مجتمع

كيف تنشط الجمعيات والحملات الخيرية في ظل الأزمات؟

تحمل “ذيبة” كيساً كبيراً من النايلون صباح كل جمعة، وتقصد إحدى الجمعيات الخيرية من أجل الخبز واللحوم والرز والثياب. فيوم الجمعة هو يوم التموّن لبقية الإسبوع؛ ولا تقتصر السيدة جولتها على جمعية واحدة، بل تمتد إلى عدد من مراكز توزيع الطعام، حيث يحتشد الفقراء عند مدخل هذه الجمعية أو تلك.

اليوم، وبعد حراك 17 تشرين، لم تعد هذه التقدمة متاحة، فلجأ الخيرون إلى صفحات التواصل الإجتماعي، في إيجابية تُسجل لها، على عكس ما هو رائج عن دورها السلبي؛ حيث يتجه المجتمع المحلي إلى الروابط والحملات والأخويات من أجل تقديم الدعم للمحتاجين.  فماذا عن نشاط الجمعيات أو الحملات الإنسانية الفعّالة في لبنان، والتي برز دورها الأكبر عند الإقفال والحجر المنزلي؟

جمعية البشرى

يرأس هذه الجمعية إبراهيم زين الدين، وهي تعمل على تأمين احتياجات عدد من العائلات الفقيرة عبر لعب دور الوسيط بينهم وبين أصحاب الأيادي البيضاء. وتُعيل الجمعية 100 عائلة مُعدمة، بحسب زين الدين في حديثه لـ (أحوال). والملفت أن الجمعية، ومركزها الحدث، أسسها عام 2010 أفراد يحملون همّ الناس، ولا يتبعون أية حزب أو جهة، بل جلّ عملها خيري فردي. وتتلّقى الجمعية المعونات من متبرعين أغنياء يقدّمون المواد العينية تتكفّل الجمعية بتوزيعها. ويسجل زين الدين عتبه على السلطات الرسمية والجهات التي تقدّم التبرعات للجمعيات الكبيرة دون الإلتفات إلى الجمعيات الصغيرة. وكون جمعية البشرى جمعية ناشئة، تسأل البلديات عن دورها الغائب تحت عناوين واهية، فيما يؤكد رئيسها أنّ أعداد العوائل المحتاجة تزداد في ظل الغلاء الفاحش وانتشار الكورونا والبطالة.

حملة “وتعاونوا”

هي حملة أسسها أفراد بمبادرة خاصة عام 2019 جمعهم الهّم المجتمعي، بناءً على دعوة عامة من السيد حسن نصرالله للتعاون بُعيد انتشار الكورونا. “نحن نخدم حوالي 10 آلاف عائلة شهرياً من خلال توزيع 10 آلاف حصة، وهذه الحصة عبارة عن مواد غذائية تكفي مدة عشرين يوماً، والعوائل المستفيدة هي كل عائلة فقد معيلها مؤخراً عمله”. هكذا يعرّف الناشط عفيف شومان لـ “أحوال” حملة “وتعاونوا”.

وبحسب شومان، “نجهّز الآن حملة توزيع لمناسبة الخامس عشر من شعبان؛ ولا تتغاضى الحملة عن الفقراء لأنهم الهدف الأساس. وتعتمد الحملة على فريق عمل متطوّع مكوّن من 100 شخص. ويتم توزيع المساعدة بعد تسجيل طلب على صفحة الحملة على “الفايسبوك”، ومن خلال تحقيق اجتماعي بسيط تصل المساعدة إلى منزلها، فيما تتكل الحملة في عملها على دعم الميسورين والخيرين. ويفصح شومان عن أن عمل الحملة إنطلق كعمل مؤقت، إلا أن الوضع الإقتصادي دفعها لإكمال المسيرة حتى الآن.

جمعية العطاء

جمعية عاملة، بصورة غير موسّعة، ومهمتها الأساس خدمة المسنين وتأمين مسكن خاص بهم قائم في منطقة عرمون، إلا أنّها توزع المساعدات الغذائية، والألبسة إسبوعياً. وتتكّل على أموال القجة المنتشرة في كافة المناطق وعلى أموال المغتربين. أسستها وتديرها السيدة صباح رضا التي تنشط أيضاً في توزيع الطعام للفقيرات من النساء المُعيلات إسبوعياً.

جمعية زاد المغترب

تهتم الجمعية بالفقراء والمُعدمين، وتركز على الاطفال والنساء وكبار السن، فتوزع الألبسة والطعام والمونة وتكاليف تصليح وفرش بعض المنازل، إضافة الى تأمين بعض الأدوية. وتمتد خدماتها الى الجنوب بعد أن نشأت في الضاحية. تديرها الناشطة الإجتماعية مريم شعيب، التي تستفيد من معارفها في الاغتراب لصالح إعالة هذه العوائل المعدمة. وبحسب شعيب، يصل عدد العوائل المتكفلة لأكثر من 100 عائلة تقريباً، وقد يرتفع العدد أو ينقص بحسب التبرعات التي تصل إلى الجمعية في مركزها على طريق المطار.

المبرات الخيرية

جمعية عريقة ومبادراتها لا تتوقف. وزعت مؤخراً في مبرة السيدة خديجة 1350 حصة تموينية على أيتام ومحتاجين، وتضمنت الحصص مواد غذائية. هذه المبادرة تأتي في إطار العمل الخيري الإجتماعي، وفي مختلف المناطق، وهي تستهدف عوائل الأيتام والأسر الأكثر فقراً في الظروف الصعبة. كما أطلقت “شركة الأيتام للتجارة العامة والمحروقات” مبادرة لدعم الأسر المتعففة، من خلال توزيع 3000 بون بنزين على أصحاب السيارات العمومية في بلد تخطت نسبة الفقر فيه الـ 80 %”. وتتميز المبرات بمكتب خدماتها الإجتماعي الذي يقدم معونة شهرية وصحية تصل إلى مئات الخدمات.

جمعية عامل

من أقدم الجمعيات كونها نشأت بُعيد الاجتياح الاسرائيلي للجنوب. بدأت إغاثية واستمرت وطوّرت عملها على الصعيد الصحي والتوعوي. واليوم تعود إلى مهمتها الأولى التي نشأت من أجلها كون العمل الإغاثي هو العمل الأول في لبنان.

يُشرف عليها الدكتور كامل مهنا، الذي أسسها 1987. توزع مساعدات عينية ومادية على عدد من العوائل على مستوى كل لبنان في مراكزها الـ25، إضافة إلى المساعدات الصحية والأدوية والاعانات العينية. وتتميز “عامل” بأبوابها المفتوحة لجميع الفئات من لبنانيين وغير لبنانيين ومن كافة الطوائف والمذاهب والمناطق منذ أكثر من 40 عاماً.

وقامت بالتعاون مع شركائها الأوروبيين بتوزيع 3 آلاف حصة غذائية خلال الأسابيع الماضية في بيروت وجبل لبنان والجنوب والبقاع. كما توزع 170 وجبة تضامنية يومياً لكبار السن من مركزها في عين الرمانة.

وببلغ عدد المستفيدين من تقديمات المركز خلال 2019 في المجالات الصحية 29531 مستفيداً بدعم من الشركاء والمانحين. وهو مركز مزوّد بعيادة نقالة تصل إلى المناطق النائية والمهمشة في الخيام ومرجعيون، لتقديم الرعاية الصحية الأولية والدعم الاجتماعي، حيث قدمت في العام الماضي(2020) 15654 استشارة طبية ما يعادل 22% من العدد الإجمالي للخدمات الطبية لمقدمة عبر عياداتها النقالة في لبنان.

حملة كفك بكفي

أطلقت الناشطة الاجتماعية جويس أبو زيدان حملة (كفك بكفي لنكفي) عبر تويتر ما بعد حراك 17 تشرين 2019 من خلال مبادرة أولى لمساعدة المرضى في الحصول على أدوية. وبعد أن هبّ عدد كبير للمساعدة، أكملت أبو زيدان مشوارها الإنساني، وباتت اليوم تساعد حوالي 100 عائلة من مختلف المناطق دون أي تمييز، حسب ما تشرح لـ”أحوال”، وحسب مصادر متابعة للحملة.

وقد ساعدت الحملة عبر نشاط مُطلقتها “بتأمين أدوية لـ500 عائلة شهرياً، وكل يوم نساهم في إجراء عملية جراحية، تتراوح كلفتها ما بين مليون إلى 26 مليون، كما ساعدنا بعملية جراحية وصل المبلغ فيها إلى 100 مليون ليرة”.

وتتابع “نوزع شهريا حصصاً غذائية كبيرة ومميزة”، وهذا كله بمتابعة شخصية من أبو زيدان، حيث يساعدها متطوّع، إضافة إلى عدد من الاصدقاء خاصة عند تعبئة وفرز الحصص.

وتتكل الحملة على “متبرعين إنسانيين، وتطال المساعدات المستحقين من لبنانيين وغير لبنانيين، كما ساهمت بإصلاح عدد من المنازل المتهالكة، وصل العدد إلى 50 تقريباً”.

وتدير العمل أبو زيدان على مدى أكثر من 12 ساعة، وتتكل في ذلك على مصداقيتها حيث أن المتبرع لا يتوانى عن تلبية طلبات العوائل أبداً نظراً للثقة العميقة بالحملة.

جمعية فرح العطاء

أطلقت “فرح العطاء” حملة “بنك التغذية” لمساعدة العائلات الأكثر فقرًا. وقد عملت في السنوات الـ 30 الماضية على خدمة من يحتاج إلى مساندة، وهي التي تأسست عام 1985. فقامت شبكة المتطوعين في الجمعية بمساعدة العائلات بحصص عينية غذائية وصحية للتخفيف من تقلبات الأسعار. حيث وصل للجمعية أكثر من 4 آلاف طلب، وتمكنت من توزيع حوالي 900 حصة في الأسابيع القليلة الأولى من عام 2020، ووصلت إلى ألف عائلة شهريًا في لبنان. وكل ذلك بسبب عطاء اللبنانيين والمغتربين. وتستمر الجمعية في عطاءاتها بكافة المجالات ما بين الترفيهي والتنموي والخدماتي باشراف من رئيسها النقيب ملحم خلف.

وإذا حاولنا الاطلالة على الجمعيات الخيرية ككل لا تنتهي اللائحة، لكن البارز هو الانتشار المكّثف للعمل الخيري في لبنان بُعيد 17 تشرين الثاني 2019.

سلوى فاضل

 

 

سلوى فاضل

صحافية لبنانية، تحمل شهادة الدراسات العليا في الفلسفة من الجامعة اللبنانية، تهتم بقضايا حقوق النساء والفتيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى