالي وإقتصاده حر، وللمواطن الحرية بتحديد قيمة المأجور وحرية الطرف الثاني بقبول الشروط أو رفضها، سواء كان استثمار أم ايجار، وهذه تدخل من ضمن المعايير الموضوعة بقوانين الإيجارات سواء كانت بالعقارات المبنية او الغير مبنية”.

وتتابع “لكن المشكلة ليست كونها مشكلة إستثمار أو لا، هذه بالنهاية حق دستوري وحق شرعي لكل شخص يمتلك شقة أو عقار، هي معايير تدخل في الشروط التعاقدية او البنود التي يتفق عليها المتعاقدين بالحالات العادية، اما في الظروف الاستثنائية التي تسود البلاد عادة، فإن الدولة تتدخل لمحاولة ضبط هذه الأمور لعدم خروجها عن المألوف، لكن للأسف غياب الدولة والرقابة الحقيقية اوصلتنا لهذا التدهور المريع في تطبيق القوانين وتفّعيلها، ومنها مثلاً قوانين الإيجار التملكي التي تعطي المواطن حق التملك في بلده، ولم تخرج من آلية الإيجارات الاستثنائية التي قامت بنزاعات عديدة وخلقت الإشكاليات المعقدة بين الناس وتسببت بالخلافات التي لا تنتهي بين بعضهم البعض”.

نوال الغندور

صحافية لبنانية. تحمل شهادة الإجازة في الإعلام من الجامعة العربية في بيروت. عملت في العديد من الصحف والقنوات التلفزيونية والمواقع الاخبارية اللبنانية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى