مجتمع

شارع الكنائس في طرابلس.. اسطورة تنازع!

من المسلّم به تاريخياً أن مدينة طرابلس عاصمة محافظة الشمال اللبناني قد تأسست نحو سبعئة عام قبل الميلاد، وأنه بعد بدء انتشار المسيحية وطأها رسل وتلاميذ للسيد المسيح أثناء رحلاتهم الى روما عاصمة الامبراطورية الرومانية والتي باتت عاصمة الكثلكة وضمها لدولة الفاتيكان.

ولكن الوجود المسيحي في الفيحاء تعزز إبان العهد الصليبي في القرن العاشر حيث يقول المؤرخ الدكتور عمر تدمري “إن أقدم كنائس المدينة يقع بجوار قلعة طرابلس داخل حرم المقابر المارونية، وهي صليبية قديمة من قسمين متلاصقين، بينهما باب مشترك داخلي يؤدي الى خلوتين من الصمت والسكينة والوقار”.


ولكن تاريخ وجود كنائس في المدينة يعود الى العام 1809 حين تم بناء كنيسة مار نقولا للروم الأرثوذكس ومن ثم كنيسة مار جاورجيوس بنيت عام 1862 والكنيستان تقعان في ما بات يعرف بـ “شارع الكنائس” في محلة الزاهرية والتي ارتفع عددها الى خمس وثلاثين كنيسة.

و” شارع الكنائس” ليس هو الوحيد في المدينة الذي يرمز الى الوجود المسيحي فهناك اماكن أخرى عديدة منها: شارع الراهبات”، “شارع مار مارون”، “حارة النصارى”، “حارة السيدة”، “شارع المطرانية” وسواها. وفيها جميعها تتجاور الكنائس والمساجد وتتعانق المآذن والصلبان.

ولكن بعد حرب السنتين التي غلب عليها الطابع الطائفي بدأ التراجع في الوجود المسيحي وفي بناء الكنائس لا بل طغى البناء العمراني على محيط الشارع وبدات العديد من المؤسسات المسيحية بهجرته، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

* “مدرسة الآباء اليسوعيين” (الفرير) أنهت وجودها وانتقلت الى فرعين الأول في بلدة ددّه – قضاءالكورة، والثاني في بلدة كفرياشيت – قضاء زغرتا.
*”مدرسة الآباء الكرمليين” (الطليان) أبقت على وجود محدود وانتقل فرع اساسي منها الى بلدة مجدليا في قضاء زغرتا.
* مطرانية الروم الأرثوذكس التي دُمّر قسم منها اثناء الحرب انتقلت الى محلة الضم والفرز عند مدخل طرابلس الجنوبي.
*مطرانية الروم الكاثوليك أبقت على وجودها ولكنها أسست لمركز لها في بلدة ضهر العين في قضاء الكورة.

الكاهن الارثوذكسي الأب ابرهيم سروج الذي كان يملك أحد اهم المكتبات في شارع الراهبات وتعرضت اكثر من ظرف خاص للحريق والاعتداء قال لـ”احوال”: لا شك في أن بقاء الكنائس في أبهى حلتها في مدينة مثل طرابلس ذات الاكثرية الاسلامية إنما هو دليل الى التسامح والتواصل والود على الرغم من أن بعض المحطات المؤسفة التي لا نرغب في استعادة ذكراها كانت بعيدة من اخلاقيات المدينة وقيمها.

ولذلك يأمل العديد من أبناء المدينة المخلصين أن تحافظ مثل هذه الشوارع على تاريخها بدل أن تنازع في بقائها.

مرسال الترس

مرسال الترس

اعلامي لبناني كتب في العديد من الصحف والمجلات اللبنانية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى