سياسة

الرئيس “العنيد” لا يحني راياته ويستكمل معاركه من الرابية

ساعات لمغادرة رئيس الجمهورية ميشال عون قصر بعبدا إلى الرابية، ليعود جنرالاً، اللقب الأحب إلى قلبه، ويستكمل حروبه السياسية “لأجل لبنان” كما يقول.

ساعات ويعود قائداً لساحته حيث أعدّ فريقه السياسي والإعلامي الذي سيلازمه في مقرّه الجديد ليعود إلى حروبه التي عنونها “تغيير” و”إصلاح” لم يستطع أن يحقق منها شيئاً بل على العكس، كانت مرحلة تداعى فيها كل شيء.

الجنرال المتمترس في العناد، لم يخفض بعد ألويته ولم يحنِ راياته أمام خصومه المحليين والإقليميين والدوليين، فأبقى على سلاحه الذي لوّح به في إطلالاته الوداعية من قصر بعبدا بنبرة تصعيدية قبل الصعود إلى مكان إقامته.

واصل الرئيس عون إطلالاته الاعلامية، موجهاً السهام مجدداً في مختلف الاتجاهات لأن من عادوه اختاروا هدم كل شيء لإضعافه وإفشال ممبادراته الإصلاحية.

وكرر أن “الدستور لا يمنع إصدار مرسوم قبول استقالة الحكومة واحتمال إصداره لا يزال قائماً”، لافتاً إلى أن “تأليف الحكومة يبدو مستحيلاً”.

تحدّث عون لوكالة “رويترز” عن “فوضى دستورية” بسبب الشغور الرئاسي، مع عدم القدرة على انتخاب رئيس جديد، وفي ظلّ حكومة تصريف أعمال يتّهمها بأنّها “غير كاملة الصلاحيات”. وأكّد في موقف لافت أن العقوبات الأميركية المفروضة على باسيل “لا تمنعه” من الترشّح للرئاسة، مضيفاً: “نحن نمحوها بمجرّد انتخابه”.

وقال لـ”الميادين” اليوم السبت عشية مغادرته القصر الجمهوري: “من المؤسف أن القضاء لم يقم بدوره في ملاحقة الفاسدين”. وأشار الى “المجتمع الدولي يريد دمج النازحين السوريين ويطلب منّا أن نكون حراس البحر ولبنان يتكبد 3 مليارات دولار كُلّ سَنَة بسبب النزوح”.

وفي حديث لـ”رويترز” اعتبر الرئيس عون​ أنّ “استكشاف الغاز هو الفرصة الأخيرة للتعافي الاقتصادي”، مؤكداً أنّ “حزب الله لعب دوراً مفيداً كرادع خلال عمليات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل”.

وشدّد على أنّ “العقوبات الاميركية لا تمنع رئيس التيار الوطني الحر ​النائب ​جبران باسيل​ من الترشح للرئاسة، ويمكن محوها بمجرّد انتخابه”. وأكّد عون أنّ “الفوضى الدستورية محتملة في لبنان لشغور منصب الرئاسة” بعد رحيله.

تصريحات نارية تُثير حفيظة الخصوم، الذين لم يوفروا الهجوم والقصف الناري على الرئيس وتيّاره سواء رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي أم القوات اللبنانية وطبعاً حركة أمل.

أما من كسب عون من حلفاء وخسر الكثير منهم ومن أضاف إلى رصيده من أصدقاء جدد، ففي قراءة متأنية لما أحاط بعهده من محطات لا تُحصى ولا تُعد، يتبدّى بوضوح تعرّضه لخسائر جسيمة على خط الحلفاء والأصدقاء ومن الدائرة الضيّقة المحيطة به ومنهم الحلفاء وكما يُقال “من بيت أبي ضُربت” من خلال العائلة عينها، من أهل البيت الواحد إلى الحلفاء السياسيين من وزراء ونواب وشخصيات من التيار الوطني الحر وغيره.

لكن الرجل “القوي” كا يلقبه مؤيدوه بقي قوياً عاصياً على الانحناء أمام “قلة وفاء” البعض، كما قال، واستمر بعمله غير عابئ بمن يتناثرون من على متن مركبه السياسي. وهو القائل “لست من محبّي الردود على الشائعات، القيمة الكبيرة تتأذّى بمجرّد الردّ على القيمة الصغيرة”.

شاء “القوي” أن يخرج من عهده بجرعة امتنان دولي لجهوده بعد توقيع الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الاختلال الإسرائيلي، اتفاق بلا ترتيبات سياسية وبلا مسار تطبيعي، اتفاق فقط يحتاجه لبنان كما أوروبا والغرب.

هذا الاتفاق الذي وصف أنه “أحسن الممكن” الذي اعتبر تنازلاً عن الحق اللبناني،لا يدفع إلى إنكار ما مرّ به اللبنانيون من مآس لا تعد ولا تحصى من الإرهاب إلى انهيار الاقتصاد وتدهور الليرة وتراجع التجارة وضعف المؤسسات الطبية والتعليمية وفقدان الدواء والغذاء.

لبنان لم يكن بخير في عهد ميشال عون لسوء الإدارة والمناكفات وكثرة المؤامرات وتكاثر الأعداء، التي يتحمل العهد وحلفائه جزءاً كبيراً منها إلى جانب خصومه، ولن يكون بخير في المدى المنظور في ظل استعصاء سياسي يُفضي إلى فراغ رئاسي وشلل حكومي وخصومات داخلية لا تنتهي تستجدي لحظة أممية تؤدي إلى تسوية ترمم الوطن المفتت.

انتهى عهد عون من دون تحقيق تعهداته وبفشل تطبيق شعاراته، وهو كما يقول يترك للتاريخ “أن يروي حجم المؤامرات التي حيكت في تلك المرحلة!”.

 

رانيا برو

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى