سياسة

خلط أوراق في معركة برلمانية حامية على منصب نائب الرئيس

في برلمان 2022 المنتخب حديثاً، تبدو عملية انتخاب نائب رئيس المجلس النيابي وكأنها معركة فاصلة للانتقال من حكم منظومة حكمت لبنان لثلاثة عقود من الزمن إلى مرحلة تتفتّح فيها الديموقراطية على فجر جديد!

الانطباع هذا ليس مزاحاً، بل طيف جديد فرضه دخول تشكيلة جديدة من النواب إلى المجلس. وهذا ما يُفسّر حصول منافسة حامية بين ثلاثة مرشحين على منصب نائب رئيس المجلس تُظهر الانقسام بين الكتل النيابية ما يُنذر بصعوبة عمل المجلس الجديد في أدق مرحلة يمرّ بها لبنان.

حتى الآن، فإن مجريات انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة المكتب الثلاثاء ستكون علنية وستنقل مباشرة على الهواء. ومرشح الرئاسة كما بات محسوماً الرئيس الوحيد والأوحد بين النواب الشيعة، نبيه برّي، فيما المرشحون لمنصب نائب الرئيس هم ثلاثة: الياس أبو صعب من التيار الوطني الحر، غسان سكاف المقرّب من الحزب التقدمي الاشتراكي وسجيع عطية من كتلة “إنماء عكار”.

ورغم الترشيح العلني للأسماء الثلاثة، ترى مصادر نيابية أن المعركة ستكون محصورة لنيابة رئاسة المجلس بين مرشحين هما الياس أبو صعب وغسان سكاف والكفة مرجحة لأبو صعب والمصادر ترجّح نيله 65 صوتاً.

لكن المعركة ستكون جدّية وتوجيه مسار الأصوات سيعتمد على كيفية صبّ الأصوات لصالح الرئيس نبيه برّي، الذي ضمن حتى هذه اللحظة انتخابه غداً لرئاسة مجلس النواب بما يتجاوز الـ65 صوتاً بدون أي دعم من التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية. وفي حال لم ينل بري أصواتاً من تكتل لبنان القوي قد تتجه كتلة التنمية والتحرير إلى التصويت لسكاف أو عطيّة بدلاً من أبو صعب ما يخلط الأوراق مجدداً خلال الجلسة.

في المقابل تعمل القوى التغييرية الممثلة في مجلس النواب على تغيير الدفّة لإسقاط مرشّح التيار الوطني الحرّ. ويلفت عدد من نواب هذه القوى إلى أنه إذا انسحب النائب سجيع عطية لمصلحة غسان سكاف، وتوحّدت أصوات التغييريين والسياديين لمصلحة الأخير، يمكن كسب معركة انتخاب نائب رئيس مجلس النواب، وهكذا يشعر الناس بأن الأكثرية الجديدة متماسكة في الاستحقاقات المقبلة.

هذا الأمر لا يزال قيد الاتصالات التي تجري للملمة الصفوف من أجل تحقيق هذا الإنجاز في الساعات الأخيرة من المعركة. فهل ينجح خليفة النائب إيلي الفرزلي في البقاع الغربي بوراثة منصب نائب رئيس المجلس النيابي أيضاً؟.

وفق هذه الاعتبارات يبدو أن لا شيء محسوم حتى لحظة انعقاد الجلسة التي قد تتغيّر فيها الموازين خلال عملية الانتخاب. المرشّح سجيع عطيّة، الذي يَتوقّع البعض أن ينسحب في ذروة المعركة، لا يُمانع لهذا السيناريو. ويقول لـ”أحوال” هناك اتفاق داخل تكتل “إنماء عكار” على انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس. وبالنسبة لنيابة الرئيس فقد رشحني نواب اللقاء للمنصب “بغض النظر عما إذا كان الأمر سينجح أم لا”. وفي حال أفضت الاتصالات مع نواب التغيير والمستقلين إلى الإجماع على سكاف فليكن”!.

سكاف يستقطب عدداً كبيراً من النواب المستقلين ومن نواب ما تبقى من قوى الرابع عشر من آذار ما يعزز ترشيحه داخل جلسة الانتخاب من دون أن يكون مستفزاً للرئيس نبيه بري.
ويرفض نائب البقاع الغربي وجود أي انقسام لدى النواب التغييريين بينه وبين سجيع عطية، لافتاً إلى أن الاخير قد ينسحب لصالحه في حال وجد أنه يتقدم عليه من خلال الحظوظ”، جازماً أن المنافسة ستكون بينه وبين النائب الياس بو صعب.

أي “توازن رعب” سيرسو في البرلمان وأي أكثرية ستعبّر عن نفسها في الامتحان الاشتراعي الأول؟ المشهد سيتكشف مع حضور النواب إلى المجلس الثلاثاء يتقدّمهم رئيس السن ورئيس المجلس الذي سيمسك بمطرقته من جديد، وسيجد نفسه أمام اختبار جديد لإدارة مجلس مليء بالتناقضات والانقسامات والمشاكسات.

والاختبار الأكثر حماسة سيكون من نصيب النواب الجدد الذين سيتلمسون طريق ساحة النجمة ودهاليز المجلس النيابي وصفقاته التشريعية والمواجهة الأكبر مع خصومهم الذين خاضوا معاركاً ضارية لإلغائهم فلم ينجحوا كلّياً، فهل يكملون ببناء التغيير الفعلي في ميدان التشريع والقوننة أم يغرقون في صراعات قواه السياسية ويزيدون من عدم فعالية المجلس النيابي؟

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى