عهد عون انطوى.. ولبنان يتحضّر للشغور
منذ الدقائق الأولى لليوم الأول من تشرين الثاني 2022، يصبح ميشال عون “الرئيس السابق للجمهورية اللبنانية” كما كان قائداً أسبق للجيش ورئيساً سابقاً لحكومة عسكرية، طاوياً 6 سنوات من ولاية رئاسية استثنائية، وفاتحاً باب مواجهة سياسية ودستورية بتوقيعه مرسوم اعتبار حكومة تصريف الأعمال مستقيلة.
تمتد ارتدادات “عهد عون”، إلى مرحلة الشغور والفراغ الرئاسيين، تحت وطأة عجز المجلس النيابي عن انتخاب رئيس بأغلبية الثلثين، وسجال سياسي حول صلاحية تولي حكومة مستقيلة برئاسة نجيب ميقاتي الرئاسة بالشغور، وردّ الأخير أنه سيتابع العمل بصلاحياته الدستورية.
ولبنان الذي يترقب انتخاب الرئيس الـخامس بعد الطائف وبعد انتهاء ولاية عون، لم يسبق له أن أنجز الاستحقاق الرئاسي بسلاسة في الموعد المحدد، بل شهد إما تمديداً أو شغوراً، لكنها المرة الأولى التي يدخل فيها الشغور بإصدار الرئيس مرسوم استقالة الحكومة.
وتنص المادة 62 من الدستور اللبناني أنه “عند خلو سدة الرئاسة، تناط صلاحيات الرئاسة وكالة لمجلس الوزراء”. ولم يتناول الدستور إشكالية الحكومة المستقيلة بالفراغ الرئاسي.
يوم انتخاب عون في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، قال في خطاب القسم: “إن من يخاطبكم اليوم.. رئيسٌ أتى في زمن عسير، ويؤمل منه الكثير في تخطي الصعاب وليس مجرد التآلف والتأقلم معها، وفي تأمين استقرار يتوق إليه اللبنانيون كي لا تبقى أقصى أحلامهم حقيبة السفر”.
لكن ولاية عون لم تحقق الاستقرار بل أثقلتها أحداث صادمة، وكان “حراك 17 تشرين” 2019، حداً مفصلياً تجلت بداية مفاعيله في إسقاط التسوية الرئاسية. ودخلت البلاد بعده مساراً دراماتيكياً، من انهيار اقتصادي ومعيشي ومالي، إلى انفجار مرفأ بيروت في آب / أغسطس 2020 وما تلاه من اضطرابات سياسية وأمنية.
حجم الهجوم على عهد عون كان كبيراً والضغوط التي تعرّض لها لا يُستهان بها إلّا أنه بقي صامداً، واستطاع أن يُسجّل حدثين بارزين يُحسبان من إيجابيات العهد:
أولًا: معركة “فجر الجرود” في 2017 التي حررت مساحة كبيرة من لبنان تسللت إليها “الجماعات التكفيرية”، وهي عملية اتخذ عون قرارها بالتحالف بين الجيش والمقاومة. وثانيًا: إنجاز ملف ترسيم الحدود الجنوبية البحرية.