ميديا وفنون

حصاد 2020: سنة الركود الفني لا مهرجانات ولا إنتاجات والحدث الأبرز صورة فيروز

عندما يذكر التّاريخ 2020 سيذكر أنّها كانت من أسوأ السّنوات التي مرّت على البشريّة، أوبئة وحروب وأزمات اقتصاديّة، والكوكب يدور لكنّ الحياة فيه مكانك راوح.

هي سنة الرّكود على كافّة الأصعدة، حتّى على الصّعيد الفنّي. لا مهرجانات، لا حفلات، إصدارات فنيّة نادرة، ومزاج الجمهور في مكانٍ آخر، ليس في لبنان فحسب، بل في العالم كلّه الموبوء بفيروس كورونا، وما خلّفه من أزمات اقتصاديّة واجتماعيّة ونفسيّة.

 

انتهى العام 2019 في لبنان بثورة كشفت عورات النّظام الاقتصادي الذي كان قد بلغ حدّ الانهيار، كانت المؤشّرات تقود إلى عام 2020 سيشهد موت لبنان الذي نعرفه، وولادة لبنان لم تتشكّل معالمه بعد، الصّورة بدت غامضة وسوداويّة، سارعت النّائب ستريدا جعجع إلى عقد مؤتمر أعلنت خلاله أنّ لا دورة لمهرجانات الأرز في العام المقبل، استبقت الأزمة الاقتصاديّة والانهيار الشّامل في مؤتمر عقدته بعد ثورة 17 تشرين وأعلنت إلغاء دورة 2021.

لم تكن باقي المهرجانات بحاجة إلى إلغاء فعالياتها، توكّل “كورونا” باعتبار الإلغاء تحصيل حاصل حتى بدون إعلان، فالمهرجانات التي صمدت في الحرب، لم تعد تقوى على الصّمود مادياً، مهرجانات بعلبك أضيئت مرّة واحدة في تموز للاحتفال بمئوية لبنان في حفل “صوت الصمود”، كان حفلاً ضخماً يختصر مئوية وطن يلفظ أنفاسه الأخيرة.

 

كما شهد المسرح الأثري في نهر الكلب حفلاً ضخماً بمناسبة عيد الجيش شارك فيه نجوم لبنانيون، بعنوان “كرمالك يا وطن”، كل المناسبات الوطنية تحوّلت إلى مناسبات رثاء الوطن، ليقع بعدها بأيّام قليلة انفجار الرابع من آب، كل ما تذكّره اللبنانيون يومها أنّ الفنان حسين الجسمي غنّى في الحفل “بحبك يا لبنان” عبر سكايب، وبعدها قرّر اعتزال الفن بسبب كميّة التنمّر التي تعرّض لها، بعدها قام اللبنانيون بحملة تضامن مع الجسمي، الذي أصدر “لقيت الطبطبة” وضرب الأرقام القياسية في نسب الاستماع، ربّما عوّضته الأسى الذي شعر به بعد انفجار بيروت، وربط البعض غناءه للبنان بالمأساة التي ضربته.

بعد الانفجار تبارى الفنانون الذين لم يصدروا أي جديد هذا العام في إصدار أغانٍ وطنية، لم يرسخ في الذّاكرة إلا أغنية “مدينتي بيروت” للفنان الجزائري الشاب خالد، بينما بدت معظم الأغاني تجارية أعدّت على عجل.

قليلة هي الأحداث الفنّيّة التي شهدها لبنان هذا العام، إلا أنّ الحدث البارز كان ظهور فيروز ولو بصورتين من لقائها بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زارها عقب انفجار مرفأ بيروت، حيث استدعى إليه في قصر الصنوبر كل السّياسيين، وقام هو بنفسه بزيارة فيروز في منزلها.

لم يرشح الكثير عن هذا اللقاء الذي كتب عنه الكثير، كانت صور فيروز هي الحدث.

هذا العام أصيبت الدراما بمقتل، كانت بيروت تحتضن أهم المسلسلات العربية، إلا أنّ فيروس كورونا حال دون استكمال تصويرها، حاول بعض المنتجين التحايل على قرار وزارة الثقافة، إلا أنّ مصيرهم كان الإيقاف عن العمل، إلى أن سمح لهم بالعودة بشروط معيّنة، كان قد فات الأوان للحاق بالماراثون الرمضاني الذي لم يكن مزدحماً هذا العام، وفي فصل الخريف توالى عرض المسلسلات المؤجّلة من رمضان الماضي، ولا يزال المنتجون يعانون في التصوير بظروف وبائيّة خطيرة.

ولأنّ الظّروف لم تكن مؤاتية، لم يصوّر أي برنامج عربي في لبنان باستثناء برنامج “ذا فويس سينيير” الذي تمّ تصويره في بداية العام، كان القرار داخل مجموعة MBC نقل تصوير البرنامج إلى دبي، بسبب التظاهرات التي كان يشهدها لبنان في بداية العام وقطع الطرقات الذي يحول دون تصوير البرنامج، إلا أنّ القرار النهائي كان أن يتمّ التصوير في استديوهات المجموعة في بيروت، حيث كان فريق العمل يعاني ليصل إلى أماكن التصوير، بعدها وصل فيروس كورونا، وتأجل عرض العمل حتى نهاية العام.

حركة الإعلام كانت الأنشط، تنقلات كثيرة شهدتها المحطات، هاجر إعلاميون من لبنان، وكثيرون تركوا محطاتهم وانتقلوا إلى مراسلة محطات عربيّة في لبنان طمعاً بدولارات طازجة، بعد أن بات معظمهم يتقاضى نصف راتب.

هذا العام كان الفنانون عاطلين عن العمل، لا حفلات، لا مهرجانات، لبنان غارق في انهيار اقتصادي ووباء يشدّ خناقه فيزيد الهم هماً، المزاج في مكانٍ آخر، والجروح عميقة لا تبلسمها أغنية ولا مسلسل، الفنانون فهموا اللعبة فابتعدوا، أما من غامر بإطلاق ألبوم كامل مثل إليسا، فقد كان عليه أن يتقبّل لاحقاً أنّ سنة 2020 ليست سنة إطلاق الألبومات الفنيّة، وليست سنة الترفيه، هي فقط سنة تتمنّى سقوطها من الرزنامة وبعدها “تنذكر وما تنعاد”.

إيمان إبراهيم

 

 

إيمان إبراهيم

صحافية لبنانية، خريجة كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. كتبت في شؤون السياسة والمجتمع والفن والثقافة. شاركت في إعداد برامج اجتماعية وفنية في اكثر من محطة تلفزيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى